

The Future of Work in a Workforce Disruptive Era
بتاريخ الأحد ٢٩ حزيران الحالي، نُظّمت جلسة حوارية هامة تحت عنوان “مستقبل سوق العمل في بيئة عمل مضطربة” ضمن فعاليات مؤتمر LebTech 2025. أدار الجلسة عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الامريكية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري، الذي استهلّ النقاش بالإشارة إلى حجم التغيرات المتسارعة التي يشهدها سوق العمل عالميًا، مستندًا إلى أرقام من تقارير المنتدى الاقتصادية العالمي ومؤسسات اقتصادية دولية مختلفة.
وضع الخوري الحضور أمام مشهد تتقاطع فيه التحولات التكنولوجية مع الأزمات الجيوسياسية، وتغيرات سلوك المستهلكين، وضغوط الحوكمة البيئية والاجتماعية، مؤكدًا أن التعامل مع سوق العمل الجديد يتطلب مرونة مؤسساتية وفردية غير مسبوقة، وقدّم مجموعة من الأسئلة المحورية حول المهارات المستقبلية، ودور التعليم، ومسؤوليات المؤسسات في التكيف مع هذه المتغيرات.
مداخلة المهندس جورج الخويري – قطاع تكنولوجيا المعلومات
استعرض المهندس جورج الخويري، نقيب نقابة المعلوماتية والتكنولوجيا في لبنان، التحديات الجوهرية التي تواجه المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، مؤكدًا أن التقادم السريع للمهارات التقنية أصبح واقعًا يوميًا لا يمكن تجاهله.
أشار إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والبرمجيات القائمة على الأتمتة، أصبحت تحل محل العديد من الوظائف التقليدية، ما يفرض على العاملين في القطاع ضرورة تبني نموذج التعلم المستمر والحصول على شهادات مهنية قصيرة المدى مثل الـ Micro-Credentials.
كما طرح تساؤلات جوهرية حول قدرة الجامعات اللبنانية على مواكبة هذه التحولات، داعيًا إلى إعادة هيكلة المناهج الأكاديمية بشكل يدمج المهارات الرقمية العميقة مع التفكير النقدي وحل المشكلات.
في ختام مداخلته، قدّم الخويري نصيحة مباشرة للعاملين في القطاع: “تجاهل التحديث المهني يعني الحكم على مسيرتك بالانقراض المهني… التعلم المستمر لم يعد خيارًا.”
مداخلة الدكتور روجيه لطفي – قطاع المحاسبة والتدقيق
أما الدكتور روجيه لطفي، الأمين العام لنقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان (LACPA)، فقد ركّز على التحديات التقنية والتنظيمية التي تواجه مهنة المحاسبة والتدقيق في ظل التطورات الرقمية.
تحدث عن الأثر العميق للأدوات المالية الذكية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، بدءًا من تحليل البيانات الضخمة وصولًا إلى التقنيات التنبؤية في كشف الاحتيال المالي.
أبرز لطفي الدور المتغير للمحاسب من مجرد موثق بيانات إلى مستشار استراتيجي وصانع قرار، مشددًا على ضرورة تطوير المهارات التحليلية والتقنية لدى العاملين في هذا المجال.
كما أشار إلى جهود النقابة LACPA في دعم مسارات التطوير المهني المستمر عبر تعزيز برامج التدريب والشهادات الدولية وتطبيق ممارسات التدقيق القائمة على التحليل المتقدم للبيانات.
وختم مداخلته بقوله: “مدقق الحسابات في المستقبل القريب سيكون خبيرًا في تحليل الأنماط، لا مجرد مدقق أرقام.”
مداخلة الأستاذ باتريك ناكوزي – قطاع التصميم الإبداعي
من جانبه، سلط الأستاذ باتريك ناكوزي، رئيس نقابة المصممين الغرافيكيين، الضوء على التحديات الوجودية التي تواجه مهنة التصميم في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي.
توقف ناكوزي عند ظاهرة “سلعنة التصميم” حيث تتحول الخدمات الإبداعية إلى منتجات منخفضة الكلفة، مؤتمتة، وسريعة الإنتاج، بفعل أدوات مثل Canva AI وAdobe Firefly.
دعا المصممين إلى التركيز على تطوير مهارات حل المشكلات الإبداعية، والقدرة على تقديم قيمة مضافة تتجاوز تنفيذ المهام البصرية، مقترحًا تعزيز قدراتهم في التحليل التجاري، التفكير الاستراتيجي، وفهم سلوك المستهلك.
وأكد على الحاجة الملحة لأن تعيد المؤسسات التعليمية بناء مناهج التصميم لتشمل الفطنة الرقمية (Digital Fluency) والوعي التجاري (Business Acumen)، مع إعطاء أمثلة على مبادرات دولية في هذا الاتجاه.
وأنهى ناكوزي مداخلته برسالة للمصممين الشباب: “الذكاء الاصطناعي لن يقتل الإبداع… لكنه سيقضي على المصممين الذين لا يطورون مهاراتهم.”
مداخلة الدكتور إيلي مسلّم – قطاع الموارد البشرية
اختتم الجلسة الدكتور إيلي مسلّم، الخبير ذات السمعة في الموارد البشرية، مؤكدًا أن الموارد البشرية أصبحت في صميم معركة التكيف مع التغيرات التكنولوجية.
طرح مسلّم خمسة محاور رئيسية:
سد فجوة المهارات: عبر التقييم المستمر لاحتياجات السوق، واستخدام أدوات متقدمة لتحليل فجوات الكفاءات.
استقطاب وتنمية المواهب: من خلال تحديث استراتيجيات التوظيف وربطها بالتحليل السلوكي والتقني للمرشحين.
تحسين تجربة الموظف والاحتفاظ بالكفاءات: عبر برامج متطورة للارتباط الوظيفي (Employee Engagement) والتحفيز الداخلي.
قيادة التعلم المستمر: عبر بناء بيئات تعلم مرنة، وإدخال مسارات تدريب قصيرة ومرنة تلبي احتياجات السوق المتغيرة.
الأثر التكنولوجي على HR: بتبني أدوات الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد البشرية، من التوظيف إلى الأداء إلى التدريب.
واختتم مسلّم مداخلته بتأكيد أن: “من لا يتحرك اليوم لإعادة تشكيل موارده البشرية… قد يجد نفسه خارج المنافسة غدًا.”
الخلاصة:
عكست الجلسة تنوعًا غنيًا في وجهات النظر بين قطاعات التكنولوجيا، التصميم، المحاسبة، والموارد البشرية، وقدمت للحضور رؤية متكاملة حول التحديات والفرص في سوق العمل المتغير.