الشرق الاوسط والعالم

تقرير لـ”The Hill”: هل ستتخذ واشنطن خطوات قاسية تجاه الشرق الأوسط أم هدفها الاستعراض؟

أثارت التطورات الأخيرة التي قامت بها الولايات المتحدة لمواجهة التهديد الإيراني حيرة المراقبين الإقليميين.

وبحسب صحيفة “The Hill” الأميركية، “دبلوماسياً، اتخذت الولايات المتحدة منعطفًا تصالحيًا، حيث توسطت في صفقة تبادل السجناء مع إيران وأطلقت سراح المليارات من الأصول المجمدة. واللافت أن هذه الصفقة لن تساعد في إعادة إظهار أميركا الضعيفة حالياً على أنها دولة قوية. أما عسكرياً، فقد عززت الولايات المتحدة وجودها البحري في الخليج العربي والبحر الأحمر، ونشرت 3000 جندي إضافي بهدف حماية حركة الملاحة البحرية. بالإضافة إلى ذلك، تشير المعلومات إلى أن المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة على طول الحدود العراقية السورية أصبحت خطة عمل حقيقية. إذاً ما يجري يجعلنا نطرح الأسئلة التالية: هل تستعرض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عضلاتها حقا أم أن هذه مجرد استراتيجية علاقات عامة لمواجهة المظاهر السلبية لصفقة المبادلة مع إيران؟”

ورأت الصحيفة أن “أحد الأسباب المحتملة لزيادة المشاركة الأميركية هو تورط الصين العميق في المنطقة. ففي الوقت الذي بدا فيه أن الولايات المتحدة مترددة في التزامها بمواجهة التهديد الإيراني، شعر حلفاء، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بخيبة أمل متزايدة إزاء سياسة الاحتواء التي تنتهجها الإدارة الأميركية. وفي الوقت الذي أصبحت فيه القوى الإقليمية محبطة ومتشككة على نحو متزايد بشأن موثوقية حليفتها الأميركية، تركت الأخيرة فراغاً في المنطقة، فلم يكن من الصين إلا ان تدرك هذه الفجوة، فاندفعت مسرعة لتعميق بصمتها الإقليمية”.

وتابعت الصحيفة، “إذا كانت الولايات المتحدة تتخذ إجراءات قوية حقًا، وليس فقط المواقف، فإن الخطوة الأبرز هي خطتها لإنشاء منطقة عازلة بين العراق وسوريا. ولتحقيق طموحاتها في الهيمنة، رسخت إيران نفسها استراتيجيًا في العراق وسوريا ولبنان، وتسعى جاهدة لإنشاء ممر بري مستمر من حدودها إلى البحر الأبيض المتوسط. ففي العراق، تؤثر المجموعات الشيعية الموالية لإيران بشكل كبير على سياسة بغداد، كما وتسيطر على معبر البوكمال – القائم الحدودي بين العراق وسوريا. وتسمح هذه الهيمنة لإيران بنقل الأسلحة والمقاتلين من العراق إلى سوريا. أما على الجانب السوري من هذه الحدود، أنشأت إيران مجمع الإمام علي العسكري لقسم اللوجستيات والأسلحة”.

وأضافت الصحيفة، “في سوريا التي مزقتها الحرب، ساعدت المجموعات الشيعية التي أنشأتها إيران والتي تسيطر عليها من أفغانستان والعراق ولبنان وباكستان وغيرها، طهران على السيطرة على شرق وغرب وجنوب غرب سوريا. وبالانتقال إلى الحافة الغربية للممر، تسيطر إيران عبر وكيلها الأقوى، حزب الله، بشكل كامل على “الحدود” اللبنانية – السورية، والتي، في الواقع، غير موجودة على الإطلاق. “.
وتابعت الصحيفة، “يعد المعبر الحدودي العراقي السوري عنصرًا حاسمًا في الممر الذي تسيطر عليه إيران، ومن شأن المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة عند هذا المعبر أن تعرض أهداف طهران للخطر. لدى الولايات المتحدة أصول وقوات في ثلاث مناطق استراتيجية قريبة، كما ولديها عدة قواعد عسكرية في العراق، وأصول في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا، كما وتقع قاعدتها العسكرية، التنف في سوريا، على مقربة من حدود العراق والأردن وسوريا”.

وبحسب الصحيفة، “بالنسبة لإيران، يعتبر هذا الوجود الأميركي إهانة. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، نفذ وكلاء إيران هجمات متكررة ضد هذه القواعد الأميركية في كل من سوريا والعراق، ومؤخرًا، وكجزء من موقفها الأكثر حزمًا، أبلغت الولايات المتحدة الحكومة العراقية بأنها سترد على الهجمات المستمرة على قواعدها من خلال استهداف المجموعات وقادتها. في الواقع، تمثل إيران ووكلاؤها التهديد الأكثر خطورة لإسرائيل. وتعتمد خطة المعركة الإيرانية للقضاء على إسرائيل على إنشاء وترسيخ شبكة ضخمة من الجيوش الوكيلة بمئات الآلاف من الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات المسيرة الهجومية، الأمر الذي سيخلق حلقة من النار حول رقبة إسرائيل من ثلاث اتجاهات، غزة ولبنان وسوريا”.

وتابعت الصحيفة، “يشكل الممر البري الإيراني حجر الزاوية في الخطة الإيرانية. وتعمل إسرائيل باستمرار على إحباط خطة حلقة النار الإيرانية من خلال هجمات دقيقة على مستودعات الأسلحة ومخزونات الصواريخ ونظام مضاد للطائرات تحاول إيران إقامته في سوريا وبالقرب من الحدود العراقية السورية. ويعد إنشاء منطقة عازلة تحت سيطرة الولايات المتحدة على طول الحدود السورية العراقية خطوة مهمة أخرى في الجهود المبذولة لإحباط خطة إيران. إن إحباط هذا الهدف يصب في المصلحة الاستراتيجية لتل أبيب وواشنطن لأنه سيقلل من خطر نشوب حرب واسعة بين إسرائيل وإيران ووكلائها”.
وأضافت الصحيفة، “في ظل التعقيد الذي تتميز فيه منطقة الشرق الأوسط، تحمل خطوات أميركا المقبلة الوعد والمخاطر. فمن ناحية، من خلال اتخاذ موقف أكثر حزما، ستعيد الولايات المتحدة التأكيد على التزامها تجاه حلفائها الإقليميين، وإظهار نفوذها غير المنقوص في الشرق الأوسط وربما ردع العدوان الإيراني. أما من ناحية أخرى، قد يؤدي مثل هذا الحزم إلى تأجيج نيران الصراع مع المجموعات المدعومة من إيران. ويطرح هذا السؤال حول ما إذا كان الخطوات القاسية التي قد تتخذها الولايات المتحدة يمكن أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران”.

زر الذهاب إلى الأعلى