

كتب طوني كرم في نداء الوطن
واكب أهالي ضحايا إنفجار المرفأ الإجتماع المشترك بين هيئة مكتب أعضاء المجلس ولجنة الإدارة والعدل الذي انعقد أمس في عين التينة لدراسة طلب المحقق العدلي طارق بيطار رفع الحصانات عن النواب تمهيداً لمثولهم أمام العدالة، وذلك من خلال تحرك رمزي أمام مقر الرئاسة الثانيّة حاولت خلاله عوائل الضحايا تخطي الحاجز البشري الذي فرضه الجيش اللبناني في محاولة منهم لإيصال أنين الأمهات الثكالى، ووجع الآباء والأبناء إلى ضمير المسؤولين المجتمعين على اجتراح الإجتهادات القانونية لتمييع المسار القانوني في قضيّة إنفجار المرفأ.
وجع الأهالي انفجر غضباً خصوصاً عندما تأكدوا أن وزير الداخلية العميد محمد فهمي رفض طلب رفع الحصانة عن اللواء عباس ابراهيم مدير عام الأمن العام وعندما تناهى إليهم أن مدير عام أمن الدولة اللواء أنطوان صليبا تسلّح بعدم مثول ابراهيم كي لا يمثل بدوره من دون أن ينتظر ما إذا كان رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب سيعطي الإذن بملاحقته خصوصاً أنه هو نفسه مطلوب للمثول أمام القاضي بيطار كمدعى عليه. هذا الغضب الذي تفجّر ثورة وصراخاً وبكاء وتصميماً على متابعة القضية حتى النهاية أدى إلى صدامات مع القوى الأمنية وقد عزّ على أهالي الضحايا أن يتم وضع هذه القوى في مواجهتهم وقد أيقنوا من خلال هذا المسار كأن طريق رفع الحصانة عن النواب غازي زعيتر وعلي حسن خليل ونهاد المشنوق لن تكون سالكة. وقوف مستشار الرئيس نبيه بري علي حمدان إلى جانب الأهالي لنقل مطالبهم إليه لم يحدّ من سخط التدافع بين اهالي الضحايا والقوى الأمنيّة التي أظهرت تعاطفاً كبيراً مع آلام الأمهات رغم اعتدائها عليهم وتكسير صور ضحاياهم.
المتحدث باسم أهالي الضحايا وجه العديد من الرسائل إلى المجتمعين، محملاً الرئيس بري مسؤولية عرقلة سير العدالة لتحكّمه بمسار عمل المجلس النيابي، ليصدر بعدها بيان مشترك عن أهالي شهداء فوج إطفاء بيروت وأهالي الضحايا المدنيين، تعقيباً على رفض وزير الداخلية طلب القاضي بيطار استجواب اللواء عباس ابراهيم وعدم إحالة اللجنة النيابية طلبات رفع الحصانات إلى الهيئة العامة، يعيد التأكيد أن “كل من يختبئ تحت غطاء الحصانة، ويرفض طلب الاستجواب او غيره عبر التلاعب على القانون فهو يبرهن انّه متورط او لديه معلومات تهمّنا وتفيد التحقيق”، وتوجه البيان إلى المعنيين بالقول: “تهرّبكم من التحقيق يعادل السماح لنا بالدخول الى بيوتكم من دون أي اذن، لجلبكم للتحقيق بالقوة ومعرفة مدى تواطئكم مع الميليشيات الداخلية او الدول والأموال الخارجية. ما زلنا ننتظر مثولكم امام القضاء وفي حال عدمه انتظروا منا ما لم تروه سابقاً من تحركات غير سلمية”.
ومن أمام مقرّ عين التينة، سألت المحامية سيسيل روكز، التي فقدت شقيقها جوزف في الإنفجار “المسؤول” الذي هزئ من معرفة الأسماء التي تضمنتها لائحة المحقق العدلي عبر الإعلام، ما إذا إستفزته مشاهد الإنفجار التي تناقلتها وسائل الإعلام والتي أخبرت عائلات الضحايا بمصير أشقائهم وأولادهم وأبنائهم؟
ولفتت روكز إلى أنّ الوسائل الإعلاميّة تتابع مسار التحقيق من أمام أبواب قصور العدل، ومن الطبيعي ان تكون على إطلاع على الإجراءات التي تصدر من باب المحقق العدلي لتسلك مسارها القانوني الصريح، بما لا يتعارض مع سريّة التحقيقات. وتوجهت إلى الوزير فهمي لمعرفة الأسباب الكامنة وراء عدم إعطاء إذن لملاحقة اللواء عباس إبراهيم، قائلة: طالما أنّ لا مسؤولية تقع عليه، ليحضر أمام المحقق العدلي ويقدم إفادته ويبرئ ذمته. أما التمسّك بالحصانة فقد يزيد الريبة حول دوره في الجريمة، لتجدد التأكيد أن العديد من المستدعيين قد يصدر قرار بمنع المحاكمة عنهم.
وأشارت روكز إلى أن خيارهم الوحيد هو الشارع، ولن يتمكن أحد من إسكاتهم بعد خسارة أغلى ما لديهم، داعية اللبنانيين إلى مواكبتهم في التحركات الشعبية لأن الحصانات ستسلك طريقها إلى الهيئة العامة ولتتحمل الكتل والنواب مسؤولياتهم أمام ناخبيهم والرأي العام المحلي والدولي.
جريمة بحجم وطن
وعن الإجراءات القانونية التي يسلكها الملف، أكدت روكز أنّ القاضي بيطار لن يتراجع أمام التهويل الذي يمارسه البعض عليه، مؤكدة في الوقت نفسه الدعم والإحتضان الكبير الذي يلقاه من الأهالي.
ومن عين التينة، توجه الأهالي إلى وزارة الداخليّة، قاطعين الطريق بسياراتهم، حاملين صور ضحاياهم، مطالبين وزير الداخلية محمد فهمي بعدم وضع نفسه في خانة المتهم المعرقل لسير العدالة، لتشدد شيرين الزين احدى الناجيات من الإنفجار على أنّ التحرك أمام الوزارة أتى بعد رفض الوزير محمد فهمي إعطاء إذن لملاحقة اللواء إبراهيم، ما يعدّ دليلاً واضحاً على أنهم يحاولون إخفاء إجرامهم، لأن البريء يمثل أمام العدالة ويثبت براءته أمام الجميع.
وخلال التحركات سأل محيي الدين نجل الضحيّة محمد اللادقاني عن “العالم” الذين نزلوا إلى الشارع بعد الإنفجار قائلاً: “هل الإنفجار حجمه نهار واحد يتأثر به الشعب اللبناني، أم انه قضيّة يجب أن تستمر حتى الوصول إلى الحقيقة الكاملة؟”. ودعا جميع المتضررين من الإنفجار إلى إحتضان ومواكبة ملف التحقيقات والتحركات كي لا يقتل الضحايا مرتين.
على صعيد آخر، شدّد وليَم نون شقيق شهيد فوج الإطفاء جو نون، على أنّ الهدف الأساسي اليوم هو إتباع كافة الإجراءات القانونية من أجل أن يسلك طلب رفع الحصانات مساره السليم عبر نقابة المحامين والمجلس النيابي، قبل التوجه إلى التحركات في الشارع التي ستكون مدروسة بهدف تحقيق أهداف واضحة ومحددة وليس من أجل المواجهة مع القوى الأمنيّة التي تلقى كافة الإحترام والتقدير.