“الأطراف اللبنانية يقولون الشيء ويأتون عكسه في آن معاً”… هذا ما قالته مصادر ديبلوماسيين غربيين!

الجمهورية
لخّصت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” اجواء الديبلوماسيين الغربيين بالآتي:
أولاً، استبعاد تشكيل حكومة في لبنان ما قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية.
ثانياً، «الظرف الطارئ» في لبنان، في ظلّ الفشل في تشكيل حكومة جديدة، وامام الوضع الاقتصادي والمالي الحرج في لبنان، يستدعي ان تكون الحكومة، وحتى ولو كانت مستقيلة، أكثر حضوراً وفعالية لمواكبة شؤون الداخل.
ثالثاً، الفرنسيون كانوا جادّين في مسعاهم لإنقاذ لبنان، وهم يشعرون بخيبة كبرى جرّاء تفشيل مبادرتهم، وهم حالياً في حالة انكفاء إرادي، ولا يوجد حتى الآن قرار لدى الرئيس ايمانويل ماكرون بتدخّل وشيك.
رابعاً، المجتمع الدولي، والاوروبي تحديداً اعطى للقادة في لبنان، كل القادة من دون استثناء، فرصة لإنقاذ بلدهم عبر المبادرة الفرنسية، ولكنّهم أضاعوها، برغم علمهم أنّ لبنان في وضع انهيار.
خامساً، مشكلتكم في لبنان، انّ القادة عندكم وسائر الاطراف ايضاً، يقولون الشيء ويأتون عكسه في آن معاً، مشكلتكم في الكلام الكثير الذي لا يتوقف عندكم، ولكن بلا أي فعل، ولذلك، أثره الشديد السلبية لدى المجتمع الدولي، الذي تبعدوه بسلوككم عنكم. فلقد طالبكم المجتمع الدولي باتباع خطوات صحيحة، وبإجراء اصلاحات سريعة، تفتح لكم الباب سريعاً الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والفرنسيّون كانوا الاكثر تعبيراً، سواء عبر الرئيس ماكرون، او عبر وزير خارجيته جان ايف لودريان بقوله، «ساعدوا انفسكم لنساعدكم»، وانكم بسياستكم ومنحى الفساد الذي تسلكونه، ستصلون بلبنان الى لحظة لا يبقى فيها موجودًا، الى حدّ أنّه قد يفقد وجوده كوطن. ولكن بدل أن تستجيبوا لهذه المطالبات وتقدّموا اشارات ايجابية تعيد ثقة المجتمع الدولي بكم، بقيتم على ذات السلوك، فما زالت الممارسات نفسها مستمرة على ما كانت ولم يتغيّر شيء.
سادساً، المجتمع الدولي ما زال معكم، ويعتبر انّ ابواب العلاج لم تُقفل بعد امام الاتفاق على تشكيل حكومة ضمن مهلة الاسابيع الستة التي حدّدها الرئيس ماكرون، تطبّق بصورة عاجلة برنامج المبادرة الفرنسية، من دون أيّ عوائق في طريقها، ولكن، إن لم تتحرّكوا هذه المرة في هذا الاتجاه، فلن تجدوا احداً في العالم يقف معكم وستصبحون وحدكم.
سابعاً، ثمة معطيات تؤكّد انّ دفعة من العقوبات الاميركية ستصدر في المدى المنظور، وستأتي بوتيرة قاسية، ضدّ من يسمّيهم الاميركيون حلفاء «حزب الله» وداعميه.
تحذيرات
على انّ هذه المآخذ والتحذيرات الاوروبية، تتلاقى مع تحذيرات من واقع اسود ينتظر لبنان، يطلقها خبراء اقتصاديون وماليون، استوضحتهم «الجمهورية» حول صورة الوضع. فتكوّنت الخلاصات الآتية:
اولاً، «لا توجد في لبنان قيادة تدير الامور بحكمة، في وقت اصبح هذا البلد على النَفَس الأخير، وقد وصل الى آخر الطريق، وصار مطلًّا على لحظة الحقيقة، والحقيقة هنا هي الانهيار الشامل، فالدولار والعملات الصعبة تشحّ، ولا توجد يد ممدودة للبنان، الدولة مشلولة، الممارسات هي ذاتها، ولا توجد حكومة، بل فراغ واصطفافات واشتباكات، وكل شيء في خطر، خزينة الدولة مفلسة، المصارف مربكة، قوت الناس في خطر، والمعاشات في خطر، والأزمة القاسية ليست هي التي يعيشها لبنان واللبنانيون حالياً، بل هي لم تأتِ بعد، وما يعاني منه لبنان واللبنانيون من وجع الآن لا يُقاس مع ما هو آتٍ».
ثانياً، «إنّ لبنان لا يستطيع أن يبقى على ما هو عليه، ولطالما حذّرنا السلطة من أنّ كل يوم في لبنان سيكون أسوأ من اليوم الذي قبله، ومن انّ الانهيار آتٍ حتماً، وثمة فرصة وحيدة امامه، تكمن في تشكيل حكومة، أيّ حكومة، تتخذ قرارات سريعة وإصلاحات جدّية اسرع، فذلك يؤدي حتماً الى كبح عجلة الانهيار».
ثالثاً، «إنّ أقل البديهيات لدى السياسيين هو ان يسارعوا الى اتخاذ القرار الفوري بتوفير العلاج، وهذا ما سبق واكّد عليه، وما زال، المجتمع الدولي، ومختلف المؤسسات المالية الدولية، التي تجمع بأنّ ليس امام لبنان سوى سلوك هذا السبيل، الذي بالتأكيد سيوجد أملاً للبنان في أن ينهض من جديد، حتى ولو لم يكن هذا النهوض وشيكا».
رابعاً، «إن ما يتصف بالاهمية والمسؤولية والضرورة الملحة، هو أن يوضع لبنان على السكة العلاجية، لكن هذا العلاج لن يتمّ بكبسة زر، بل سيستغرق وقتاً طويلاً، بالنظر الى عمق الازمة وارتداداتها التي ارهقت كل القطاعات، ولعل السبب الاساس هو المداواة بالمسكّنات او ما سُمّيت بـ»الهندسات»، على ما كان سارياً في العهود السابقة، فهذه المداواة، كانت الخطيئة الكبرى والفظيعة، التي ارتُكبت بحق لبنان واللبنانيين، وجعلت البلد امام خيارين اثنين لا ثالث لهما؛ إما أن ينتهي وينهار، وإما أن يخضع فوراً لعملية جراحيّة انقاذية، بالتأكيد سيكون فيها الكثير من الوجع على كل المستويات، لكنّها الوحيدة المتاحة لكي تُخرج لبنان رويداً رويداً، من النفق، وتوصله في النهاية الى الشفاء، الذي سيتطلّب بلوغه الكثير من الصبر من قِبل اللبنانيين».