اخبار لبنان - Lebanon News

نصيحة من إيران لـ”الحزب”.. لحشر نتنياهو

كتب محمّد شقير في “الشرق الأوسط”:

استبقت القوى السياسية اللبنانية المعنية بالحرب الدائرة بين «حزب الله» وإسرائيل، عودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين، في الساعات المقبلة إلى بيروت، بإشاعة جو من التفاؤل الحذر بالتوصل لوقف النار.

وتقول مصادرها لـ«الشرق الأوسط» إن حظوظ الحل الدبلوماسي لإعادة الهدوء إلى الجنوب تتقدم بشكل ملحوظ على الخيار العسكري، لكن تقدمه بصورة قاطعة يتوقف على مدى استعداد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو للتجاوب مع المسودة الأميركية، وامتناعه عن تفخيخها بوضع شروط تعجيزية على غرار تعامله مع مفاوضات الجبهة الغزاوية الذي أدى إلى انسداد الأفق أمام التوافق على تسوية لإنهاء الحرب.

وكشفت مصادرها أن قيادة «حزب الله» هي المعني الأول بوقف النار، وهي تقف وراء رئيس المجلس النيابي نبيه بري كونه «الأخ الأكبر»، كما قال أمينها العام الشيخ نعيم قاسم، ويحمل تفويضاً لا عودة عنه للتفاوض مع هوكستين، وصولاً لتسوية تفتح الباب أمام وضع حد للتدمير الإسرائيلي الممنهج للجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، ولمسلسل الاغتيالات الذي طال أخيراً في وسط بيروت مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف النابلسي، ومحمود ماضي الذي نفى الحزب، بخلاف ما أشاعته إسرائيل، بأنه يتولى قيادة الجبهة الجنوبية. وتسأل المصادر كيف يتولاها وهو موجود في بيروت في عز اشتداد المواجهة؟ وتدعوها للأخذ بنصيحة كبير مستشاري المرشد الإيراني علي لاريجاني الذي نصحها خلال زيارته الأخيرة لبيروت بضرورة إعطاء فرصة للمفاوضات لعلها تتوصل لوقف النار، إدراكاً منه للوضع المأساوي الذي يتخبط به البلد ويستدعي تضافر الجهود لإنقاذه بوضع حد للعدوان الإسرائيلي.

ومع أن القوى السياسية، بحسب مصادرها، لا تقلل من التباين حول الدول التي تتشكل منها لجنة المراقبة المولجة مواكبة تنفيذ اتفاق وقف النار ونشر الجيش بعد تعزيزه بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» لتطبيق القرار 1701، بما يسمح لها الطلب من الجيش التدخل لمعالجة الخروق في حال حصولها، فإنها لا تجد مشكلة في التوصل إلى تسوية من شأنها أن تقطع الطريق على مطالبة إسرائيل بحقها في التوغل بعمق الجنوب، بذريعة التصدي لمجموعات مسلحة تخطط لشن هجوم على الشمال الإسرائيلي. وهذا يتطلب من الفريقين تقديم التسهيلات المؤدية للتوافق على خريطة طريق لوضع المسودة الأميركية بصيغتها النهائية على نار حامية لتطبيقها.

ولفتت المصادر السياسية إلى أن هوكستين سيلتقي رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون. وقالت إنهم قرروا سلفاً التعامل بإيجابية مع المسودة الأميركية للتوصل لوقف النار. وهذا ما ينسحب أيضاً على «حزب الله» الذي أبلغ بري موافقته المبدئية عليها وتعاطيه بإيجابية مع ما ورد فيها، باستثناء تحفظه عن حق إسرائيل في التوغل بعمق الجنوب. وكان بري السباق في إبلاغ معارضته التدخل الإسرائيلي.

وسألت المصادر عن الدوافع التي أملت على هوكستين العودة إلى بيروت بخلاف ما كان تعهد به بربط عودته بالتوصل إلى اتفاق. فهل لمس إيجابية من إسرائيل واستحصل منها على ضوء أخضر وتبدي استعدادها لتقديم التسهيلات للتوصل لوقف النار؟ خصوصاً أنه أدرج زيارته إلى تل أبيب على جدول أعماله، إذ من المقرر أن ينتقل إليها فور انتهاء لقاءاته في بيروت، ومنها يتوجه إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

هذا في حال أن مساعيه توجت باتفاق غير قابل للنقض من الجهات المعنية ليعلنا معاً التوصل لوقف النار. وقالت إن التفاؤل اللبناني، ولو بحذر، مرده إلى أن بري وميقاتي يتحسبان سلفاً لاحتمال انقلاب نتنياهو على الاتفاق، كما حصل عندما تراجع عن موافقته على النداء الأميركي – الفرنسي في هذا الخصوص، ولا يسقطان من حسابهما بأنه يبدي موافقته في العلن على الاتفاق، ليعود لاحقاً لاتباع سياسة «خذ وطالب»، ظناً منه أنه يستطيع ابتزاز لبنان بفرض المزيد من الشروط التي تلقى معارضة «حزب الله» كونها تطلب منه الاستسلام بدلاً من تأييده للحل الدبلوماسي لوقف الحرب، وبذلك يكون قد تذرع بمعارضته ليواصل حربه التدميرية.

وأكدت أن الضمانات، وإن كانت مطلوبة من إسرائيل بذريعة منع «حزب الله» من إعادة بناء ترسانته العسكرية ولو تدريجياً في جنوب الليطاني، فإن لبنان أولى بها لوقف استباحة إسرائيل لأجوائه، وهو على التزامه بحصر الوجود المسلح بقوى الشرعية لضمان تطبيق القرار 1701 كما يجب، وللمرة الأولى، منذ صدوره عن مجلس الأمن الدولي في 2006 بعد أن تعرض طوال السنوات الماضية إلى خروق متبادلة من إسرائيل و«حزب الله».

ورأت المصادر أن الظروف الإقليمية والمحلية، من وجهة نظر لبنان، مواتية الآن للتوصل لوقف النار. وقالت إن المزاج اللبناني بغالبيته الساحقة يُجمع على إنهاء الحرب اليوم قبل الغد، وأن «حزب الله» ليس في وارد الاستعصاء على إرادة اللبنانيين، وهو يتعاطى بواقعية ومرونة مع الوساطة الأميركية، رغم ما لديه من تحفظات قابلة للمعالجة، خصوصاً أنه توصل إلى قناعة بأنه يكاد يكون متروكاً وحده في المواجهة بعد أن انفض عنه حلفاؤه ولم يبق له سوى بري الذي يقاتل للتوصل لوقف النار.

لذلك يستعد لبنان لاستقبال هوكستين برحابة صدر وإيجابية ويراهن على تفهمه للملاحظات اللبنانية، ويأمل أن تكون طريقه سالكة سياسياً إلى تل أبيب لعله يتوصل إلى اتفاق نهائي لتطبيق القرار 1701، بعد أن حسم «حزب الله» قراره بترجيح الحل الدبلوماسي، وإن كان أبقى على كلمة الفصل للميدان، من دون أن يسقط من حسابه نصيحة لاريجاني الذي نقلت عنه المصادر تأييده بلا تردد لوقف النار لحشر نتنياهو في الزاوية وإسقاط التذرع بموقف طهران ليمضي في حربه التدميرية للبنان.

زر الذهاب إلى الأعلى