إلى الحكومة الجديدة: إفعليها.. واصدمي العالم!

كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:
تشخص الأنظار إلى الحكومة المولودة حديثا بعد طول مخاض، وإلى ما ستنجح أو تخفق في فعله، هي التي ستحمل هموم ومصائب اللبنانيين الكثيرة. أولى المطبات التي ستعترضها ستكون صياغة البيان الوزاري، الذي شكل دائما مادة خلافية في البلاد، مع الانقسام الحاد في وجهات النظر، إن بالنسبة للمقاومة وسلاحها، وإن في ما يتعلق بالنأي بالنفس وتدخّل لبنان في الصراعات الخارجية.
في طليعة المشكلات التي تواجه لبنان اليوم، هي انعزاله عن العالم العربي بفعل التصاريح اللا مسؤولة من قبل بعض السياسيين في لبنان، والتدخلات في صراعات وحروب لا تعنينا والتي جعلتنا غرباء في محيطنا، وقطعت معها علاقاتنا مع دول صديقة شكلت السند دائما للبنان في أحلك وأصعب الفترات التي مرّ بها.
انعزالنا عن محيطنا وأخذ الشعب كاملا في اتجاه لا يشبهه، من الأجدى أن يكون أولى العقد التي على الحكومة حلّها، لإثبات جديتها في إبعاد اللبنانيين من نار جهنم، وكسب ثقتهم هم، قبل أن تنال ثقة المجلس النيابي والمجتمع الدولي.
الحياد أولا يا ساسة، اجعلوه حقيقة، واصدمونا واصدموا العالم إيجابا. اجعلوه من أولى بنود البيان الوزاري، بحيث يصبح لبنان رسميا دولة محايدة لا تتدخل في شؤون اي من الدول وتقف على مسافة واحدة من جميع الاطراف، دولة لا تتدخل في حرب ولا في نزاع، لها جيش واحد قويّ، ممنوع استخدام او احتلال أراضيها من جانب اي طرف.
دول عدة سبقتنا إلى الحياد، وتعيش في استقرار تام، من دون أن يعني ذلك ان تتحول إلى جزيرة معزولة، فالحياد لا يمنع الدولة من الدفاع عن حقوق الانسان أو الانضمام إلى منظمات دولية، أو حتى التوفيق بين بلدان متنازعة ومتصارعة ومحاولة تقريب وجهات النظر بينها.
السويد، التي تعدّ من أكثر دول العالم تطورا وعدالة، هي أقدم دولة محايدة في العالم، منذ عام 1814، تليها سويسرا عام 1815، التي تعتبر موطنا لعدد كبير من المنظمات الدولية كما انها تضم ثاني أكبر مكتب للأمم المتحدة. وسويسرا هي من اغنى بلدان العالم واقتصادها من الأكبر عالميا، كما انها تصنّف من ضمن الأوائل من حيث جودة المعيشة في الحياة.
النمسا، أصبحت حيادية بعد الحرب العالمية الثانية، وهي من ضمن أغنى دول العالم وعلى مستوى عال من المعيشة، كما انها متطورة جدا في ما يتعلق بالقطاع الصناعي.
من الدول التي أعلنت حيادها أيضا، إيرلندا وفنلندا وكوستاريكا، ودول أخرى، إما أجبرتها الظروف على ذلك، أو أنها وجدت بعد نزاعات مريرة وتجارب قاسية أن الحياد هو السبيل الأسلم لقيادة شعوبها نحو السلام والاستقرار.
نحتاج إلى أعجوبة ربما في لبنان، حتى تصبح المصلحة الوطنية أولى اهتمامات المسؤولين في هذه البلاد، بعيدا من الحسابات الطائفية والحزبية… وحتما نحتاج إلى عجائب في لبنان، وإلى مسؤولين حقيقيين حتى نسلك طريق الحياد علّنا نغيّر الاتجاه الحتمي نحو جهنّم…