اخبار لبنان - Lebanon News

المغتربون يقرعون جرس الإنذار!

طارق أبو زينب – نداء الوطن
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، يعيش اللبنانيون في دول الاغتراب، وخصوصًا من الشيعة المؤيدين أو المتعاطفين مع “حزب الله”، حالة من القلق والترقب المتصاعد. ففي دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، إضافة إلى دول الخليج العربي، لم تعد صناديق الاقتراع مجرد آلية ديمقراطية للمشاركة السياسية، بل تحولت إلى احتمال قانوني محفوف بالمخاطر قد يعرض بعض الناخبين للمساءلة أو الملاحقة القانونية بسبب ارتباطاتهم السياسية، أو الاشتباه في تقديم دعم مالي يمكن تفسيره كتمويل غير مشروع لـ “الحزب”.

بيان ميشيغن: المغتربون يقرعون جرس الإنذار

في هذا السياق، صدر بيان باسم فاعليات من الجالية اللبنانية في ولاية ميشيغن الأميركية بعنوان “كتاب مفتوح إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري”. البيان، الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، عبّر عن قلق عميق من تداعيات المشاركة الانتخابية في ظل البيئة القانونية الأميركية، مؤكدًا أن التصويت للوائح تضم “حزب الله” قد يعرّض المغتربين للمساءلة. وشدد على ضرورة التوازن بين الانتماء الوطني والالتزام بالقوانين الدولية، داعيًا القيادات السياسية إلى حماية المغتربين لا إلى زجّهم في مغامرات قانونية غير محسوبة .

أوضح البيان أن المغتربين ليسوا في موقع عدائي تجاه أي طرف لبناني، بل يطالبون بضمانات تحميهم من التداعيات الأمنية في دول إقامتهم. وختم بدعوة صريحة لإعادة النظر في آلية اقتراع اللبنانيين في الخارج، بما يراعي واقعهم القانوني والسياسي المستجد.

ويؤكد عدد من اللبنانيين المقيمين في الولايات المتحدة أنهم تلقوا “نصائح قانونية واضحة” بعدم التصويت للوائح تُعدّ قريبة من “الحزب”، تفاديًا لإدراج أسمائهم في تقارير أمنية أو استخباراتية، أو حتى تعريض وضعهم القانوني في البلاد للاهتزاز.

تصنيف “حزب الله” يُقيّد المشاركة

قال علي ح.، مغترب لبناني من الجنوب ومقيم في الولايات المتحدة، لـ “نداء الوطن”، إن التحالف بين حركة “أمل” و”حزب الله”، يشكل عائقًا حقيقيًا أمام مشاركة شريحة واسعة من المغتربين الشيعة. وأضاف: “التصويت للوائح تضم “الحزب” في دول تصنّفه ككيان إرهابي هو مخاطرة قانونية، لذلك شهدت مراكز الاقتراع في انتخابات 2018 و2022 تراجعًا واضحًا في نسبة المشاركة، خاصة داخل الولايات المتحدة”. وأكد أن هذه المخاوف حقيقية وتؤثر مباشرة على القرار الانتخابي للناخبين الشيعة في الاغتراب.

وهذه المخاوف لا تقتصر على أميركا فقط، بل تتكرر في أوروبا أيضًا. ففي تصريح لـ “نداء الوطن”، قال حسن م.، مغترب من البقاع ومقيم في ألمانيا منذ أكثر من عشر سنوات: “أشعر بتردد شديد تجاه المشاركة، لأن التصويت لتحالف “أمل”–”حزب الله” قد يعرضني للمساءلة. “الحزب” مصنّف كتنظيم محظور هنا، وهناك جو من المراقبة يجعلنا نفكر مرتين قبل أن نُدلي بأصواتنا. كثيرون يشاركونني هذا الشعور”.

المادة 122: تقييد سياسي مقونن؟

بالتوازي مع التحديات القانونية، تتصاعد في أوساط المغتربين الدعوات لإعادة النظر في المادة 122 من قانون الانتخابات، التي تقصر تمثيلهم على ستة مقاعد فقط. وقد شهدت الجلسة البرلمانية الأخيرة رفضًا واضحًا من رئيس مجلس النواب نبيه بري لإدراج اقتراح تعديل هذه المادة على جدول الأعمال، ما أثار استياءً واسعًا في صفوف المنتشرين.

يرى ناشطون في الاغتراب أن رفض التعديل يعكس خشية واضحة لدى القوى التقليدية، خصوصًا “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر”، من أن يفقدوا السيطرة على نتائج انتخابية قد تنقلب عليهم. حصر تمثيل أكثر من مليون مغترب بستة مقاعد فقط لا يُعدّ تمثيلًا، بل تهميشًا متعمّدًا لشرائح لبنانية باتت تميل بغالبيتها إلى الخط السيادي .

يؤكد مغتربون وخبراء قانونيون ضرورة تعديل المادة بما يسمح لهم بالاقتراع في دوائرهم الأصلية، لا حصرهم في مقاعد رمزية لا تغيّر شيئًا في موازين القوى.
تقول ريتا طانيوس، ناشطة لبنانية مقيمة في باريس، لـ “نداء الوطن”: “المعركة لم تعد مجرد صراع على قانون انتخاب، بل هي صراع على الهوية السياسية. نريد أن نصوّت كمواطنين كاملي الحقوق، لا كضيوف موَقتين. صوتنا ليس ترفًا بل حق دستوري يجب أن يُحترم”.

اليوم، لم تعد المعركة فقط حول تعديل قانون الانتخاب، بل هي معركة لإثبات الهوية السياسية والديمقراطية للمغتربين اللبنانيين، الذين يجب أن يتمتعوا بحق التصويت الكامل دون أي قيود أو تمييز. وفي ظل تجاهل السلطة المستمر لمطالبهم، تبرز ضرورة تنظيم حراك شعبي فاعل في الخارج، يضغط من أجل تحقيق تمثيل حقيقي وحقوق كاملة للمغتربين الذين يمثلون دعامة اقتصادية واستراتيجية للبنان على الصعيدين الوطني والعالمي .

إن حراك المغتربين اليوم ليس مجرد رد فعل على الإهمال الرسمي، بل هو نداء متجدد لتأكيد انتمائهم وحقهم في المشاركة الفعلية في صنع مستقبل وطنهم. هؤلاء المغتربون هم جزء أصيل من النسيج اللبناني، لا يجوز استثناؤهم أو التقليل من دورهم، بل يجب تمكينهم ليكونوا شريكًا فاعلًا في بناء لبنان الجديد.

زر الذهاب إلى الأعلى