الشرق الاوسط والعالم

هل تعود سوريا إلى الجامعة العربية؟

” الاخبار”

نقولا ناصيف

معظم الاهتمام المحوط بالقمّة العربية المقبلة يدور من حول المتوقع من الاجتماع الذي يعقده الاحد وزراء الخارجية العرب في القاهرة توطئة لها. تبعاً لمعلومات ترشح من اكثر من جهة معنية، توصُّل اجتماع الاحد الى قرار ايجابي من عودة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية.يعزز هذا التقدير بضع ملاحظات وثيقة الصلة بالحدث:

اولها، ان عودة سوريا الى الجامعة العربية لا يحتاج الى قرار ينبثق من اجماع عربي، وهو شرط القرارات. عندما عُلّقت عضويتها عشية القمة العربية في الدوحة كان بأكثرية 18 دولة في اجتماع وزراء الخارجية في 11 تشرين الثاني 2011 لتعذر التوصل الى اجماع على القرار بعد اعتراض سوريا ولبنان واليمن وامتناع العراق عن التصويت. بالطريقة نفسها في اجتماع مماثل ما دام لم ينبثق من قمة الملوك والامراء والرؤساء، تعود سوريا الى مقعدها التاريخي كإحدى الدول الثماني المؤسّسة للجامعة.عندما عُلقت العضوية حينذاك أُعطي المقعد الى المعارضة السورية كي يشغله ممثل “”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» احمد معاذ الخطيب عشية قمة الدوحة 25 آذار 2013. حضر في الغداة القمة بالصفة هذه واضعاً امامه علم «الثورة» لا علم الدولة السورية. عكس ذلك تجريد – او الظنّ بتجريد نظام الرئيس بشار الاسد من الشرعية العربية كي تضفى آنذاك على مناوئيه، وتعاد اليه قريباً مع عودته الى المقعد.ثانيها، ان لعودة سوريا الى كرسيها تداعيات لم يسبق ان عرفته سابقة «طرد» مصر من الجامعة العربية في قمّة بغداد في 2 تشرين الثاني 1978 على اثر ابرامها معاهدة السلام مع اسرائيل. لم تعد الدولة المطرودة الى مقعدها الا بعد عشر سنوات في قمة الدار البيضاء في 23 ايار 1989 دونما التخلي عن المعاهدة المبرمة مع الدولة العبرية. طُردت مصر حينذاك بقرار صدر بالاجماع، بيد انها لم تعد بقرار معاكس تبعاً لنظرية موازاة الصيغ، بل حضرت قمة الدار البيضاء وطُويت المرحلة السابقة للتو.

ما لم يرافق سابقة مصر مع الجامعة – وكان الخلاف حينذاك عربياً عربياً – يقتضي ان تجبهه في المرة المقبلة مع عودة سوريا اليها. تكمن المعضلة في قانون قيصر النافذ المفعول حتى 20 كانون الاول 2024، بانتهاء مدة السنوات الخمس لتطبيقه، المرعي الاجراء في دول الجامعة العربية جميعاً. تعود سوريا في ظل استمرار نفاذ احكام العقوبات الاميركية الملزمة للدول العربية، وكانت ولما تزل العقبة الكأداء في وصول الغاز المصري والكهرباء الاردنية الى لبنان.الى الآن لم يقل الاميركيون انهم ضد عودة سوريا الى الجامعة العربية، بيد ان الايحاءات التي ارسلوها، وتجلت في مواقف خمس دول عربية متحفظة الى الآن عن العودة، انطوت على رغبة واشنطن في إقران العودة هذه بشرطين اساسيين: انبثاقها من قرار عربي مشترك توافق عليه دول الجامعة كلها، وفرض الحل السياسي للحرب السورية على النحو الذي لا يتحمس له الاسد. يطلب الاميركيون بذلك ثمناً مسبقاً، باهظاً ربما، للتسليم باستعادة الرئيس السوري شرعية نظامه فيالمجموعة العربية. كذلك حيال الدول الاوروبية لاسيما منها الاكثر تصلباً حيال الاسد كفرنسا والمانيا، ستجد نفسها مربكة في التعامل مع دولة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع العربي ونظامه المُعبَّر عنه في الجامعة العربية وفي الوقت نفسه معاقبة اميركياً ومتهمة بتدمير شعبها.

ثالثها، لا ريب في ان الوظيفة الفعلية والجدية لقمّة الرياض ان تنتهي الى تكريس المملكة زعيمة العالم العربي في ضوء سلسلة التحولات الاخيرة ليس آخرها اتفاق بكين بينها وايران. تقود الرياض بكل ثقلها حملة اعادة سوريا الى الجامعة العربية كاحدى الحلقات المكمّلة للاتفاق مع الجمهورية الاسلامية. ذلك ما يُفترض ان يعبّر عنه موقف التحفظ العابر المتوقع صدوره غداً الاحد من الدول الخمس غير المستعجلة عودة سوريا في الوقت الحاضر الى الجامعة، في وقت تنشط قنوات تعاونها الامني معها في اكثر من اتجاه. بينما اختارت مصر ان تذهب في سبات طويل متحوّلة دولة ثانوية مستسلمة للرياض، تقتصر النبرة العالية على قطر. عرّابة إخراج سوريا من الجامعة العربية قبل عشر سنوات.المفارقة ان السنوات العشر قياس تقليدي. طُردت مصر وعادت، وعُلقت عضوية سوريا وستعود في المدة نفسها. الاكثر مدعاة للانتباه شهر ايار نفسه مفتاح الحظ لهما.

زر الذهاب إلى الأعلى