فن وترفيه

فيروز وماكرون… وأجمل ما حصل

كتب داني حداد في موقع mtv:

فعل ايمانويل ماكرون، في زيارته الأخيرة الى لبنان، ما كان يجب أن يفعله رئيس لبنان. زار المنطقة المنكوبة وصافح الناس وعزّاهم.

سيفعل ماكرون، في زيارته الثانية التي ستبدأ مساء الإثنين، ما كان يجب أن يقوم به رئيس لبنان، منذ سنوات، وهو زيارة السيّدة فيروز.

قد يكون في زيارة ماكرون الى منزل السيّدة فيروز بعضٌ من الدعاية التي يبدو أنّ فريق ماكرون يجيدها. وقد يغار كثيرون من الرئيس الشاب الذي سيحظى بلقاءٍ مع السيّدة الوطن.

هل يعلم “مسيو ماكرون” أنّ بعضنا لم يكن هنا ليستقبله، في بيروت المدمّرة والمنهكة، لولا فيروز وصوتها؟ هي ألصقتنا بهذه الأرض الدائمة الاهتزاز. وهي أبقت ذلك الحنين الى هذه الأرض في نفوس اللبنانيّين المنتشرين. “خدني زرعني بأرض لبنان”. غنّتها في نيويورك، وكنّا مزروعين في الملجأ، نسمعها ونبكي.

ماذا فعلت بنا فيروز؟ أبقتنا في مدينةٍ حيث “كلّ فكرة تقطن منزلاً”، كما كتبت يوماً ناديا تويني، وبالفرنسيّة التي كانت تجيدها أفضل من فرنسيّين كثيرين.

السلاح هو الذي بات يقطن في منازل كثيرين. في الأمس استخدُم في التشييع وقبله في إشكالٍ على لافتة، وقتل طفلاً. كنّا نجمع الكتب، وبتنا نجمع السلاح، “زينة الرجال”. لا بل هو زينة الحمقى حين يستخدم في الشوارع وفي صدور أبناء الوطن، تحت أعين الطائرات الإسرائيليّة المسيّرة.

وسيلتقي رئيس فرنسا ممثّلين عن تسعة أحزاب لبنانيّة. ينقصهم واحد ليصبحوا “عشرة عبيد زغار”. ولكن، لن يموت واحدٌ منهم في كلّ ليلة، كما في رواية أغاتا كريستي، بل نحن من نموت يوميّاً، في انفجار الأمونيوم وفي الإشكالات المتنقلة في المناطق، ونموت خوفاً على أموالنا وقلقاً على مستقبلنا…

هل سيخرجنا ماكرون ممّا نحن فيه؟ نشكّ، ولا نفقد الأمل. يا لغبائنا.

غنّي له، يا سيّدتي: “لبيروت، من قلبي سلامٌ لبيروت”، علّه يدمع كما نفعل عند سماعها في هذه الأيّام.

ولا بيروت من دون صوت فيروز، يخرج من دكانٍ صغير يعيل عجوزاً، ومن عربة بائعٍ على رصيف، ومن شرفةٍ تجمع عشيقين تجاورهما زهرة “غاردينيا”.

هي، مع الرحبانيّين الشقيقين، أجمل ما حصل في هذه المئة من عمر لبنان الكبير. “بيقولو صغيّر بلدي” ما أروعها بصوتها. “والغضب الأحلى بلدي”…

زر الذهاب إلى الأعلى