مناطق وبلديات

قرطبا الجبيلية … خيرات لا تعدّ ولا تحصى

تقع قرطبا في قضاء جبيل على ارتفاع يتراوح بين ١٠٠ ، ١ و ٢٥٠ ، ١ م. عن سطح البحر ، وعلى مسافة ٥٤ كلم عن بيروت عبر نهر ابراهيم ـ المشنقة ؛ أو طورزيّا ـ المشنقة ؛ أو طورزيّا ـ إهمج ـ اللقلوق. وتتّصل بقضاء كسروان عبر طريق عيون السيمان ـ لاسا ـ أفقا ـ المغيري. تعتبر قرطبا من كبرى بلدات المنطقة الجرديّة في قضاء جبيل ، ومن أهمّ مصايف القضاء ومن مراكزه السياحيّة المميّزة بمناخها الجاف والمعتدل الذي يلائم المصابين بفقر الدم ، وبإشرافها الرائع على وادي نهر ابراهيم الأثريّ.

اعتبر الباحثون أن إسم قرطبا سريانيّاQARBA : الشوك والبلّان والقطرب ؛ بينما اعتبر الأديب اللبنانيّ أمين الريحاني ذو النزعة القوميّة العربيّة أنّ قرطبة” ليست لفظة عربيّة ولا آراميّة ، إنّما هي إسبانيّة فعرّبها عرب الأندلس كما عرّبوا غيرها من أسماء البلدان فقالوا إشبيلية وغرناطة كم قالوا قرطبة. وبعد سقوط الأندلس وجلاء العرب عنها في أواخر القرن الخامس عشر عاد في منتصف القرن التالي المتحدّرون منهم من الفاتحين عرب الشام إلى بلاد أجدادهم وفي القلب شيء من الحنين ، وعندي أنّ بعض هؤلاء العائدين من قرطبا إلى حمص أو حماه دخلوا لبنان في الطريق الأقصر والأشهر ، أي طريق العاقورة بعلبك ، فرأوا في جوار العاقورة أرضا خضراء حافلة بالغابات والمياه تشرف على واد رهيب جميل ذكّرتهم ببلاد الأندلس ، بل بقرطبا ، المدينة المهجورة ، فحطّوا الرحال ها هنا ، فبنوا البيوت وغرسوا الأشجار والأزهار وأسموا المكان : قرطبة”. وذكر لامنس أنّه مع أمين الريحاني في هذا الاجتهاد لأسباب منها ، كثرة أسماء عائلتها العربيّة مع انتشار القرى ذات الأسماء العربيّة حولها ، كذلك لأنّ الإسم السريانيّ يعني الشوك والبلّان ، ما لا يوافق المكان المخصب الغني بالمياه ، ثمّ لم يرد ذكر قرطبة في النّصوص القديمة ولا حتّى زمن الصليبيّين ، بل كان المركز الأوّل ليانوح ، البلدة المهجورة جارة قرطبة ، كذلك تركّزت الآثار القديمة في المثلّث القائم على دير الأزرق يانوح الغابات ، فلو كانت قرطبة قديمة لعرفت ووجدت فيها آثار كالتي وجدت في جوارها. وتقول اجتهادات معاكسة بأنّ” الفينيقيين بعد ما وصلوا إلى إسبانيا وأسّسوا تلك المدينة ، نقلوا إليها إسم قرطبا اللبنانيّة ، وذلك قبل أن يستعمرها الرومان ، وقبل أن تصير عاصمة الخلفاء الأمويّين في الأندلس.

وعاد الإسبان فأسّسوا مدينة بإسم قرطبة في الأرجنتين ، وأخرى في المكسيك. بيد أنّ الحقيقة برأي المؤرخ طوني مفرّج بعيدة عن كلّ هذه الاجتهادات. فإنّ البلدة التي تعرف اليوم باسم قرطبا كانت تعرف قبلا باسم” المرجة الخضرا” ، وقد أطلق عليها المطران داود أسقف العاقورة في أواخر القرن السادس عشر إسما سريانيّا : قرطبا ، معناه : البرد المعتدل. المؤرّخ طوني مفرّ.

زر الذهاب إلى الأعلى