اخبار لبنان - Lebanon News

الضغط الأميركي- الإسرائيلي يتواصل والحذر الرسمي مشروع!

ثمة أسباب تدعو إسرائيل إلى مواصلة حربها على لبنان، على رغم من التزامه التام بقرار وقف إطلاق النار، ووقف العمليات الحربية عبر حدوده مع فلسطين المحتلة، وانسحاب مقاتلي «حزب الله» من منطقة جنوب الليطاني، ومصادرة مستودعات الأسلحة التابعة له أو تدميرها.

إسرائيل ترى في السجال الداخلي حول سلاح الحزب ودوره، والحصار السياسي المَقرون بحملات إعلامية واسعة ضدّه، وانعكاس ذلك على الحكومة التي نجحت حتى الساعة في تدارك إظهار التباين حول طريقة التعامل مع ملف السلاح، فرصة لـ«ضرب الحديد وهو حامٍ». والتذرّع بأنّ ما تقوم به ليس إلّا ترجمة لما يجب أن يكون، مرتكزة إلى أدبيات بعض القوى ومواقفها.

من هنا تتخذ تل أبيب من التباين السياسي الداخلي مشروعية لتواصل اعتداءاتها، وتتجاوز الجنوب لتقصف في عمق «الضاحية الجنوبية» لبيروت، وهي تعلم تمام العلم أنّ الأهداف التي أعلنت نيّتها في قصفها، إنّما هي أهداف مزعومة، وهذا ما أكّده الجيش اللبناني على إثر تفتيشه الدقيق للأهداف المهدّدة، بشهادة مندوب اللجنة الدولية المولجة بمراقبة وقف إطلاق النار.

وممّا لا شك فيه، أنّ اليَد الطليقة لإسرائيل في لبنان تحظى بدعم أميركي واضح، وتفيد من صمت عربي بات مألوفاً، وعجز أممي اعتاده اللبنانيّون، الأمر الذي وفّر غطاءً نموذجياً لتستكمل مخطّطها التدميري. إنّ الضغط يشتدّ على رئيس الجمهورية، والحكومة لاتخاذ قرار بنزع سلاح «حزب الله»، وهو ضغط خارجي وداخلي، ويرفض إعطاء مزيد من الوقت ليقوم الرئيس جوزاف عون بما تعهّد به لجهة تولّيه هذا الملف شخصياً والتحاور مع الحزب في شأنه. وتعلم واشنطن ومَن يُواليها ويُشايِع سياستها في الداخل والخارج، أنّ معالجة موضوع السلاح باللجوء إلى القوة، وزجّ الجيش في مواجهة مباشرة مع «حزب الله» وبيئته، ستكون لها عواقب وخيمة، وستجعل أحد المكوّنات الرئيسة في لبنان يشعر بأنّه مطوّق ومستهدف، الأمر الذي ينسف الحدّ الأدنى من الاستقرار السياسي المتوافر حالياً، وما يمكن أن يجرّه ذلك من ذيول. وإنّ رئيس الجمهورية يتصرّف بعقلانية تجاه هذا الوضع المعقّد، من دون أن يعني ذلك أنّه تخلّى عن التزامات لبنان بتنفيذ القرار الرقم 1701، لكنّ موجبات الوحدة الوطنية هي التي تتقدّم عنده على ما سواها من اعتبارات.

كما أنّ رئيس الحكومة نواف سلام الذي يُبدي اندفاعاً حيال تطبيق القرار الأممي، ولا يُخفي رأيه الصريح الذي يُعبِّر عنه بأسلوب حاد أحياناً، يحاذر أن يكون موضوع نزع السلاح مدرجاً لزعزعة الاستقرار الداخلي، مؤثراً أنّ يتمّ في مناخات توافق سياسي واسع.

ولا يقلّ قائد الجيش العماد رودولف هيكل حرصاً على معالجة ملف السلاح بالحوار لاقتناعه بعدم زجّ الجيش، وفي هذا التوقيت بالذات، في مواجهة أي فريق أو مكوّن لبناني. ويُدلي بما يكفي من الأسباب التي تُبرِر حذر المؤسسة العسكرية، مع تشديده الصارم على تطبيق قرار وقف إطلاق النار بكل مندرجاته، والحرص على فرض الأمن، وهو يتلاقى مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على العنوان العريض: حصر السلاح بالدولة.

ويبدو واضحاً أنّ السجال الدائر في لبنان حالياً ليس حول مبدأ حصرية السلاح، لكن حول طريقته، وتوقيته، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان، والأوضاع غير المستقرة في سوريا وتداعياتها على حدود لبنان الشرقية والشمالية. وإنّ أياماً صعبة تنتظر لبنان، لكن مواجهتها لن تكون مستحيلة في ظل موقف رسمي موحّد وواضح. فهل تتجلّى وحدة هذا الموقف داخل الحكومة التي تستودع على مقاعدها تناقضات يُعبّر عنها وزراء لا يجمع بينهم منطق ولا هدف واحد؟

جوزف القصيفي – الجمهورية

زر الذهاب إلى الأعلى