تحدثت الاختصاصية في الأمراض الباطنية والحادة بجامعة بيرمنغهام في بريطانيا الدكتورة نهال أبو سيف، عن السقف الزمني المتوقع للوصول إلى علاج لفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، وذلك في حوار خاص للجزيرة نت.
وتطرقت الاختصاصية إلى أسباب حالة الهلع التي انتابت العالم، وعن الفترة الزمنية قبل أن يبدأ المرض بالانحسار.
أين وصلت الأبحاث الطبية للوصول إلى علاج لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)؟
حتى الآن لم يتم اكتشاف أي مصل ضد الفيروس، لكن الأبحاث مستمرة، وحاليا تم التوصل لستة لقاحات يمكن أن تؤدي للعلاج من كورونا، وهذه اللقاحات استُخرجت من فيروسات سابقة مثل السارس وأيضا من بعض الأمصال المستعملة في الإنفلونزا، لأنها جميعا تنتمي لنفس عائلة كورونا.
وهناك واحد من هذه الأمصال أظهر نتائج مبشرة في قدرته على محاربة فيروس كورونا المستجد، والمختبر الذي يعمل عليه موجود في بريطانيا وزاره رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وإذا سار كل شيء بخير فيمكن الوصول للعلاج بعد شهرين، وفي أسوأ الأحوال قبل نهاية السنة.
في حال نجاح المصل في محاربة فيروس كورونا، متى يمكن أن يصل للناس بغرض العلاج؟
أولا يجب تجريبه على الحيوانات ثم بعد ذلك على حالات محدودة من الأشخاص، قبل أن يصل للمرحلة الثالثة التي يمكن فيها استخدامه للجميع، ولا بد من مدة شهر على الأقل للانتهاء من التجارب الأولية، لأنه يجب التأكد من سلامته وألا تكون له أي خطورة أو أعراض جانبية، هذا إضافة إلى وجود احتمالات قوية بأن فيروس كورونا سينحسر انتشاره مع أول شهور الصيف.
والتوقعات التي لدينا أن عدد الإصابات سيتراجع بحلول مايو/أيار ويونيو/حزيران، وبقي فقط الأسبوعان القادمان اللذان سيصل فيهما انتشار الفيروس لمستويات غير مسبوقة، وذلك لأن فترة حضانة الفيروس التي تمتد أسبوعين ستنتهي وتظهر الحالات الجديدة، والدليل أن عدد الحالات التي تم اكتشافها ارتفع خلال الأيام القليلة الماضية بنسبة 200%.
هناك تضارب بين المؤسسات الصحية عبر العالم حول التاريخ المحتمل لظهور العلاج، فما السبب؟
بحسب المعطيات التي اطلعت عليها، أتوقع ظهور علاج الفيروس خلال هذه السنة، فمنذ ظهور الفيروس الذي أثر على كل مفاصل الحياة، والصين في طليعة الدول التي تبذل كل جهودها للوصول إلى علاج له، وبالنظر للأبحاث التي تقوم بها كبرى المختبرات في العالم، لا أعتقد أن العلاج يمكن أن يتأخر إلى العام القادم.
الجميع يتحدث عن أن أعراض كورونا شبيهة بأعراض الإنفلونزا، فكيف يمكن للإنسان العادي أن يميز بينهما؟
ما يجعل من الصعب اكتشاف فيروس كورونا المستجد هو أنه ليست له أعراض مميزة جدا مقارنة بالإنفلونزا العادية، لأن الأعراض الأساسية هي ارتفاع درجة الحرارة وآلام الرأس وأوجاع العضلات والسعال، وهذه الأعراض يمكن أن تظهر على أي مصاب بالإنفلونزا.
