تعرفوا الى الذكاء الاصطناعي السيادي : السباق نحو المستقبل … وفي لبنان : تُدار المعاملات والبيانات يدويا
منصة The News Jadidouna
في السنوات الأخيرة، بات الذكاء الاصطناعي السيادي مفهومًا يحظى بأهمية متزايدة على مستوى الدول الكبرى. يهدف هذا النوع من الذكاء الاصطناعي إلى تمكين الدول من السيطرة على مواردها وبياناتها بشكل مستقل، بعيدًا عن تأثير الشركات الكبرى أو الدول الأخرى. يعكس السباق نحو تطوير الذكاء الاصطناعي السيادي سعي الدول للسيطرة على أهم الأصول الاستراتيجية في القرن الحادي والعشرين: البيانات والتكنولوجيا. هذا السباق ليس فقط حول التفوق التقني، بل أيضًا حول الحفاظ على السيادة الوطنية والاستقلال الرقمي.
السباق العالمي نحو الذكاء الاصطناعي السيادي
أصبحت الدول تدرك أن الذكاء الاصطناعي يمثل قوة هائلة، وتعتبر القدرة على تطوير نظم الذكاء الاصطناعي المستقلة جزءًا من استراتيجياتها لتعزيز أمنها القومي. فالتحكم في الذكاء الاصطناعي يعني القدرة على توجيه نظم الأمن والدفاع، تعزيز الاقتصاد الرقمي، وإدارة موارد الدولة بشكل فعال. على سبيل المثال، تمتلك الصين نظامًا بيئيًا رقميًا يغطي جميع جوانب الحياة الرقمية تقريبًا، مما يتيح لها استقلالية تقنية واسعة. أما الاتحاد الأوروبي، فيسعى من خلال سياسات مثل “اللوائح العامة لحماية البيانات” (GDPR) إلى ضمان بقاء بيانات مواطنيه محمية ومحمية من تأثير الشركات الكبرى أو الدول الأخرى.
فوائد الذكاء الاصطناعي السيادي
يمكن تلخيص فوائد الذكاء الاصطناعي السيادي فيما يلي:
الأمن السيبراني: ضمان حماية بيانات المواطنين والبنية التحتية الحيوية من الهجمات السيبرانية.
التقدم الاقتصادي: توجيه التكنولوجيا لدعم القطاعات الاقتصادية الحيوية.
الاستقلالية في صنع القرار: تعزيز استقلالية الدول في اتخاذ قراراتها بدون الاعتماد على جهات خارجية.
لبنان وتحديات الحوكمة الرقمية
في مقابل هذه التحركات العالمية، نجد لبنان غارقًا في أزمات الحوكمة وضعف البنية التحتية التكنولوجية ما قبل الحرب بين اسرائيل وحزب الله. وعلى الرغم من الحاجة الملحة إلى المكننة والرقمنة، إلا أن لبنان يفتقر إلى سياسات تقنية واضحة ورؤية استباقية لمستقبل الذكاء الاصطناعي. وبسبب السياسات العثمانية القديمة والقوانين المسنة على قياس المسؤولين تبقى مؤسسات الدولة متهالكة، حيث تُدار معظم المعاملات والبيانات بطريقة يدوية وتفتقر إلى الأتمتة.
كما أن الاعتماد على الأنظمة التقليدية يعوق لبنان عن الاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي، فالدولة تفتقر إلى قاعدة بيانات رقمية موحدة، مما يجعل من الصعب استخدام نظم الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمن، الصحة، والتعليم، كما هو الحال في الدول الأخرى.
مقارنة مع الدول المتقدمة
بينما تتنافس الدول المتقدمة في السباق نحو الذكاء الاصطناعي السيادي، يفتقر لبنان إلى أبسط المقومات الأساسية. هذا التأخير يحرم لبنان من فرص عديدة في استثمار الذكاء الاصطناعي، الذي يمكن أن يسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتحسين الخدمات الحكومية، وتخفيض التكاليف التشغيلية وذلك قبل الحرب التي ستنهي الفوضى القائمة على مستوى البيانات والعمل المؤسساتي.
في النهاية، يحتاج لبنان إلى استراتيجية واضحة للذكاء الاصطناعي بعد انتهاء الحرب والذهاب الى تطوير البنية التحتية الرقمية وتفعيل الحوكمة الرقمية.
منصة The News Jadidouna