اخبار لبنان - Lebanon News

معهد القديس يوسف – عينطورة يدقّ ناقوس الخطر… فهل يُغلِق أبوابه نهائيّاً؟

كتبت جويل عرموني في “الديار”:

تتفاقم الظروف الاقتصادية والمالية يوماً بعد يوم، فمِن إقفال وافلاس مئات المؤسسات والشركات الى ازدياد البطالة في لبنان بشكل كبير وتشريد العائلات وإجراءات المصارف بالحدّ من سحب الودائع وتراجع القيمة الشرائية للعملة الوطنية وارتفاع أسعار مختلف الأصناف والأنواع بما نسبته 50%، اضافة الى تراجع عائدات الوسائل الاعلامية وتوقّف صدور عدد من الصحف ووقف بث عدد من الاذاعات، وصولاً الى ظهور وانتشار فيروس كورونا في لبنان ما أدّى الى اقفال جميع المدارس والجامعات الخاصة والرسمية بعد حالة الهلع التي كانت سائدة بين الأهالي وحرصاً على سلامة التلاميذ.

تزامناً مع كل هذه الأحداث المؤلمة التي نمرّ بها، أتى دور المؤسسات التعليمية لتدق بدورها ناقوس الخطر.

فمن كان لِيتَصوَّر أن معهد القديس يوسف-عينطورة الذي يُعدّ من أقدم وأعرق المدارس الخاصة والكاثوليكية التي تأسّست على يدّ الآباء اللّعازريين في لبنان عام 1834، والذي يشهد الجميع لمستواه التعليمي الرفيع، والذي خَرَّج أعلاماً بارزة في مختلف المجالات والميادين وكبار رجال لبنان، وشكَّل على امتداد قرنين من الزمن ركيزة تربويّة ساهمت برسم وجه لبنان الحضاري، أن يأتي يوم ليصبح مصيره على شفير الهاوية؟

في هذا الاطار، وجّهت الإدارة والأساتذة الكرام نداءً من القلب لِتلاميذها القدامى والاصدقاء، تدعوهم فيه الى التكاتف العائلي والتضامن معاً في تقديم الدعم المادي أو المعنوي من خلال الصلاة، في سبيل الاستمرار والتطوّر واجتياز الصعوبات بأقل خسائر وأضرار، قبل وصول المدرسة الى الانهيار والاقفال نهائياً.

فهل صحيح أن سبب الاغلاق يعود لعدم دفع الاهالي الاقساط كما يُذاع؟وهل تقفل المدرسة أبوابها نهائياً في وجه التلامذة قبل انتهاء العام الدراسي ويصبح مستقبلهم على المحك؟

أسئلة كثيرة طُرِحت على الأب الرئيس سمعان جميل اللّعازري، المسؤول عن عائلة عينطورة الكبيرة، في حديث لـ”الديار”، وذلك لاستقاء المعلومات من مصادرها، ووضع الأهل والأساتذة والقرّاء في تفاصيل ما يعيشه المعهد، مع القاء الضوء عن مدى تأثير هذه الأزمة على الجهاز التعليمي مع طرح الحلول المناسبة، على أمل أن تكون هذه الأزمة غيمة صيف عابرة، ليبقى معهد القديس يوسف – عينطورة مستمراً في رسالته التربوية ويتحدّى كل المصاعب كما عوّدنا دائماً، وليظل صامداً مهما اشتدَّت العواصف.

الأزمة الماليّة ليست جديدة..

.!

لدى سؤال الأب سمعان جميل عن سبب هذه الأزمة في معهد القديس يوسف-عينطورة الذي لم يشهد ظروفاً مماثلة منذ تأسيسه، أجاب قائلاً:”يختصر معهد عـينطورة وطننا بأمجاده وتاريخه ومعاناته، هذا الوطن الذي يعـيشُ في هذه الفترة أزمة خانقة تهدّد كيانه وترخي بظلالها عـلى مختلف المؤسّسات التربويَّة والاقـتصاديَّة، وتنال كذلك من المعهد الذي ليس غريباً عن مجتمعه ومحيطه، بل هو انعكاس للإطار الذي يتواجد فيه”. وتابع:”وطالما عُرِف المعهد بالروح العائلية التي تسود أعضاء هذه العائلة من ادارة وأفراد الهيئة التعليمية وطُلاّب وأهالٍ وقدامى وأصدقاء.وشأن هذه العائلة شأن كلّ العائلات التي تكبر وتزداد متطلّباتها وتسعى لأن تكون عند ثقة الجميع، من أجل ذلك قامت ادارة المعهد بخطواتٍ جديدة جبّارة لمجاراة التطوّر ومواكبة الطرق التفاعليّة الحديثة في التعليم لتبقى كما كانت رائدة في محيطها. ولفت الى أن “التحديث شمل البشر والحجر والأجهزة وتأمين أعلى معايير السلامة لأفراد عائلته الكبيرة، الأمر الذي احتاج الى ميزانيات ضخمة وإلتزامات كثيرة يسعى المعهد الى تجاوزها بتعاون ودعم الجميع. وأشار الأب سمعان الى أن “الأزمة الماليّة ليست جديدة، إنّما تعود لِسنوات سابقة ولكنها اشتّدت هذه الفترة حتى بلغت ذروتها هذا العام”.