ولهذا عندما يصلنا أي شخص نقوم أولا بتحليل إن كان مصابا بالإنفلونزا عن طريق أخذ عينة من لعابه، وفي خمس دقائق نعرف إن كان مصابا بها، وإذا أظهر التحليل أنه لا يعاني من الإنفلونزا حينها ننتقل للبحث إن كان مصابا بفيروس كورونا، وأول الذين نشتبه بهم هم العائدون من السفر، ولكن هذه الأيام وصلنا تحذير بأنه يمكن أن ينتشر حتى بين الذين لم يسافروا خارج البلاد.
كيف يتم تشخيص حالات المصابين بفيروس كورونا عند وصولها إلى المستشفى؟
نأخذ عينة من الحلق وعينة من الدم، ويتم اختبارهما عن طريق البحث في الأجسام المضادة التي يفرزها الجسم ضد هذا الفيروس، ولا نبحث عن الفيروس نفسه لأن هذا يحتاج مجهرا رقميا لا يتوفر في جميع المستشفيات، وهذه المضادات لا تظهر إلا بعد أسبوعين من مرحلة كمون الفيروس، لكن عندما يبدأ في التغلغل فإنه يسيطر على خلايا الجسم ويجعلها تنتج نسخا أخرى من الفيروس فيزيد عدده، وهذا ما يجعل الجسم يفرز هذه المضادات الطبيعية وهي التي نقيسها في الدم.
عندما يتم الكشف عن مصاب بالفيروس، ما الإجراءات التي يتخذها الأطباء؟
البروتوكول الذي يتم اتباعه بحسب وزارة الصحة البريطانية، هو أن المصاب يعود فورا إلى البيت من أجل عزل نفسه -ما لم تكن لديه أعراض الالتهاب الرئوي- بحيث عليه أن يعزل نفسه في غرفة مغلقة واحدة ولا يخرج منها، ومن الجيد أن يكون فيها حمام، وأن يتجنب الخروج أو الاحتكاك بأي شخص، وأن يستعمل مواد التنظيف خاصة به، وكل الأشياء التي يستعملها أثناء المرض عليه التخلص منها فيما بعد، فليس هناك أي دولة في العالم قادرة على استقبال كل المصابين بالفيروس، وأولوية الاستقبال في المستشفى تكون لمن يعانون من التهاب رئوي حاد، أو من أمراض مزمنة مثل القلب أو السكري أو السرطان.
هل صحيح أن الأشخاص ما دون الشيوخ يتعافون بسرعة من الفيروس؟
بالنسبة للناس العاديين فإن مدة الإصابة بالفيروس هي أربعة أيام إلى خمسة، وبعدها يعود الإنسان طبيعيا، والشباب والأطفال خصوصا قادرون على استحمال الفيروس بسهولة وكأنهم يعانون من الإنفلونزا العادية، أما المتقدمون في السن إضافة لمرضى ارتفاع ضغط الدم والقلب والسكري، فهؤلاء يحتاجون إلى رعاية خاصة.
ما عدا هذه الفئات، فالبقية يتماثلون للشفاء بشكل طبيعي، دون أي تدخل طبي، مع الإكثار من شرب السوائل وتناول البروتينات والأغذية التي تقدم الطاقة للجسم.
لماذا إذن حالة الهلع التي تجتاح العالم بسبب الفيروس؟
حالة الخوف مصدرها سماع الناس عن عدد الوفيات التي تسبب بها هذا الفيروس، وهذا ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى التأخر في الإعلان عن حالة الطوارئ مع بداية ظهوره إلى أن تفشى في بقية دول العالم، وتبقى نسبة الوفيات به ما بين 2% و3%، علما بأن نسبة وفيات فيروس السارس كانت 10%.
ولهذا يجب طمأنة الناس مع التأكيد على أهمية الوقاية من خلال الاهتمام أكثر بالنظافة وغسل اليدين، وهنا أشير إلى أن غسل اليدين بالماء والصابون هو الأكثر نجاعة، وفي حال لم يتوفر حينها يمكن استعمال الكحول لليدين.
الجزيرة