featuredاخبار لبنان - Lebanon News

ما هي الدولة المدنية؟ هل تطبق في لبنان بعد نزع العباءة الطائفية؟

رين إبراهيم – موقع جَديدُنا الإخباري

فاجأ رئيس الجمهورية ميشال عون اللبنانيين في ذكرى مئوية لبنان الكبير بالدعوة الى تأسيس الدولة المدنية والتي تشكل مدخلا للإصلاح والفساد المنتشر في الإدارات العامة ومؤسسات الدولة، مشددا على إيمانه بأن الدولة المدنية وحدها قادرة على حماية التعددية وصونها وجعلها وحدة حقيقية إضافة الى ان تحوّل لبنان من النظام الطوائفي السائد إلى الدولة المدنية العصرية، دولة المواطن والمواطنة، يعني خلاصه من موروثات الطائفية البغيضة وارتداداتها، وخلاصه من المحميات والخطوط الحمر والمحاصصة التي تكبّل أي إرادة بنّاءة وتفرمل أي خطوة نحو الإصلاح.
وقد لاقى مطلب عون الترحيب على الساحة الإقليمية والغربية خاصة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون علما أن مفهوم الدولة اللبنانية قد طرح ما قبل الحرب الأهلية والتي إنتهت بتقسيمات إدارية وعشوائية بحسب الطوائف لا حسب الكفاءة والأخذ بالأعراف بدلا من الدستور بما يتماشى مع المصالح الخاص وليس العامة.

ماهي الدولة المدنية إذاً؟
الدولة المدنية بعيدة كل البعد عن لبنان اليوم، فهي تلك الدولة التي تفصل بين السياسة والدين، ولا يحكمها عسكر أو رجال دين بل مدنيين، ضمن نظام مدني يُعامل الجميع فيه على أساس أنهم مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات بغضّ النظر عن دينهم وعرقهم ولونهم وجنسهم وهذا ما يسمى بالمواطنة.
وتستند الدولة المدنية أساسا على ألا تُعامل المواطنين على أنهم جماعات بل أفراد متساويين بالحقوق والواجبات وتركز على تأمين رفاهية الإنسان و حاجاته دون أي إختلاف و تفضيل بالحقوق والواجبات.
ومن المهم التركيز على أن الدولة المدنية ترفض إستخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية على عكس ما يحصل في لبنان. فبالرغم من التقدم الكبير والإنفتاح الذي يعيشه مجتمعنا يبقى للدين مكانة خاصة حيث يعتبر عاملا أساسيا لزرع الولاء السياسي في نفوس المناصرين و اداة ضغط في الفترات الإنتخابية.

تقول الدكتورة ليلى نقولا أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية لموقع جَديدُنا أنه:” أكادميا لا وجود للدولة المدنية إنما للدولة العلمانية، و هذا المفهوم يثير البلبلة في المجتمع اللبناني بربطه بالعلمانية “الفرنسية” أي إلغاء الدين من الدولة، وعلى العكس، إن الهدف من المدنية اللبنانية هو فصل الدين عن الدولة ومحو المقاربة الدينية – السياسية فتصبح علاقة الإنسان بدولته على أساس قانوني مبنية على المساواة المنصوص عليها في القانون اللبناني إنما يواجه مشكلة واحدة وهي التمييز”.

وتضيف:” الدولة المدنية هي رؤية لمستقبل راسخ على جيل شبابي يؤمن بلبنان المساواة وتكافؤ الفرص فيه، لا مكان فيه للتمييز الطائفي، كما أن الدولة المدنية تساهم بالخروج من فكرة الرعايا الى فكرة المواطنية وهذه النظرة ستساهم بتأسيس لبنان أفضل، مختلف عن النظم السياسية التي تتبدل كل 15 عاما وقد أثبتت فسادها وعجزها عن إدارة الأزمات.

وتضع الدكتورة نقولا شروطا عدة لتحقيق الدولة المدنية وأهمها طاولة الحوار تتمثل فيها أراء جميع اللبنانيين حول الدولة المدنية الواردة تشكيلها “فالأنظمة السابقة أكبر مثال على فشل منطق الأقوى يكتب القانون، لذلك من الضروري تقبل جميع بدور الدولة المدنية التي ستحفط له حقوقه ووجوده إضافة الى تشكيل مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف بصورة عادلة”.
وتشدد الدكتور نقولا على وجود اللامركزية المناطقية الموسعة التي تزيد من الإنماء المناطقي وتخفف من المركزية المتشددة.

ما بعد الدولة المدنية
في حال تطبيق مفهوم الدولة المدنية الذي شهد على الكثير من التعثرات “المقصودة” منذ القدم حتى اليوم، هل تبقى الدولة اللبنانية ومؤسساتها على نهجها اليوم؟
إن نجاح “المدنية” في لبنان يبدأ من مؤسساتها الدستورية والقضائية حيث لا مكان للبنود العرفية القديمة فيها، فهل تخيلتم يوماً أن يكون رئيس الجمهورية غير ماروني؟ أو رئيس الحكومة غير سني؟
ما بعد الدولة المدنية، لا مكان للمحاصة بل مرحباً بالكفاءة وأصحاب الإختصاص مما يسهل بكبح الفساد في المؤسسات العامة ونشر التعددية و المساواة لا الطائفية إنما المواطنية.
أما عن الزواج المدني، المظهر الأول والأساسي لزرع فكرة المدنية في عقول اللبنانيين، فإن تطبيق المدنية اللبنانية ينطوي على إعتماد الزواج المدني في لبنان كما البلدان الأخرى فبدلا من أن يتوجه الثنائي اللبناني الراغب بالزواج مدنيا الى قبرص أو البلدان الغربية الأخرى، سيتمكن اللبنانيين (بعد تطبيق المدنية) الزواج بين العائلة دون أي خوف من رفض تثبيت العقد كما حصل مع أكثلر من 50 ثنائي في لبنان علماً أن الزواج المدني حق منصوص عليه في القوانين اللبنانية منذ الانتداب وتشكيل أولى أسس وثوابت الدولة اللبنانية، وهو قرار لم تدحضه أي مادة قانونية في الدستور أو القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية.

فهل يشهد لبنان إتفاقا ممكن تسميته “بالعجائبي” على شكل واحد للدولة المدنية تتساوى فيها الأطراف والجماعات بحسب الكفاءات والإمتيازات العلمية لا الطائفية؟
جديدنا الإخباري

زر الذهاب إلى الأعلى