“الهوية الجنسية” للطلاب تثير انقسامات واسعة بكندا !

خرج الآلاف في مدن كندية مختلفة، الأربعاء، للمشاركة في احتجاجات مناهضة وأخرى مؤيدة لسياسات تدريس التوجهات الجنسية في المؤسسات التعليمية، وكيفية تعامل المعلمين مع التلاميذ.
وكانت الحكومة المحلية لمقاطعة “نيوبرونزويك” (جنوب شرق) وراء إثارة الجدل حول الموضوع في جميع أنحاء كندا، بعد قرارها، في يونيو الماضي، تغيير السياسات المتعلقة بالتعامل مع الطلاب المثليين والعابرين الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما، باشتراط حصولهم على موافقة آبائهم، قبل أن يتمكن معلموهم من استخدام الضمائر (هو، هي..) والأسماء الأولى التي يفضلونها.
جدل واسع
وأفاد موقع “راديو كندا”، بأنه من جهة، اتهم متظاهرون إدارات بعض المدارس بتعريض الطلاب الصغار لما وصفوه بـ”الأيديولوجيات الجندرية غير الضرورية”، وطالبوا بحق أولياء الأمر في معرفة توجهات أطفالهم الجنسية وهويتهم الجندرية.
وعلى الجهة المقابلة، ندد محتجون آخرون بما اعتبروه “السعي لحرمان الطلاب من دروس مهمة حول الإدماج الاجتماعي واحترام حقوق الأشخاص من هويات جندرية متنوعة”.
من جانبها، أشارت صحيفة “غلوبال نيوز” إلى أن المظاهرات الحاشدة ترتبط بنقاش تدريس الهويات الجنسية، كاشفة أن مقاطعتي نيوبرونزويك، وساسكاتشوان (غرب)، اللتان تشترطان على الطلاب الحصول على موافقة الوالدين قبل أن يتمكن المعلمون من استخدام الأسماء والضمائر الأولى التي يفضلونها، شهدتا بدوريهما احتجاجات واسعة.
وفيما خرج متظاهرون في المقاطعتين تأييدا لاستمرار هذه السياسات، ندد آخرون في احتجاجات مضادة بإقرارها، معتبرين أنها “تنتهك حقوق الأطفال”، وأنه لا ينبغي للمدرسين أن يكشفوا عن ميول تلاميذهم لآبائهم، حمايةً لهم.
أوليفييه هيبيرت، أحد المتظاهرين الداعمين لحقوق مجتمع الميم عين +، يقول للصحيفة: “نحن لا نطلب من الناس أن يتحولوا أو يغيروا ما هم عليه، نحن نطلب منهم أن تتاح لهم الفرصة للظهور، كما يريدون، هذا كل شيء”.
بالمقابل، يقول عمرو حنفي، وهو أب لطفلين صغيرين، أنه شارك في الاحتجاجات التي شهدتها مدينة مونتريال لأنه يشعر بـ”القلق من تلقي أطفاله للأفكار المتعلقة بتغيير الجنس في سن مبكرة”، وذلك في تصريحات نقلها موقع “ويك نيوز”.
وفي السياق نفسه، يقول م. الخوري (46 عاما)، وهو رجل أعمال لبناني وأب لطفلين، إنه قرر الانتقال إلى كندا مع عائلته تاركا أعماله في دول الخليج، لكنه “اصطدم في واقع الحال بكندا”.
وأشار الخوري، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الأول، في تصريحات لموقع “الحرة”، إلى أنه شعر بأن أطفاله بـ”خطر وقد يصبحوا مثليين في السنوات المقبلة”، خصوصا أن ابنته شاهدت شابتين في مظهر وصفه بـ”غير اللائق”.
وأوضح أنه عاد من كندا بعدما تكبد خسائر مالية كبرى من أجل حماية أبنائه من المناهج الدراسية التي “تحث على المثلية وتروج لها”، على حد تعبيره.
“لا مكان لرهاب المثلية”
وتفاعل رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، مع الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، مؤكدا أن “لا مكان لرهاب العابرين جنسيا ورهاب المثلية ورهاب مزدوجي التوجه الجنسي في كندا”.
وتابع في تغريدة على أكس “نحن ندين بشدة هذه الكراهية ومظاهرها، ونقف متحدين لدعم الكنديين 2SLGBTQI+ في جميع أنحاء البلاد”.
وتنص السياسة السابقة، التي يعود تاريخها إلى عام 2020، أن على المعلمين احترام جميع الأسماء والضمائر التي يختارها الأطفال، بغض النظر عن عمرهم، وبأن يكون الأمر متروكا للطالب، سواء لإبلاغ والديه أم لا.
وأثارت التعديلات التي أقرتها حكومة مقاطعة نيوبروزويك والمعروفة بـ”السياسة 713″، جدلا واسعا بالمشهد السياسي الكندي.
ففي مقابل تشبث الرئيس المحلي لحكومة المقاطعة بالخطوة، واجه تمردا من عدة وزراء، فتمت إقالة بعضهم واستقال البعض الآخر، كما أشعلت الخطوة توترا مع الحكومة المركزية أيضا.
وندد ترودو في وقت سابق من شهر يونيو بالقرار، وصرح بأنه “قيل للأطفال العابرين جنسيا إنهم ليس لديهم الحق في أن يكونوا على طبيعتهم، وأنهم بحاجة إلى طلب الإذن”، مضيفا “يحتاج الأطفال العابرون إلى الشعور بالأمان، وليس استهدافهم من قبل السياسيين”.
وساعد الحضور المكثف للشرطة في تفادي مواجهات بين المتظاهرين الغاضبين، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.
وقالت شرطة أوتاوا إنها اعتقلت شخصين بتهمة “عرض مواد تحض على الكراهية”، خلال احتجاج في العاصمة.
“دعوة للدعم”
ويضم مجتمع الميم في كندا، التي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة، نحو مليون شخص، وفقا لهيئة الإحصاء الكندية، بينهم آلاف اللاجئين الفارين إلى البلد طلبا للحماية من الاضطهاد والانتهاكات التي يواجهونها في بلدانهم.
ويستأثر النقاش حول موضوع تدريس هذه المناهج باهتمام أعضاء الجاليات العربية بكندا، في هذا الجانب، حيث يعبر محمد ق.، لاجئ سوري وصل إلى كندا منذ حوالى السنة، عن أمله في أن “تبقى هذه البلاد ملجأ آمنا لأفراد مجتمع الميم الذين هربوا من مجتمع هو نفسه يلاحقهم هنا في كندا”، على حد تعبيره.
وأوضح الشاب، في حديث لموقع “الحرة”، أن “التظاهرات المناهضة للمثلية تعيده إلى أيام عانى منها من التنمر والاستهزاء بحركاته التي كانت توصف بالأنثوية”.
ودعا الشاب السوري الذي تقدم بطلب لجوء لدى السفارة الكندية في بيروت، حيث كان يقيم: “السلطات الكندية للاستمرار في دعم حقوق المثليين وحمايتهم”.
هذا وتضم التظاهرات الداعمة والمناهضة فئات مختلفة من المواطنين والسكان، ولا تعتبر الحملات الرافضة لما يصفوه بـ”الترويج للمثلية” محصورة بمجموعة أو جنسية معينة.
الحرة