اخبار لبنان - Lebanon News

معارضة فلسطينية لتسليم السلاح: سابق لأوانه وعباس لا يمون!

عماد مرمل – الجمهورية

من المفترض أن تنطلق في منتصف حزيران الجاري طلائع عملية تسليم السلاح الفلسطيني في المخيّمات، بدءاً من مخيّمات بيروت، وفق ما اتُفِق عليه بين المسؤولين اللبنانيِّين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال زيارته الأخيرة لبيروت. لكن هل بدء هذا المسار بات ممكناً على أرض الواقع، أم لا تزال دونه صعوبات وتعقيدات؟

من الواضح حتى الآن أنّ معظم الفصائل الفلسطينية ليست جاهزة بعد لتسليم سلاح المخيّمات، ويبدو أنّه داخل حركة “فتح” نفسها توجد قيادات غير متحمسة للتخلّي عن هذا السلاح قبل التفاهم مع السلطة اللبنانية على سلة ترتيبات متكاملة في شأن وضع المخيّمات على مختلف المستويات.

كذلك، تميل بعض الجهات الفلسطينية إلى استخدام مصطلح تنظيم السلاح بدل تسليمه، ما يفتح الباب أمام اجتهادات عدة حول المقصود من “التنظيم” والحدود التي يمكن أن يصل إليها.

وتؤكّد مصادر قيادية في فصيل فلسطيني أساسي لـ”الجمهورية”، أنّ “أحداً لم يتحدّث معنا بعد في مسألة تسليم سلاح المخيّمات، وإنّما اقتصر البحث في هذا الأمر مع محمود عباس (أبو مازن)”، لافتةً إلى أنّ ذلك لا يكفي، “إذ حتى في حركة “فتح” توجد قيادات ترفض تسليم السلاح”.

وتلفت المصادر إلى أنّ “زيارة عباس للبنان أحدثت شرخاً على الساحة الفلسطينية وفي داخل “فتح” نفسها، لأنّها انطوَت على مقاربة مجتزأة للملف الفلسطيني”. وتقول إنّ “مسألة تسليم السلاح ستتأخّر لأنّ هناك أزمة حقيقية في هذا الشأن داخل “فتح”، بالإضافة إلى أنّ الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية معترضة، بالتالي من السابق لأوانه الحديث عن وضع روزنامة لنزع السلاح”.

وتضيف المصادر، أنّ “تحالف القوى الفلسطينية والجبهتَين الشعبية والديموقراطية والقوى الإسلامية وجزءاً من قيادة “فتح”، يعترضون جميعاً على تسليم السلاح، فمَن الذي سيلتزم بقرار محمود عباس وعلى مَن يَمون أبو مازن؟”.

وتبدي المصادر خشيَتها من مشروع فتنة بين اللبنانيِّين والفلسطينيِّين، مشدّدة على ضرورة “تفادي الإنجرار إلى حرب مخيّمات جديدة”، ومنبّهةً إلى “أنّ من يطلب دخول الجيش إلى المخيّمات من دون تفاهم مع الفصائل وليس مع عباس فقط، إنما يحاول توريط الجيش في فتنة وحرب مخيّمات جديدة. إذ لا توجد ضمانات بألّا يعمد أي أحد مشبوه أو مدفوع إلى إطلاق النار على الجيش وزجّه في مواجهة جانبية”.

وتطالب المصادر القيادية في الفصيل الفلسطيني الأساسي، الجانب الرسمي اللبناني، بإطلاق حوار مع هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، التي تضمّ 20 فصيلاً، حتى تُعالَج كل الهواجس على طاولة الحوار استناداً إلى مقاربة شاملة للملف الفلسطيني تشمل الأبعاد السياسية والإنسانية والاجتماعية والقانونية والأمنية، “أمّا التركيز فقط على السلاح والجانب الأمني، فهو مدخل خطر قد يؤدّي إلى مشكلة نحن في غنى عنها”.

وتروي المصادر، أنّه “جرى عام 1991 تشكيل لجنة من الوزيرَين عبدالله الأمين وشوقي فاخوري، حاورت عن الطرف الفلسطيني كلاً من صلاح صلاح وفضل شرورو، واتُفِق على تسليم السلاح مقابل البدء في إقرار الحقوق المدنية والإنسانية للاجئين الفلسطينيِّين في لبنان، وتمّ بالفعل تسليم السلاح الثقيل والمتوسط في منطقتَي صيدا وصور إلى الجيش اللبناني كهدية، وعندما انتهت عملية التسليم والتسلم رفضت لجنة الوزيرَين الإجتماع مجدّداً مع الوفد الفلسطيني ولم تُقَرّ الحقوق”.

وتضيف المصادر: “لقد أخذنا العبرة من هذه التجربة غير المشجّعة، ولذا نرفض أن تبدأ المعالجة من ملف السلاح، لأنّ قضية اللاجئين ليست أمنية بل سياسية، وريثما يعودوا إلى أرضهم لا بُدّ من ضمان حياة كريمة لهم في المخيّمات”.

وتتشير المصادر إلى أنّ “دخول الجيش إلى المخيّمات سيضعها تحت سيطرة الدولة وضمن نطاق مسؤوليّتها على كل الصعد، الأمر الذي سيؤدّي مستقبلاً إلى إعفاء وكالة “الأونروا” من واجباتها حيال اللاجئين، وسيُلقي العبء على الدولة اللبنانية التي تواجه صعوبات في تأمين متطلبات شعبها. فكيف ستتحمّل مسؤولية نحو 400 ألف فلسطيني؟”.

وتتساءل المصادر: “هل المطلوب أن نسلّم السلاح وتتسلّم الدولة إدارة المخيّمات تمهيداً للتوطين؟ على العقلاء في الجانبَين اللبناني والفلسطيني التنبّه إلى الفخ المنصوب وتفادي الإنزلاق إليه”. وتحضّ المصادر المسؤولين اللبنانيِّين على “التروّي وعدم سلق الأمور”، داعيةً الرؤساء الثلاثة إلى تجميد القرارات المتخذة في شأن السلاح إلى حين إجراء الحوار المشترك وإنجاز تفاهم متكامل حول كل الملفات المطروحة ضمن رزمة واحدة.

وتعتبر المصادر الفلسطينية، أنّ “الحرب لم تنتهِ بعد، ونحن لم نخسر المعركة وما زلنا نقاوم، والمقاومة في لبنان وفلسطين لم تستسلم، بالتالي نرفض أن نُعامَل كما عُومِلت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية”.

وتنتهي المصادر إلى التأكيد أنّها مع تنظيم السلاح في المخيّمات، من خلال التوافق مع الجانب اللبناني تحت سقف احترام السيادة اللبنانية وإقرار الحقوق المدنية للاجئين وتأكيد حق العودة لهم والمحافظة على العلاقات الأخوية بين الشعبَين.

زر الذهاب إلى الأعلى