خسائر إقتصادية باهظة للبنان جرّاء أزمة المحروقات!

دون شك، دخل الإقتصاد اللبناني في عمق النفق المظلم مع وصول أزمة المحروقات وتحديداً البنزين إلى ذروتها، مع إعلان كبرى الشركات عن اقفال محطاتها في لبنان. فإن كان المازوت سيبقى متوفرا بحدود دنيا بعد فتح مصرف لبنان اعتمادات له، ففقدان البنزين نتيجة نفاذ المخزون وإقفال محطات المحروقات سيشلّ الحركة الإقتصادية بشكل كامل إذ سيعطّل الكثير من المرافق والخدمات ويعيق وصول الموظفين إلى مراكز عملهم.
وفي هذا الإطار، كشف مدير الأبحاث لدى اتحاد البورصات العربية الدكتور فادي قانصوعن “إن الانعكاسات الاقتصادية لفقدان البنزين والمازوت قد تكون باهظة الثمن إذا طالت الأزمة، إذ تقدّر الخسائر الناجمة عن الإغلاق التام للبلاد بحوالي 350 مليار ليرة يومياً، إذا ما قدّرنا حجم الاقتصاد بحوالي 95 ألف مليار ليرة خلال العام 2021 محتسبة على أساس 270 يوم عمل في السنة، وبالتالي فإن تأزم قطاع المحروقات والطاقة قد يسبّب خسائر بما لا يقل عن 250 مليار ليرة يومياً (13.5 مليون دولار على سعر صرف 20 الف ليرة للدولار) نظراً لدوره الشمولي والحيوي في تحريك العجلة الاقتصادية”.
وشدد قانصو على “أن المطلوب اليوم الإسراع في اتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بعملية رفع الدعم الجزئي أو الكلّي عن المحروقات بالتزامن مع إصدار بطاقات تمويلية مخصّصة للأسر الأكثر حاجة، لعلّ ذلك يقضي على شهية المهرّبين والمخزنين، ونشهد بعض الإنفراج في أزمة الطوابير”.
كيف نشأت الأزمة؟
وأشار قانصو إلى أن “لبنان شهد هذا العام أزمة محروقات مخيفة أدّت إلى طوابير “ذلّ” على مساحة كل لبنان، وهو أمر بديهي مع تراجع الإحتياطيات الأجنبية وعدم قدرة مصرف لبنان على تمويل استيراد المشتقات النفطية من فيول أويل ومازوت وبنزين وغاز، والتي تُقدّر قيمتها بين 3 و4 مليارات دولار سنوياً”.
وأوضح قانصو أن ” أزمة المحروقات بدأت عندما بدأ مصرف لبنان عملية تقنين فتح الإعتمادات المطلوبة لإستيراد هذه المواد. وبعد استفحال الأزمة في الأشهر الماضية، تمت الموافقة على اقتراح مصرف لبنان برفع جزئي للدعم عبر استيراد كميات شحيحة من هذه المشتقات على أساس سعر صرف 3900 لفترة زمنية قصيرة، قبل أن يعلن المركزي مؤخراً عن رفع تام للدعم عن المحروقات، دون أي اتفاق مسبق مع وزارة الطاقة ودون أي بديل مقترح”.
وقال قانصو: “في ظل عدم التوصل لغاية هذه الساعة إلى اتفاق بين مصرف لبنان ووزارة الطاقة حول آلية الاستيراد والتسعير للمشتقات النفطية، شهدنا خلال الأيام المنصرمة تفاقم حادّ لأزمة المحروقات نجم عنها شحّ ملحوظ لمادتي البنزين والمازوت، ما دفع بالشركات المستوردة للمحروقات إلى إبلاغ المحطات التي ينفذ مخزونها بوجوب اغلاق أبوابها وتفكيك آلات التعبئة، وهو ما يشبه إلى حدّ كبير قرار الإقفال التام للبلاد جراء جائحة كورونا، فالمحروقات مادة حيوية وذات أهمية مطلقة لناحية إستدامة العجلة الإقتصادية، لاسيما على صعيد قطاعات الصناعة والزراعة والإنتاج بكافة أشكاله، إضافةً إلى قطاع النقل، من سيارات للأجرة ونقل للبضائع وخدمات التوصيل أو الديليفيري، إضافة إلى تأثيرها المباشر على قدرة الموظفين على الوصول إلى مراكز أعمالهم”.
وشدد قانصو على أن “رفع الدعم عن المحروقات من شأنه أن يرفع كلفة الإنتاج الصناعي بنسب متفاوتة، فالمصانع التي تستخدم المازوت، إمّا لمولداتها الكهربائية، وإما للإنتاج ستشهد منتجاتها إرتفاع كبيرا في أسعارها. علما أن الأمر يختلف بين قطاعٍ وآخر، فنسبة كلفة المحروقات على منتج معيّن تتراوح بين 5% و35% من مجمل كلفته، وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات سيختلف بإختلاف هذه النسبة”.
كما لفت قانصو الى ان “رفع الدعم سيحمل تداعيات سلبية على سعر صرف الدولار في حال لجأت الجهات المستوردة للمحروقات إلى السوق السوداء لشراء الدولار”.
Lebeconomy