مقالات جان زغيب

لن يستطيع أحد إلغاء التاريخ الماروني في لبنان … بقلم جان زغيب

كثرت المحاولات لتغييب التاريخ الماروني فتوسعت لتطال الوجود المسيحي التاريخي والواقعي. ولكن كيف يُمحى أهل الصمود والمقاومة منذ حوالي 1500 سنة حتى اليوم؟ أهل النسك جعلوا من مغاور الجبال كنائس ومن أدراج الوديان مذابح، قاتلوا، استبسلوا ، استشهدوا وبقيوا. زرعوا الأراضي بعد حرقها. لم يستغنِ عنهم الجزار والقاتل فهم أهل الزراعة والحصاد والعلم والثقافة. جعلوا مناطقهم عاصية امام الفتوحات والحروب. خسروا مرة وربحوا مرات ولم يستسلموا على الرغم من ابادتهم.

عادوا وتكاثروا من جديد مؤمنين بالكيان اللبناني عكس غيرهم الذين أرادوا الخضوع لأحكام خارجية. لا بد من التأكيد ايضا ان جبل لبنان، قلبه بكركي وصرح سيدها هو الهوية المارونية بحد ذاتها حيث قامت المسيحية كلما صُلبت لتعانق آلام المسيح. هم حجر الزاوية في النسك والقومية السريانية، آمنوا بالارض في حين ان المنضمين الى لبنان الكبير لم يؤمنوا بها وظلوا ينتظرون الفتوحات والأسياد والاحتلال. كان المحيط العربي واحة من الرمال فكنا واحة حريّة. كان المحيط مساحة للانغلاق فكنا مساحة تمدّن وثقافة. كان المحيط يعيش الحكم الدكتاتوري فكنا نعيش الجمهورية والتعددية دون مملكة ومماليك. لا يهددنا أحد بأننا أقلية اليوم، فنحن عبّدنا الطريق أمام الطوائف حينما كانوا أقليات.

لا شك ان المسيحيين كما المسلمين انقسموا بسبب محاور اقليمية عربية ودولية تسببت بحروب امتدت لأكثر من 50 عاما فأتت الفتن الطائفية والمذهبية اضافة للتخوين والتطبيع والعمالة وبقيت عناوين لصراعات يبعثها الشيطان كلما توحّد اللبنانيون ولكنهم يستمرون اليوم رغم كل المشكلات بالعيش المشترك والحكم العادل. يتمسك الجميع اليوم بالمسيحيين في دولة عربية على رأسها ماروني من بين كافة الدول العربية الاسلامية. اذ انهم الفاصل بين الفتن المذهبية السنية والشيعية، بين الانفتاح والانغلاق، بين القيادة والتبعية. هم المتمردون على قمع الحريات. ربحوا الحرية حينما حاربوا المرتزقات الخارجية وأبقوها خارجا، ودفعوا الثمن باهظا حينما تحاربوا مع بعضهم البعض ولا تزال ترددات أفعالهم تكسر حاضرهم لتكون امثولة لمستقبلهم. تبرهن الأحداث دوما الا وجود لدولة لبنان دون المسيحيين مؤكدة دون أي شك بانه لن يستطيع أحد إلغاء التاريخ الماروني في لبنان. جان جورج زغيب – خاص موقع جديدنا الاخباري .

زر الذهاب إلى الأعلى