الخوري: تشكيل الحكومة لا يشكل ضمانة لحلّ الأزمة بل لإدارتها

في مقابلة مع السيدة رنا سعرتي في صحيفة 《الجمهورية》 صباح اليوم، اوضح الخبير الاقتصادي د. بيار الخوري ان تشكيل الحكومة لا علاقة له بحلّ الازمة المالية والاقتصادية، بل له علاقة فقط بإدارة المستوى الحالي الذي بلغته الازمة في البلاد. مؤكداً ان تأليف الحكومة يطرح احتمال البدء بمسار طويل لمعالجة الازمة وليس حتمية المعالجة.
ولفت الى ان «شروط ومعايير حلّ الازمة مرتبطة بمستوى «القاع» الذي سنبلغه حين تبدأ عملية الإنقاذ، وهو الامر الذي نجهله لغاية الآن، ولكن بغضّ النظر عن تلك المعايير، هناك عناصر رئيسية لا يمكن تجاوزها تسبق الحلّ المنشود، وهي:
– لا حلّ للازمة الاقتصادية من دون حوكمة سليمة للقطاع العام، حتّى في حال خصخصة ثروات البلاد.
– وضع استراتيجية اقتصادية شاملة ومتكاملة ترتكز على أفضليات الاقتصاد اللبناني، وهي: السوق المالي، القطاع التربوي، القطاع الصحي، القطاع السياحي، التكنولوجيا وريادة الاعمال. مع الاشارة الى ان تحديد هوية وشكل الاقتصاد الذي نريده، هو أولوية يجب بناء استراتيجية الحكومة على اساسها.
– بيئة سليمة ومناسبة للاعمال، اي اعادة هيكلة القطاع المصرفي، التوصل الى اتفاق مع الدائنين الدوليين لتسديد مستحقات لبنان المتأخرة، سياسة مستقرّة وغير ثابتة لسعر الصرف، التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول برنامج إنقاذ.
وشدد خوري على انه لا يمكن تعميم الحلول المتّبعة في دول أخرى على لبنان، لأنّ الظروف هي التي تحكم شروط الحلّ، لافتاً الى توقيع اتفاق حول برنامج إنقاذ صندوق النقد الدولي ليس الشرط الوحيد لاستعادة ثقة المستثمرين ولعودة الاستثمارات الخارجية المباشرة، مشيراً الى انّ تجربة الارجنتين خير دليل على ذلك حيث فشل برنامجها مع صندوق النقد الدولي، ولم تفلح السلطة الحاكمة في اقناع المستثمرين والاسواق الخارجية في حكمها الرشيد. في المقابل، نجح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي واستطاع جذب المستثمرين الاجانب.
بالاضافة الى ذلك، اوضح الخوري ان تأليف حكومة وتأمين الاستقرار السياسي لم يعودا كفيلين كما في السابق، قبل 2019، باستعادة الثقة، لان الثقة تُفقد في مرّة واحدة وليس بعد تجارب عديدة، وبالتالي استعادتها اليوم ليس بالامر السهل.
واشار الى ان تأليف الحكومة لا يعني استقرار سعر الصرف ولا يعني توفر المازوت والادوية، لأنّ الاصلاح والشرط المطلوب دوليا اليوم هو تحرير سعر الصرف، مما سيستوجب تأمين دولارات اضافية من قبل المستوردين الذين يتقاضون كلفة السلع المستوردة بالليرة اللبنانية من السوق، وبالتالي فإنّ تحرير سعر الصرف لن يزيد عرض الدولارات في السوق بل يخفف الضغط على مصرف لبنان ويحدّ من الاستنزاف الحاصل في احتياطه من العملات الاجنبية. وقال ان تحرير سعر الصرف رغم انه لا يعالج أزمة الدولار والتضخم، هو أفضل من مواصلة سياسة الدعم الفاشلة.
وردّا على سؤال، أوضح الخوري ان مسار الاصلاح، في حال انطلق، طويل جدّاً، «ووفق تقديرات البنك الدولي سيستغرق بين 12 و19 عاما لاستعادة مستوى الدخل الذي كان قائماً في العام 2019».