
إذا كان زعيم المعارضة العلمانية في #تركيا قد نجح في إجبار الرئيس رجب طيب إردوغان على خوض دورة ثانية للمرة الأولى على الإطلاق، فإن فرصه في الفوز في 28 أيار تبدو بعيدة المنال.
كان يُنتظر أن يؤدي كمال كيليتشدار أوغلو أداءً جيدًا في الجولة الأولى الأحد، لكن ما حصل عليه كان أقل بقليل من 45 في المئة بينما جاءت نتيجة إردوغان أقل بقليل من عتبة 50 في المئة المطلوبة للفوز.
واليوم يحتاج تحالف المعارضة الذي يضم ستة أحزاب إلى بذل جهود انتخابية تبدو مستحيلة للإطاحة بإردوغان الذي لا يحتاج سوى إلى القليل من الأصوات الإضافية لتمديد حكمه المستمر منذ 2003 حتى عام 2028.
قال ابراهيم كالن المتحدث باسم إردوغان الثلثاء إن “الجولة الثانية ستكون أسهل بالنسبة لنا. هناك فارق من خمس نقاط، نحو 2,5 مليوني صوت. يبدو أن لا إمكانية لسد هذه الفجوة”.
قد يؤدي حشد مزيد من الناخبين الشباب إلى تعزيز فرص كيليتشدار أوغلو، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيفوز بصوتين مقابل صوت واحد لخصمه من أصوات هذه المجموعة.
أكثر من خمسة ملايين شاب كانوا مؤهلين لأن ينتخبوا لأول مرة الأحد ويُرجح أنهم يريدون التغيير، فهم لم يعرفوا أي زعيم آخر غير إردوغان.
حاول كيليتشدار أوغلو وهو موظف حكومي سابق يبلغ من العمر 74 عامًا شد عزيمة مؤيديه الثلثاء برسالة تستهدف الشباب إذ كتب على تويتر “لا يمكنكم تحمل كلفة أي شيء. عليكم حتى التفكير في ثمن فنجان القهوة. لقد سُرقت منكم متعة الحياة بينما يفترض أن يكون الشباب بعيدين عن الهموم. لم يعطوكم ذلك ولا ليوم واحد”.
– تصويت الأكراد –
كما يمكن أن يصوت الأكراد، وهم أقلية عرقية تمثل حوالى 10 في المئة من الناخبين، بقوة لصالح كيليتشدار أوغلو في الدورة الثانية.
أعلن حزب الشعوب الديموقراطي المناصر لقضايا الأكراد في نهاية نيسان تأييده لزعيم المعارضة وهو نفسه كردي علوي ويمثل واحدة من أكثر المجتمعات تعرضًا للاضطهاد في تركيا.
لكن يُعتقد أن نسبة المشاركة الأحد في المحافظات ذات الأغلبية الكردية كانت تحوم حول 80 بالمئة وهو أقل بكثير من المعدل الوطني البالغ 89 بالمئة تقريبًا.
لكن الحصول على دعم كردي أكبر قد يمثل سيفًا ذا حدين يجعل محاولة كيليتشدار أوغلو للوصول إلى السلطة شبه مستحيلة.
كان أحد الخطابات الهجومية التي اعتمدها إردوغان هو ربط المعارضة بحزب العمال الكردستاني المسلح المحظور الذي شن تمردًا مسلحًا ضد الدولة التركية لعقود، وهو خطاب نجح في تأطير القوميين والمحافظين على ما يبدو.
قال سونر كاغبتاي المحلل في معهد واشنطن “بشكل عام، التحالف الانتخابي بين كيليتشدار أوغلو وحزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد أضر به. بقي بعض ناخبي حزب الشعوب الديموقراطي في المحافظات ذات الأغلبية الكردية في منازلهم يوم الانتخابات، بينما تخلى بعض الناخبين القوميين الأتراك عن كيليتشدار أوغلو ولاموه على تحالفه مع حزب الشعوب الديموقراطي”.
حصل سنان أوغان، المرشح القومي، على خمسة في المئة من الأصوات وقد يكون دعمه حاسمًا في الجولة الثانية. وأوغان قومي علماني بعيد عن المحافظين المتدينين الذين يلتفون حول إردوغان.
لكنه شن أيضًا حملة قوية ضد “الإرهاب”، وهي كلمة يستخدمها العديد من السياسيين الأتراك لإدانة الأكراد.
– فرصة أسهل لإردوغان –
قال كورساد إرطغرل من جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة لفرانس برس إن “النزعة القومية المعادية للأكراد للتيار الذي يمثله أوغان… تجعل من الصعب جدًا على كيليتشدار أوغلو إبرام صفقة” معه.
ورأى بيرك إيسين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سابانجي في إسطنبول، إنه حتى لو حصل كيليتشدار أوغلو على دعم أوغان بطريقة ما، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى عزوف الأكراد عن التصويت له.
كما أن تحالف المعارضة الذي يضم ستة أحزاب واختار كيليتشدار أوغلو كمرشح مشترك بعد عام من الجدل المرير، يواجه أيضًا حاليًا تحدي البقاء متحداً بعد خيبة الأمل التي مني بها الأحد.
أشار إمري بيكر من مجموعة أوراسيا الاستشارية إلى أنه “سيكون من الأسهل على إردوغان استمالة الناخبين مما هي الحال بالنسبة لكيليتشدار أوغلو. … ومن المرجح أيضا أن يشارك أنصار الرئيس بأعداد أكبر للتصويت في جولة الإعادة من أنصار كيليتشدار أوغلو مع تراجع زخم المعارضة”.
وأضاف إيسين أن بعد فوزه بنسبة 49,5 في المئة في الجولة الأولى، لا يحتاج إردوغان إلى تقديم تنازلات كبيرة لأوغان للفوز في 28 أيار.
ورجح إرطغرل أن تواصل حملة إردوغان التركيز على القضايا الأمنية، وهي صيغة رابحة بين الطبقة العاملة “القومية المحافظة” في تركيا على الرغم من التأثير الحاد للأزمة الاقتصادية.
وأضاف أن فكرة بناء “تركيا العظيمة” من خلال مشاريع البنية التحتية والاستفادة من “الحساسيات الأخلاقية لدى الأغلبية المحافظة” كانت أيضًا في صميم رسائل إردوغان.
وقال “يبدو أن هذه الحملة (بغض النظر عن صحة التصريحات) لها صدى لدى قاعدته الاجتماعية”.
أ ف ب