
كتب عماد مرمل في الجمهورية
ينطوي قرار عدد من الدول المانحة، وفي طليعتها الولايات المتحدة، بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الاونروا»، على تداعيات بالغة الخطورة ستصيب المخيمات في دول الجوار الفلسطيني ومن بينها لبنان.
بفعل سياسة «العقاب الجماعي» سيجد نحو 240 الف لاجئ أنفسهم في مهبّ الريح في لبنان، كونهم سيُحرَمون من مساعدات وتقديمات حيوية في مجالات تربوية وصحية واجتماعية ومعيشية، الأمر الذي من شأنه ان يزيد الوضع في المخيمات بؤساً وسوءاً، ما لم يتمّ تدارك الموقف قبل فوات الأوان.
وما زاد من المخاوف إعلان «الأونروا» رسمياً عن أنّها قد تضطر إلى وقف عملياتها مع حلول نهاية شباط الجاري، فيما بدا لافتاً انّ نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر أكّدت أنّ بلادها ستواصل تمويل «الأونروا»، لأنّ «دورها لا يمكن الاستغناء عنه في الدعم الإنساني لقطاع غزة».
ومن المعروف انّ القرار الواسع النطاق بوقف تمويل «الاونروا» يأتي بعد ترويج الكيان الاسرائيلي لمزاعم تفيد بأنّ بعض الموظفين والعاملين الفلسطينيين ضمن «الاونروا» شاركوا في عملية «7 تشرين» التي عُرفت بـ «طوفان الأقصى».
وبهذا المعنى، لا يمكن فصل موقف نحو 20 دولة بتعليق مساعداتها للوكالة الأممية عن الدلالات والاستهدافات السياسية، ربطاً بالرواية الإسرائيلية حول «7 تشرين» من جهة، وبما صدر عن محكمة العدل الدولية في ملف دعوى جنوب إفريقيا ضّد الكيان الاسرائيلي من جهة أخرى.
ولكن كيف سيتصرّف لبنان مع الخطر الداهم؟
بطبيعة الحال، لا تنقص البلد، المتخبّط في أزمة اقتصادية غير مسبوقة، أعباء إضافية وثقيلة ستترتب على تجميد وكالة «الاونروا» عملها، إذ انّ من شأن مفاعيل هذا التجميد أن تحيل المخيمات الى «قنبلة موقوتة» ربما تنفجر في اي لحظة بين يدي الدولة الهشة، والتي ستصبح في مواجهة همّ جديد تختلط فيه الأبعاد الانسانية بالمخاطر الأمنية، إضافة إلى التهديد السياسي الأكبر والمتمثل في محاولة فرض التوطين رغماً عن إرادة اللبنانيين ودستورهم.
وقد عرض مسؤولون لبنانيون مخاوفهم أمام بعض السفراء الغربيين، منبّهين إياهم الى انّه إذا لم يتمّ التراجع عن قرار وقف تمويل «الاونروا» فإنّ مشكلة كبيرة ستواجه الحكومة اللبنانية في ظلّ الأوضاع المزرية التي تعاني منها المخيمات وحاجة القاطنين فيها الى كل أنواع الخدمات.
وعُلم انّ احد المسؤولين حذّر من انّ إنهاء «الاونروا» خدماتها على نحو كامل ونهائي سيولّد ردود فعل غاضبة في المخيمات، ربما تتطور الى احتكاكات مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
كذلك، فإنّ قطع شريان «الاونروا» الذي يمدّ اللاجئين الفلسطينيين بالاحتياجات الضرورية سيُفاقم الفقر وبالتالي سيُنتج بيئة حاضنة لظواهر متطرّفة وناقمة على الواقع، الأمر الذي يمكن أن يترك تداعيات امنية داخل المخيمات وفي الجوار.