

نشرت صحيفة “ذي هيل” مقالاً تحليلياً بقلم المحلل السياسي إيريك مانديل، وهو مدير “شبكة المعلومات السياسية في الشرق الأوسط”، يتطرق فيه الى وضع حركة “حماس” في لبنان وتأثيرها على واشنطن وإسرائيل من جهة وعلاقتها مع “حزب الله” من جهة ثانية.
ويقول مانديل: “تخلق حركة “حماس”، التي تسيطر على غزة، بمساعدة إيران تواجدا في الفناء الخلفي لـ”حزب الله” في لبنان. وبالتالي هل يجب أن يثير الدعم الإيراني لهتين المنظمتين الإرهابيتين قلق المصالح الأمنية الأميركية؟ الجواب نعم. إن الوجود العسكري الناشئ وغير المتوقع لـ”حماس” في لبنان يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة بأسرها. وذلك لأن “حماس” قد لا تشعر بوجوب ضبط النفس في العمل في لبنان كما هو الحال في غزة، حيث تلعب دور القوة الفعلية. تعرف “حماس” الفلسطينية أنها لن تتحمل في الدرجة الأولى عواقب الانتقام الإسرائيلي لأعمالها الصادرة من لبنان. لا يتطلب الأمر الكثير من الخيال لفهم أن هذا يمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة ويتحول إلى حرب إقليمية – وربما يُحدث دماراً في محور أميركا تجاه الصين”.
ويضيف: “لبنان بركان على وشك الانفجار، بوجود أسلحة أكثر بكثير مما كان عليه الوضع في الماضي. قد يؤدي وجود “حماس” في لبنان إلى تكرار الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و 1990 بين الفلسطينيين والمسيحيين والدروز والسنة والشيعة. الفارق هذه المرة هو التدخل الكامل لإيران والاستفادة التي تستخدمها من الدول الفاشلة لدفع أجندتها المهيمنة. هذا مهم بشكل خاص في هذا الوقت، لأن “حزب الله” يحاول التهرب من مسؤولية انفجار مرفأ بيروت الضخم في العام الماضي، من خلال ترهيب المحققين الحكوميين، كما فعل في إغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في العام 2005″.
ويتابع مانديل: “تعتبر أميركا استمرار الوضع الحالي في لبنان يصب في مصلحتها. آخر شيء تريده أميركا هو اندلاع حريق هائل آخر يمر عبر الشرق الأوسط، ويجتذب إليه حلفاء أميركا ، إسرائيل والأردن. ستكون حرب لبنان الثالثة عائقاً رئيسياً أمام محاولة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن استئناف الاتفاق النووي الإيراني. سيكون من المحرج، على أقل تقدير، أن يصافح بايدن إيران في مثل هذه الصفقة بينما ستدعم إيران نشاط “حزب الله” و”حماس” في حرب تحرض عليها القوات المدعومة من إيران في لبنان”.
ويتساءل: “فلماذا تدعم إيران الشيعية الفارسية حركة “حماس” العربية السنية في أراضي “حزب الله” الشيعي؟”، ويجيب: “المصلحة المشتركة بين إيران و”حماس” هي تدمير الكيان الصهيوني. هذا هو الرابط المشترك بين إيران و”حزب الله” و”حماس” معا. تتم تغطية الانقسامات الدينية داخل الإسلام باسم تحرير فلسطين. لقد حولت إيران فلسطين إلى أيديولوجية بحد ذاتها، متجاوزة بذلك الانقسام السني مقابل الشيعة الذي دام قرونًا عدة”.
ويسأل مانديل: “كيف ستتصرف إسرائيل ضد “حماس” الحاسمة التي تعمل من لبنان؟ تمتعت إسرائيل بهدوء نسبي في الشمال منذ حرب لبنان الثانية في العام 2006. وهي تعلم أن الـ 150 ألف صاروخ لـ”حزب الله” في لبنان، بعضها الآن بتوجيه دقيق، يمكن أن تلحق أضرارا مدمرة في جميع أنحاء البلاد. هل تستطيع إسرائيل ضرب “حماس” في لبنان دون إقحام “حزب الله” وتحويل الصراع إلى جحيم؟”.
ويشير الى أن “حزب الله” لايزال “يتذكر الدمار الذي لحق به في العام 2006 خلال حرب لبنان الثانية ويعرف أن الشعب اللبناني سيلومه على كل ما سيحدث في الحرب المقبلة مع إسرائيل. لذلك، ومن أجل مصلحته الذاتية وبقائه، من المحتمل أن يرغب “حزب الله” في منع الأشياء من الانزلاق إلى معركة حقيقية. ومع ذلك، سيكون لإيران القول الفصل – حيث يتبع “حزب الله” التوجيهات الإيرانية كواجب ديني (ولاية الفقيه)”.
ويقول: “ما هو شعور “حزب الله” حيال خلق “حماس” موطئ قدم لها على أرضه؟ هل تنسق “حماس” مع “حزب الله” أم تفرض رأيها على “حزب الله” من قبل سيدها إيران؟ التفكير الحالي لدى بعض الخبراء هو أن الفرع الفلسطيني من فيلق القدس الإيراني في لبنان ينسق العمليات مع نشطاء “حماس” في لبنان”.
ويضيف: “بالنسبة لـ”حزب الله” وبقية لبنان، فإن الفلسطينيين، في أحسن الأحوال، ضيوف محتملون يجب أن ينتقلوا إلى فلسطين بمجرد القضاء على إسرائيل. لم يُسمح للفلسطينيين بالاندماج في المجتمع اللبناني أو أن يصبحوا مواطنين أو الحصول على التعليم والوظائف اللازمة للاكتفاء الذاتي أو التملك. لقد استُخدم الفلسطينيون كبيادق لإدامة الصراع مع إسرائيل وصرف الانتباه عن إخفاقات لبنان”.
ويتابع: “إن الوجود العسكري النشط لـ”حماس” في لبنان ليس نظرياً فقط. أرسلت “حماس” صواريخ “غراد” من لبنان إلى إسرائيل خلال حرب العام 2021 بين إسرائيل و”حماس”. في حرب غزة عام 2014، أطلق وكلاء “حماس” في لبنان صواريخ على إسرائيل، ربما ضد رغبة “حزب الله””.
ويختم مانديل بالقول: “يخلق الوجود العسكري المتنامي لـ”حماس” في لبنان تحدياً معقداً لــ”حزب الله”، مع العلم أنه، باعتباره القوة الفعلية في لبنان، سيتحمل العبء الأكبر من أي انتقام إسرائيلي. تعمل “حماس” انطلاقا من لبنان على تعريض المواطنين اللبنانيين للخطر وهو خطر لا يحظى بتقدير كاف في الولايات المتحدة. وآخر شيء تحتاجه واشنطن الآن، مع تحول اهتمام الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، هو حرب أهلية لبنانية جديدة”.
للإطلاع على التقرير بنسخته الأصليّة إضغط على الرابط التالي:
https://bit.ly/3m8OlA9