فاجأ رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية المتابعين بإعلانه أنه مستمر في ترشحه، مخالفاً توقعات انسحابه أو دعمه شخصية محددة.
إلّا أن القراءة في خطاب فرنجية تشير إلى أن هذا الموقف يأتي ضمن إطار المناورة السياسية. فهو موقف مبدئي اعتراضي على “من تخلّى عنه” من دون تقديم البديل، في المقابل هو شرّع الأبواب للانسحاب من المعركة بقوله “إذا اتفقنا على اسم في جلسة 9 الشهر فأنا منفتح على ذلك”.
لا يغيّر الخطاب شيئاً في واقعية فرنجية الذي يعلم أن حظوظه أصبحت معدومة، وهو يقارب هذا الموضوع بطريقة مختلفة متخطياً قضية استمراره مرشحا للرئاسة، بل بحرص على موقع الرئاسة كما يقول مقربون منه، “فالواقع تغيّر وما جرى في الإقليم كبير و”عاطل”، والإتيان برئيس كيفما كان بمثابة كارثة تصيب المسيحيين”.
بدا واضحاً أن العلاقة بين فرنجية والحلفاء سيئة، وهو ما تحدث عنه عندما قال “لو لم نتقاطع على اسم، فلا نملك ترف الخلاف”، مبعداً نفسه عن مرشحين جرى تداول أسمائهم على أنهم مقبولون من المحور الذي كان داعما له، ومؤكداً أنه لن يكون في “جيب أحد” بعد تراجعه عن ترشحه.
من الواضح أن فرنجية في صدد الانتقال من مرحلة المرشح الأساسي إلى مرحلة المشاركة في صنع الرئيس المقبل. وبحسب المقربين أيضاً، أنه على الرغم من استعداده هذه المرّة للذهاب بعيداً جدّاً في الخيار الرئاسي، فهو يعلم أن إمكان وصول رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى سدة الرئاسة شبه مستحيل. فعلى الرغم من التحوّل الكبير في الأوضاع الإقليمية والدولية، لا تسمح الظروف الموضوعية والداخلية بوصول جعجع في هذه المرحلة. بالإضافة إلى ذلك، فلو أعلن فرنجية الافتراق عن حلفائه إلا أنه لن يحاربهم، ومهما بلغ الخلاف في ملف معيّن فلن يكسر الجرة معهم، هو المعروف عنه أنه لا يبيع ولا “يكوّع”.
والحال أن هذا الموقف لا يعني عدم إمكان التقاطع مع جعجع، وخصوصاً أنه في الإطار العام، يتوافق الرجلان على ضرورة الإتيان برئيس قادر على قيادة لبنان ولديه موقف يستطيع أن يفرضه في هذه المرحلة المصيرية، فلا يكون مسيّراً من جهة محددة، لأن البلاد في حاجة إلى رئيس وليس إلى ميسّر أمور أو مدير أزمة، والتقاطع مع جعجع والمعارضة أمر وارد.
وفي هذا الإطار، علمت “النهار” أن معراب تلقفت كلام فرنجية بإيجابية وأعادت إحياء خط التواصل مع بنشعي عبر النائب ملحم الرياشي، والأمور إيجابية بين الفريقين، لكنها لا تزال في مرحلة البدايات، ومن غير المستبعد أن تصل إلى نتيجة.
في المحصلة، بدا فرنجية مرناً في إمكان إعادة التموضع السياسي، وأبقى كل الخيارات مفتوحة، مؤكداً بذلك أن انسحابه من السباق لن يجعله لاعباً هامشياً بل سيكون لاعباً أساسياً في اختيار الرئيس، وقد أعطى نفسه هامشاً ضمن إطار لعبة التوازنات الداخلية والإقليمية.
النهار