عودة: هل ترك اللبناني لغريزته الحيوانيّة العنان؟

سأل متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة “كم يبلغ عدد الموظّفين المحسوبين على الزعماء في بلدنا، ومنهم كثيرون لا يعرفون الطريق إلى مركز عملهم، ولا يقومون بأيّ عملٍ مقابل ما يتقاضون؟ الفساد المستشري في المؤسّسات العامّة بحاجةٍ إلى اقتلاعٍ من الجذور، لأنّه من غير المقبول أن يتحكّم أزلام الزّعماء بحياة النّاس، فيمتنعون عن تسهيل معاملاتهم من أجل تحصيل رشوةٍ، عوض السّهر على المصلحة العامّة”.
وقال في عظة الأحد: “الكنيسة لا تقتل ولا تعنّف لكنّها تدلّ على الخطأ وتؤدّب، فحبّذا لو يسير المسؤولون على خطاها، ويؤدّبوا كلّ من يتجرّأ على تجاوز القوانين وأذيّة الشّعب. التّهاون في المحاسبة أوصلَ كثيرين إلى الاستشراس، وقد عاينّا الأسبوع الماضي ما حصل مع الأطفال في إحدى الحضانات من تعنيفٍ وإيذاءٍ جسديٍّ ونفسيّ. كذلك، مَن سبّبوا كارثة المرفأ ما زالوا أحراراً وما زلنا ننتظر العدالة. أليس هذا ثمرة عدم المحاسبة الحقّة والعادلة؟
هل فقد إنسان لبنان إنسانيّته وترك لغريزته الحيوانيّة العنان؟ وإلاّ كيف يستطيع إنسانٌ سويٌّ تعنيف طفلٍ، أو السخرية من إنسانٍ ذي ضعفٍ، أو إطلاق الاتّهامات والإشاعات عن اخوةٍ له بسبب الحسد أو الحقد أو الانتقام؟ وكيف يستطيع قتل إنسانٍ بدمٍ باردٍ أو برصاصةٍ طائشةٍ أو بقصد إشعال فتنة؟ وكيف يستطيع كمّ صوت إنسانٍ يعبّر عن رأيه، والحدّ من حرّية صحافيّين يبدون رأيهم وقد خلقهم الله أحراراً؟
وكيف يتاجر إنسانٌ بصحّة أخيه الإنسان فيهرّب الدواء خارج الحدود بغية جني الأرباح، ثمّ يبيع المريض دواءً غير مرخّصٍ، وقد يكون غير نافعٍ، فيقضي على المريض عوض شفائه؟ وكيف لا تُعاقب السلطات المختصّة كلّ من يهرّب الدواء المدعوم من مال اللبنانيين من أجل كسبٍ ماديٍّ، وكلّ من يتاجر بالأدوية المزوّرة التي تؤذي، وقد تسبّب الموت؟ أليس هذا الفلتان وليد عدم المحاسبة؟ كيف تستهين دولةٌ بصحة مواطنيها عوض تأمين العلاج لهم؟ وهذا حقٌّ لهم وواجبٌ عليها. هل أصبح الفقير والمريض والمحتاج سلعةً رخيصةً أو حقل اختبار؟”