
كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
أعراسٌ تعجّ بالمدعوّين، سهراتٌ في عُلب الليل، أعياد ميلاد صاخبة للكبار والصّغار، حفلاتُ وداعٍ للصّيف، ومناسبات أخرى لا تقلّ أهمية يبتكرها اللبنانيّون ويتباهون بها في صور سيلفي وما يُعرف بـGroup Hugs لتمتين أواصر المحبّة والتلاصق الاجتماعي في ظلّ ارتفاع وفيّات وإصابات “كورونا” في لبنان وامتلاء الاسرّة في المستشفيات!
يهلع اللبنانيّون مساء كلّ يوم لدقائق بعد صدور عدّاد “كورونا” عن وزارة الصحّة. يقارنون الاعداد باليوم الماضي، ويكملون حياتهم وكأن لا جائحة في لبنان ولا ضحايا، ولا عائلات تودّع أفراداً منها بعضهم في ربيع أعمارهم. منهم حتّى من بات يسعى لكي يُصاب بالفيروس لكي “يرتاح” منه خلال الاشهر المقبلة متسلّحاً بمناعته التي حاربت أقسى أنواع الانفلونزا والامراض خلال طفولته وصولاً الى مراحل الشباب.
في الواقع، هناك معسكران في لبنان في مقابل “كورونا”. المعسكر الاوّل يتمثّل بالاشخاص الذين تعايشوا مع فكرة الفيروس ولكنّهم لا يزالون يتّخذون أقسى درجات الحيطة والحذر ويلتزمون بإجراءات الوقاية خلال ممارسة نشاطاتهم اليومية الضرورية، ويعتذرون عن حضور المناسبات الاجتماعية التي قد يشكّل تواجدهم فيها خطراً على حياتهم وحياة غيرهم، أمّا المعسكر الثاني فهو مؤلّف من الاشخاص الذين لا يُرعبهم “كورونا” وقرّروا بكلّ بساطة أن يستمرّوا بممارسة حياتهم الطبيعية غير آبهين بما قد يحلّ بهم وبأحبّائهم على قاعدة “أكتر شي مِنموت”.
والاسوأ منهم، هم أولئك الذين أصيبوا بالفيروس، وكانوا محظوظين بما يكفي كي لا تظهر عليهم أي عوارض، فقرّروا الاستمرار بممارسة حياتهم الطبيعية وأعمالهم بحجّة الوضع الاقتصادي الصّعب، فنقلوا العدوى الى محيطهم، ومنهم نذكر مصوّر أعراس رفض الردّ على مكالمات وزارة الصحة والبلدية التي يقطن ضمن نطاقها، وإستمرّ بممارسة هواية ومهنة التصوير في عدد كبير من الاعراس التي أقيمت هذا الصيف.
ويُحكى عن ميكانيكي أصيب بالفيروس ولم تظهر عليه أي عوارض، فقرّر أن يلازم “الكاراج” بدلاً من منزله لاصلاح سيّارات الناس وإفساد صحّتهم، بالاضافة الى عشرات المغتربين الذين لم يحجروا أنفسهم فور وصولهم إلى لبنان، بعدما غلبهم الشوق والحنين الى عائلاتهم، فحملوا الى أحبّائهم وقراهم “أجمل” الهدايا، “كورونا”.
باختصار، مجرمون متسلسلون يسرحون ويمرحون بيننا، حاملين العدوى وغير آبهين بغيرهم، ومنهم من يُعرف طبياً بـSuper Spreader، أي ناقل العدوى بشكل كبير، وهم الذين يمكنهم أن يصيبوا عشرات الاشخاص الذين يتواجدون على مقربة منهم، حتّى من دون أيّ تلاصق أو عطس.
أمام هذا الفلتان يبدو أنّه حان الوقت لكي تُعلن وزارة الصحّة أسماء المُخالفين كما هدّدت، تماماً كما تُنشر أسماء الجناة ومرتكبي مختلف الجرائم التي تحصل في لبنان… أليس ناقل “كورونا” عمداً هو مجرمٌ أيضاً؟