
كتب زياد الصائغ في موقع MTV:
الفاتيكان ينتفض للبنان الرّسالة. ديبلوماسيّته الصّامتة الفاعِلة قائمةٌ في قِيَم الحُريّة والعدالة وحقوق الإنسان حيث بوصلة كرامة الإنسان تبقى البُنية المؤسِّسة في انخراطه في المجال على أنّه خيرٌ عام.
الفاتيكان ينتفض لنُبل القضيّة اللبنانيّة ولِفرادة الهويّة اللبنانيّة. إستياءٌ كبير عبّرَت عنه رسائل وزيارات ولقاءات مباشرة وغير مباشرة وجّهها الكرسي الرسوليّ للمسار الانتحاريّ الذي تفرِضه المنظومة السياسيّة على اللبنانيّين. لم ينتفض ولن ينتفض الفاتيكان ضدّ أحد. همّه لبنان وجميع اللبنانيّين من دون استثناء ومن دون تمييز. لكنّه حتماً يسأل لِم يضع البعض من أبنائه أنفسهم في موقع العداء لثوابت قيمه التّاريخيّة.
منذ قيام لبنان الكبير 1920، ويُمكِن الاطلاع على وثائق فاتيكانيّة بعيدة عن أن نحصرها عدّاً، مُنذها كان يعني الفاتيكان النموذج اللبناني في العيش معاً. وقف منذها في وجه “المعازِل” و”الغيتوات”. ديناميّته الديبلوماسيّة تحرّكت باتّجاه هذا العيش معاً.
صحيحٌ أنّ خيباتٍ كثيرة واجهتها هذه الديبلوماسيّة الأخلاقيّة مع مصالح دوليّة وإقليميّة وداخليّة تقاطعت فيما بينها لتغتال نُبل القضيّة وفرادة الهويّة. لكنّ هذه الخيبات لم تَقطع دابِر الرجاء بإمكان استنهاض كُتل حرِجة في مفاصل تاريخيّة لاستعادة المبادرة. لم يعُد من حيِّزٍ للمربّعات الرماديّة.
لبنان الكبير في هذه الانتفاضة الصامتة للفاتيكان في خطر كيانيّ داهِم. سِمات الخطر الكيانيّ الدّاهِم تبدأ من زجِّه في سياسة المحاوِر، وتمرّ بتدمير مقوّمات صموده بالفساد، وتخلُص بإذلال اللبنانييّن بلُقمة عيشهم. التفرُّج على الخطر الكياني ضدّ ضمير الإرشاد الرسولي “رجاء جديد للبنان”.
لا بُدّ من تفعيل محرّكات الإنقاذ. ليس التّدويل هنا ترفاً في خيار. الاستنقاع الداخلي في تشخيص التعقيدات ورّطنا بالأفُق المسدود وأطلق علينا فيه عبثيّون رصاصات قاتلة. نحتاج فتح ثغرة في جدرانٍ حديديّة فيها تعليق الدّستور، والانصياع لميزان قِوى مختلّ، إلاّ من تقاسم المصالح الضيّقة.
ديبلوماسيّة الفاتيكان ضمير لبنان الرّسالة. يعنيها سلام لبنان، وقيمة إنسانه، وحوكمة سليمة للتعدّديّة.
هل يلاقيها اللبنانيّون في جبهة مدنيّة وطنيّة تعيد الاعتبار لانطلاقة نحو مئويّةٍ ثانية ثابتة في التعاضد والعيش معاً ضمن دولة المواطنة والسّيادة والحياد الايجابيّ حيث الدّستور والقانون يسودان؟