
لم تكن زيارة وفد كتلة «الوفاء للمقاومة» إلى قصر بعبدا برئاسة النائب محمد رعد، مجرّد تهنئة بروتوكولية للرئيس العماد جوزاف عون بمناسبة عيد المقاومة والتحرير… حزب الله قال ما يريد قوله بهدوء من دون أن يرفع صوته، ثبّت أولوياته، وفتح نافذة حوار مع الخارج قبل الداخل ولكن بشروطه: حفظ السيادة، إنهاء الاحتلال، وقف العدوان، إعادة الإعمار، وملف الأسرى، وبعدها لكل حادث حديث… وعلى حد تعبير مصدر مهم جدا مطلع على اللقاء، فان هذه العناوين تشكّل جوهر موقف وأولويات حزب الله، وجوهر اللقاء الذي جمعه مع عون.
وبعكس ما سُرّب، أكد المصدر ان موضوع سلاح المقاومة لم يطرح بشكل مباشر، فالهدف من اللقاء لم يكن الدخول في نقاشات تفصيلية حول ملف السلاح «فالحزب طلب موعدا من الرئيس لتهنئته بعيد المقاومة والتحرير وليس للحوار أو النقاش حول هذا الملف»… كاشفا ان الرئيس عون طرح مجرد أفكار تتعلق بالسلاح والاستراتيجية الدفاعية وغيرها، لكنها لم ترق إلى مستوى الطرح الكامل… وفي هذا السياق، كشف المصدر انه لم يتم تحديد موعد للقاء جديد بين الطرفين… وفي السياق أيضا، نفى المصدر المطلع نفيا قاطعا أن يكون قد تم البحث بالتفصيل حول ملف السلاح الفلسطيني.
من المؤكد وفقا لكلام المصدر الموثوق جدا ان الزيارة لم تكن تفاوضية وليست كما أكد سابقا للنقاش في ملف السلاح أو للحوار حوله، لكنها بطبيعة الحال لم تكن عابرة، فحزب الله على لسان رئيس كتلته وجّه رسائل سياسية بالغة الأهمية:
أولا: شدّد رعد ردّا على موضوع حصر السلاح بيد الدولة على انه «لا امتيازات تُمنح للدولة من دون واجبات تلتزم بها»، مؤكداً أنّ «التفاهم لا يُبنى إلّا حين تتساوى الالتزامات مع الواجبات»، في رسالة مباشرة إلى أن ملف سلاح المقاومة لن يكون بنداً تفاوضياً خارج المعادلة الثلاثية، وبعيدا عن التزام الدولة بتنفيذ وتطبيق الأولويات التي قدّمها حزب الله للرئيس عون والتي يعتبرها مدخلا إلزاميا للبحث في هذا الملف.
ثانيا: كان رعد حريصا على التأكيد بأنّ المقاومة لا ترى نفسها مقيّدة بتوقيت أو أسلوب طالما هناك متابعة دقيقة من فخامة الرئيس «لا أبواب مغلقة أمام تبادل الأحاديث والأفكار مع فخامته، على أي مستوى من المستويات»، وبهذا الموقف، فتح حزب الله الباب أمام تفاهمات ممكنة مع بعبدا ومن خلالها مع الخارج حول ملفات كثيرة وليس فقط ملف السلاح، ولكن بشروطه وتوقيته وضمن ثوابته التي أعلن عنها، وربما يمكن اعتبار هذا الكلام بحسب العارفين تجاوب من الحزب مع الأفكار التي طرحها عون بخصوص سلاحه، دون أن يعني انها موافقة أو ردّ إيجابي عليها.
ثالثا: صحيح ان الحج محمد رعد اكتفى بالتعليق «بالحفاظ على ما تبقّى من ودّ» ردّا على تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام بشأن «تصدير الثورة الإسلامية»، لكن العارفين يؤكدون بان هذه الجملة وحدها كفيلة بإيصال ما يجب أن يُقال من دون أن يُقال… وقد اختزل فيها رعد موقف حازم جدا من أداء سلام، يذكر بمواقف سابقة له عن ان «الحكومات ليست ثابتة، بل قد تصبح من الماضي».
منال زعيتر – اللواء