ي الوقت الذي تتسارع فيه الخطوات للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، بوساطة من الولايات المتحدة، صعّدت إسرائيل عملياتها العسكرية إلى مستوى وُصف بأنه “غير مسبوق”، مما يثير تساؤلات بشأن ما إذا كانت قد “وسعت قاعدة الاستهدافات”، والهدف وراء ذلك.
وأوضح رئيس قسم الأبحاث في منتدى الدفاع والأمن بتل أبيب، أور يساكر، في حديثه إلى قناة “الحرة”، أن الجيش الإسرائيلي “مستمر في عمليات التوغل في جنوب لبنان واستهداف البنى التحتية لجماعة حزب الله، إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يضمن سلامة سكان شمالي إسرائيل بشكل دائم”.
ورغم ما اعتبره “تكلفة عالية” تدفعها إسرائيل من خلال مقتل جنودها في جنوب لبنان، أكد يساكر أن الجيش الإسرائيلي “قصف أهدافا في الآونة الأخيرة في مناطق تعرضت للغارات لأول مرة، مما يشير إلى توسيع قاعدة الاستهداف، ووضع مزيد من الضغوط على الأطراف في لبنان”.
واعتبر المحلل الإسرائيلي أن حزب الله “يريد وقفا لإطلاق النار مع استمرار تهديده للمدنيين في إسرائيل”، مؤكدا على “رفض ذلك بشكل قاطع”.
وتابع: “حزب قد يعيد تنظيم صفوفه وإعادة التسليح خلال 5 إلى 10 سنوات، وذلك رغم الضربات القاصمة التي تعرض لها، وهذا أمر غير مقبول لنا.. وواشنطن وباريس يتفقان معنا بشأن هذه المسألة”.
قال بيان صادر عن المكتب الإعلامي لقوات الطوارئ الدولية، الأحد، إن دورية تابعة لليونيفيل تضم جنود حفظ سلام فرنسيين وفنلنديين تم “استهدافها من الخلف” بنحو 40 إطلاقة أثناء قيامها بواجباتها في قرية بدياس بعد ظهر السبت.
ولفت إلى منطقة جنوب لبنان حتى شمالي نهر الليطاني يجب أن تكون منزوعة السلاح، مضيفا: “وقف إطلاق النار هو المرحلة الأولى، لكن في المرحلة الثانية يجب على لبنان أن ينبذ حزب الله، وألا يكون جزءا من الحكومة، وأن ينتهي النفوذ الإيراني المفروض على البلاد منذ نحو 20 عاما، وذلك حتى يحل السلام بشكل مستدام”.
وأعرب يساكر عن ضرورة أن يمتلك الجيش اللبناني “الكفاءات والإمكانيات اللازمة لجعل جنوبي البلاد منطقة منزوعة السلاح”.
“مقاومة دبلوماسية”
في المقابل، قال الكاتب والباحث السياسي، رضوان عقيل، لقناة “الحرة”: “نشهد تصعيدا خطيرا بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي باستهداف بيروت، لاسيما بعد قصف محلة مار الياس، ليلة الأحد، وذلك يتنافى مع الضمانات الدولية بضرورة عدم استهداف العاصمة اللبنانية”.
ورفض عقيل “التشكيك بقدرة الجيش اللبناني على بسط سيطرته على جنوبي البلاد”، مشددا على أن المؤسسة العسكرية “محل ثقة عند جميع الأطراف المحلية، بما فيهم بيئة حزب الله، والإدارة الأميركية تعرف أن هذا الجيش هو جيش وطني قادر على تنفيذ مهامه”.
واعتبر الباحث اللبناني أن بدء المرحلة الثانية من التوغل البري الإسرائيلي وتكثيف الغارات الجوية على الضاحية الجنوبية وبيروت، وصولا إلى مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف، تهدف إلى “الضغط على لبنان للقبول بمسودة المقترح الأميركي بكافة بنوده، ودون الاعتراض على أي شيء فيه”.
أفادت مصادر إسرائيلية للحرة، الأحد، أن الجيش الإسرائيلية أنهى نشاطاته في “الخط الأول” من البلدات الحدودية اللبنانية، وبدأ في التقدم إلى “الخط الثاني” منذ الأسبوع الماضي.
وزاد: “بالتأكيد لبنان لن يوافق على ذلك مهما تلقى من ضربات، وعندما نسمع أنه يتم استهداف الضاحية الجنوبية، يجري تصوير الأمر على أنها ثكنة عسكرية، بينما جرى، الأحد، استهداف منشآت مدنية سكنية، وذلك يهدف بالطبع إلى قتل الحياة اليومية عند الشعب اللبناني”.
وأضاف: “عندما يتم أيضا استهداف محلة مار الياس في بيروت، التي يقطنها سكان من جميع الطوائف، فإن ذلك يعني أن الجيش الإسرائيلي يستهدف كل المدنيين بمختلف انتماءاتهم، وهذا يضعنا أمام تطور خطير”.
وزعم عقيل “أن (المقاومة) في جنوب لبنان مستمرة في مواجهة الجيش الإسرائيلي، والبنية العسكرية لحزب الله لا تزال متماسكة رغم الضربات القاسية التي تعرض لها”.
وتابع: “لبنان يقاوم عسكريا ودبلوماسيا، وهذا ما سيسمعه المبعوث الأميركي عاموس هوكستين، عندما يزور بيروت”.
يأتي هذا فيما أوضحت مصادر مطلعة لـ”الحرة”، الإثنين، أن رد لبنان على مسودة مقترح وقف إطلاق النار التي تسلمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، من السفيرة الأميركية ليزا جونسون، “تضمن الموافقة على معظم البنود، مع إبداء ملاحظات وتعديلات على تشكيل لجنة المراقبة”.
وأشارت المصادر للحرة، إلى أن لبنان “طالب بأن تقتصر تلك اللجنة على مشاركة أميركية فرنسية، على غرار ما حدث في تفاهم وقف إطلاق النار الذي جرى إبرامه عام 1996″، الذي أنهى جولة من القتال بين الجيش الإسرائيلي وجماعة حزب الله، المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية.
الحرة