أبواب الإدارة كانت وسَتبقى مفتوحةً

وعن إن كان بالإمكان تفادي هذا الواقع المؤلم، قال:”ربّما، وشعوراً من إدارة المعهد بأهميّة التّعاضد والتعاون، بادرت مع مطلع السّنة الدراسيّة الى ابلاغ الأهالي عن حسومات شملت رسوم التسجيل وبدل القرطاسيّة وأسعار اللّباس المدرسيّ، ورسم فتح ملفّ للطالب الجديد، كلّها خطوات استباقيّة لمساعدة أهالي الطلاّب على مواجهة الأوضاع الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد”.

غير أن رياح الأزمة اشتدّت وتفاقمت بشكل جنوني وغير متوقّع حتى جعلت كلّ المؤسسات والعائلات ترزح تحتها. كما أن تأثّر بعض أهالي طلاّبنا بذيول الأزمة نفسها، فمنهم من صُرف من عمله، ومنهم من بات يتقاضى نصف راتب في هذه الظروف المعيشيّة الصعبة، ممّا انعكس سلباً على تأدية التزاماتهم تجاه المدرسة ودفع المستحقّات المتوجّبة عليهم. علماً أن أبواب الإدارة كانت وستبقى مفتوحةً لمناقشة الأوضاع الخاصّة والسّعي لإستيعابها.

ماذا عن تأثير الأزمة على أجور الأساتذة؟

أكّد الأب سمعان جميل أن “إدارة المدرسة تسعى جاهدةً إلى التخفيف من التأثير السّلبي لهذا الوضع الحالي قدر المستطاع على أجور الأساتذة والموظّفين والعمّال، مع علمها أن على المعهد التزامات ومُتطلّبات إضافيّة خاصّة مع تدنّي سعر صرف العملة الوطنيّة وجنون الأسعار، وضرورة تسديد المصاريف المتعلّقة بالخطط الجديدة للتعليم عن بعد لتأمين حسن سير العمليّة التربويّة في المعهد، وسعياً لمواكبة المستجدّات بأقل ضرر على الجميع، ويبقى الهمُّ الأوّل والأخير مصلحة طلابنا وحقّ كلّ فردٍ منهم بالتعلّم”.

ختاماً، وبالنسبة لتصوّره للحلول التي يمكن أن تساعد على تخطّي هذه المرحلة، تمنّى أن يبادر أهالي الطلاّب الى تسديد المتوجّبات المستحقّة عليهم، وأن يبادر المقتدرون منهم الى القيام بلفتة تتحسَّسُ أوجاع من هم في ضائقة ماليّة.

“أعمال الربّ تتحقّق إنّما لا تُنجز وحدها”

من هنا، “لا بدّ من توجيه كلمة شكر وتقدير إلى ذوي الأيادي البيضاء والنفوس الكبيرة من أصدقاء المعهد ورابطة القدامى فيه، والخَيّرين الذين لايتأخرون عن مساعدة إخوتهم عبر تقديم الدعم المادي والمعنوي حاملين المعهد في ضمائرهم وقلوبهم، واستحضار روحية القديس منصور دي بول، مؤسس جمعية المرسلين اللّعازاريين، بمقولته “أعمال الربّ تتحقّق إنّما لا تُنجز وحدها”، سائلين الله أن يمنَّ علينا برحمته وأن يجعل أزمة بلادنا تنحسر بأقلّ ضرر على الجميع”.

جويل عرموني – الديار

زر الذهاب إلى الأعلى