خطة طوارئ التربية: المراكز التعليمية غير آمنة والمغريات تعزّز النزوح

من دون أي تعاميم تنظيمية أو إدارية لكيفية سير الأمور في المراكز العشرة التي يفترض أن تستقبل الطلاب والأساتذة النازحين من القرى الحدودية، أطلق وزير التربية عباس الحلبي خطة “مدارس الاستجابة للطوارئ” يوم أمس. ورغم أن العمل على إعداد الخطة بدأ منذ نحو الشهر، اكتفت الوزارة، في التعميم الذي صدر حول إطلاق المراكز العشرة، التي ستخصص لهذه الخطة، بالتأكيد أنه سيخصص برنامجاً خاصاَ لكيفية التحاق الأساتذة والطلاب فيها. وتبين أن الخطة أعدت لاستقطاب التمويل الدولي فحسب، لا سيما أن الانتقادات التي طالتها كثيرة. ووصفها مديرو وأساتذة في المناطق الحدودية لـ”المدن” بأنها هرطقة تربوية وتنفيعات للمدارس التي تم اختيارها كمراكز.
بعد مرور خمسين يوماً على الحرب على غزة تبين أن طلاب المدارس الرسمية في القرى الحدودية لم يتعلموا ولا يوم في الفصل الدراسي الأول. فمشكلة الثانويات والمدارس في القرى الحدودية أنها لم تبدأ. كان يفترض أن ينطلق التدريس في التاسع من تشرين الأول واندلعت الحرب على غزة في السابع منه. ولم تكتمل عملية التسجيل بعد. حتى أن بعض المديرين فتحوا أبواب مدارسهم يومي الأحد والإثنين الفائتين، في ظل الهدنة وعودة السكان إلى قراهم، لاستكمال التسجيل. بمعنى آخر، لم يكن الأساتذة قد تعرفوا على طلابهم عندما أقفلت وزارة التربية المدارس بسبب القصف الإسرائيلي. ولم يلتحق إلا جزء بسيط من النازحين في المدارس الرسمية في مناطق النزوح (أقل من ألف طالب من أصل ستة الاف طالب). ما يعني ضياع الفصل الأول من العام الدراسي الذي ينتهي بعد نحو أسبوعين.
المديرون الذين رفضوا هذه المراكز العشرة التي أطلقها الوزير الحلبي يوم أمس بدأ بعضهم بتعليم الطلاب من بعد، كما هي الحال في ثانوية بنت جبيل، يؤكد أساتذة لـ”المدن”. وثمة استعدادات لثانويات أخرى في المناطق الحدودية لبدء تعليم الطلاب من بعد إلى حين إعادة افتتاح مدارسهم في حال استمرت الهدنة جنوباً. وهذه بمثابة خطوة لرفض هذا المشروع الذي لا فائدة تربوية منه، ويقع ضمن المشاريع التي تنفذ لانفاق الأموال في نهاية السنة المالية لتصفير السنة المالية لموازنات الجمعيات والمنظمات الدولية. وثمة قناعة بأنه في حال سقطت الهدنة أو توسعت الحرب على لبنان لن تكون هذه المراكز آمنة لالتحاق الطلاب والأساتذة فيها، لأن غالبيتها موزعة في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت. أما في حال سقوط الهدنة وبقاء قواعد الاشتباك كما كانت سابقاً، فثمة مراكز تشكل خطراً على انتقال الأساتذة والطلاب إليها مثل مركزي الكفير في حاصبيا وتبنين في بنت جبيل. والسؤال الذي يطرحه أساتذة ومديرون من المنطقة: كيف يذهب ابن الطيبة أو ميس أو بنت جبيل إلى مركز شوكين (النبطية) أو تبنين (بنت جبيل)؟ أو كيف يذهب ابن كفرشوبا وشبعا إلى مركز الكفير؟ هل يقطع مسافة تمتد لأكثر من ثلاثين كيلومتراً تحت القصف الإسرائيلي؟ أليس من الأفضل حينها فتح المدارس في القرى طالما المخاطر كبيرة في الحالتين؟
لا تعاميم حول الالتحاق بها
أما بما يتعلق بالأمور التقنية والإدارية فيقول المديرون والأساتذة أن الوزارة لم تراع إطلاق هذه المراكز بصدور تعاميم تنظيمية حولها. فقد سبق وصدر عن الوزارة تعميم حول التحاق الأساتذة والطلاب في أقرب مدرسة إلى منطقة نزوحهم وكان الأمر اختيارياً. لكن لم تصدر تعاميم حول كيفية الالتحاق بهذه المراكز وإذا كانت الزامية أو اختيارية. وفي ظل الهدنة الحالية عاد الكثير من الأهالي والأساتذة إلى قراهم، وفي حال قررت الوزارة الحاقهم في المراكز الأقرب إلى سكنهم (مركز الكفير لمناطق حاصبيا والعرقوب ومركز شوكين لقضاء مرجعيون ومركز تبنين لقضاء بنت جبيل ومركز العباسية لقضاء صور) يتعذر عليهم الالتحاق بهذه المراكز التي تبعد نحو ثلاثين كيلومتراً ودفع التنقلات من جيبهم الخاص. وهم ما زالوا يترقبون ما سيصدر عن مجلس الوزراء يوم غدٍ الأربعاء بما يتعلق ببدلات الإنتاجية الخاصة بهم. فهم لم يتلقوا بدلات الإنتاجية (300 دولار) عن شهر تشرين الأول كسائر الأساتذة، لأنها مرتبطة بالدوام. وقد أدرج وزير التربية على جدول أعمال مجلس الوزراء تسديد بدل مالي مقطوع للأساتذة الذين تهجروا نتيجة العدوان الإسرائيلي على الجنوب. أي أنه لم يدرج قراراً “لاستثنائهم من الحضور” في ظل قرار الوزارة بإقفال المدارس، كي يحصلوا على بدلات الإنتاجية كاملة.
ومن ضمن الانتقادات التي وجهت لهذه المراكز أنها تعزز فكرة النزوح وتضرب مدارس المناطق الحدودية على حساب المدارس العشرة التي حددت كمراكز لخطة الاستجابة. فاليونيسف ستتكفل بدفع بدل انتقال مغريا للطلاب للالتحاق بالمدارس ومنظمة الأغذية العالمية ستؤمن وجبات غذاء وإعاشات والوكالة الألمانية للتنمية ستؤمن كمبيوترات وألواح ذكية، وهذه المغريات تدفع أهالي الطلاب إلى البقاء في أماكن النزوح.
وليد حسين-المدن