featuredاخبار لبنان - Lebanon News

3 خلاصات سياسية – رئاسية

كتب شارل جبور في الجمهورية

ماذا بعد إعلان معظم مكوّنات المعارضة و»التيار الوطني الحر» عن مرشحهم الرئاسي؟ وهل سيقود هذا الإعلان إلى انتخاب رئيس للجمهورية أم يَتواصل الشغور فصولاً؟ وكيف سيرد الثنائي الشيعي؟ وهل يمكن الكلام عن بدء العد العكسي لانتخاب رئيس؟

إحتفظت المعارضة بالمبادرة الرئاسية منذ مطلع المهلة الدستورية لهذا الاستحقاق، فكانت أوّل مَن رَشّح وخاضت 11 جلسة انتخابية بمرشحها، فيما كان الفريق الآخر يقترع بالورقة البيضاء، وتَحَدّت هذا الفريق بعدم تعطيل النصاب، كما تَحدّته بجلسات انتخابية مفتوحة. وعندما أعلن عن مرشحه لم يوجِّه الدعوة إلى اي جلسة انتخابية، وبرّر ذلك مُتذرّعاً بأنّ مرشّح المعارضة ليس جدياً، علماً انه أكثر مِن جدّي، وكانت تُطالبه في الذهاب إلى مُنازلة انتخابية، وعندما وجدت انّ الاستحقاق الرئاسي دخل في جمود، عَملت على تغيير قواعد اللعبة عن طريق التقاطع مع «التيار الوطني الحر» على مرشّح ضمن اللائحة التوافقية.

ad

وسَعت المعارضة منذ بدء المهلة الدستورية إلى توحيد صفوفها خلف النائب ميشال معوض بِهدف تَجاوز عتبة النصف + واحد، ولكنها لم تُفلح بذلك، ولو نجحت لَما كانت بحاجة إلى التقاطع مع التيار، لأنّ أي فريق يجمع 65 نائباً يَحشر الفريق الآخر ويُصعِّب عليه مهمة عدم الدعوة لجلسة انتخاب بسبب الضغوط التي ستنهال عليه من الداخل والخارج، فيما استمرار تمسّكها بمرشحها يُبقي الجمود الرئاسي على حاله، وهذا تحديداً ما يريده الفريق المُمانع الذي اعتاد رِبح مَعاركه عن طريق تجميد الاستحقاقات إلى حين تَراجُع الفريق الآخر. لكنّ المعارضة لم تكن في وارد التراجع هذه المرة، إلا انها أحسنت «اللعب السياسي» من خلال إقرارها أولاً بعدم قدرتها على إيصال مرشحها، وهذا ما ينطبق أيضاً على ثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» العاجِز بدوره عن إيصال مرشحه، وتَحَيُّنها ثانياً اللحظة المناسبة للانتقال إلى مرشّح جديد بالتقاطع مع «التيار الوطني الحر» وبما يُعزِّز الرصيد النيابي الداعم لهذا الترشيح، وتَماهيها ثالثاً مع البطريرك الراعي الذي دعا إلى اختيار مرشّح من اللائحة التوافقية تجسيداً لمعادلة «لا غالب ولا مغلوب»، ومخاطبتها رابعاً المجتمع الدولي بأنها تخلّت عن مرشحها لمصلحة مرشّح وسطي وعَزّزت رصيده بما يجعل مسؤولية استمرار الشغور تقع على الفريق المُمانِع بشكل واضح وصريح.

ad
وأهمية التقاطع بين المعارضة و»التيار الوطني الحر» على مرشّح رئاسي تَكمُن في انه قدّم على المستوى الوطني صورة تعددية لمجموعة نيابية مِن مَشاربَ مختلفة نجحت في ان تلتقي في منتصف الطريق، مُقدّمَة نموذجاً عن كيفية الالتقاء ضمن مساحة مشتركة عندما يتعذّر على اي فريق تحقيق أهدافه بنفسه. وبالتالي، عمدت إلى خلط الألوان بهدف إنهاء الشغور الرئاسي، فيما الفريق الممانع كناية عن لون واحد ويتمسّك بمرشّح من لونه السياسي رافضاً الإقرار بأنّ ميزان القوى النيابي لا يسمح له بانتخاب مرشحه، ومُراهناً على عامل الوقت لعله يدفع أخصامه إلى التراجع عن موقفهم والتسليم بشروطه الرئاسية.

وأهمية هذا التقاطع أيضاً انه قدّم على المستوى المسيحي وحدة موقف على رغم الخلاف في التوجهات الوطنية بين مكوناته، ما جَعله في موقعِ قوة خصوصاً انّ الموقع الرئاسي مسيحي، وكَسْر المسيحيين في أحد أبرز مواقعهم من قبل فريقٍ مذهبي يشكّل ضَرباً للميثاق الوطني وإخلالاً بالشراكة وقهراً لفئة لبنانية. ومع هذا التقاطع المسيحي أصبحَ من الصعوبة بمكان تجاوز الإرادة المسيحية، وقد عبّر البطريرك الراعي في أكثر من موقف عن ارتياحه لهذا التطور الذي لم يَعد بالإمكان تجاوره، وأبلَغه إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فضلاً عن ان هذا التقاطع بين القوى الأكثر تمثيلاً مسيحياً أسقَطَ ذريعة انّ مسؤولية الشغور مسيحية.

أمّا وقد اتفقت هذه القوى، فما عليها سوى القول لِمَن كان يتذرّع بعدم اتفاقها، ان يُسلِّم بنتيجة هذا الاتفاق.

وأهمية هذا التقاطع أيضاً وأيضاً تكمُن في توقيته بعد سبعة أشهر على الشغور الرئاسي وتَزامنه مع ضغوط خارجية لانتخاب رئيس والتلويح بالعقوبات على الفريق المعطِّل، وضغوطٍ كَنسية مع تحويل البطريرك الانتخابات الرئاسية إلى أولوية من أولوياته يجول في سبيلها على عواصم القرار ويلتقي القوى السياسية بعيداً من الأضواء، وهو لم يُخفِ رغبته الصريحة التي عبّر عنها مراراً وتكراراً بضرورة انتخاب رئيس ضمن المساحة التوافقية على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، وضغوط من الرأي العام الذي أرهَقَه الانهيار المتواصل فصولاً ويريد إنهاء الشغور فوراً.

زر الذهاب إلى الأعلى