ممنوع الاقتراب.. أماكن رائعة لا يمكنك زيارتها

منذ فجر الإنسانية، منذ الوجود الأول في الفردوس، عرف الإنسان الأماكن المحرمة، بداية من شجرة الجنة. أما في الحكايات الشعبية فإن نمط الغرف الغامضة المحرمة موجود في عدة قصص، منها قصة اللحية الزرقاء. ففي كثير من القصص الشعبية يصل البطل إلى قصر/قلعة/منزل، ويسمح له بفتح جميع الغرف/الأبواب ما عدا واحدا، يكون في فتحه مزيج من الهلاك والمعرفة. وإلى الآن رغم كل ما وصل إليه الإنسان من المعارف، وبينما يجوب بقاع العالم كافة سعيا وراء الجديد وغير المألوف فإن هناك بعض الأماكن التي قد تكون ضالة لكل مسافر إلا أنها محظورة على أي كائن حي. في هذا التقرير نعرض بعض هذه الأماكن.

حصن بانجاراه – الهند
حصن بانجاراه ليس من الأماكن الممنوعة من الزيارة، بل على العكس، إذ يعد واحدا من أشهر أماكن الجذب السياحي في الهند، لكن بشرط: ألا تفكر في الدخول إلى هناك بعد مغيب الشمس، فهذه المنطقة مسكونة بالأشباح. لا تقتصر هذه التحذيرات على مجرد أقاويل شعبية، بل هي التحذيرات الحكومية واللافتات المعلقة على أبواب الدخول والتي تحذر من دخول المنطقة بعد الغروب وحتى شروق شمس اليوم التالي.

هناك روايتان شهيرتان حول السبب، الأولى أن ناسكا اسمه “بابا بالاو ناث” عاش في هذه المنطقة، وحين طلب منه الإمبراطور “مادو سينج” الإذن ببناء المدينة وافق الناسك بشرط ألا يسقط ظل القصر على معتكفه وإلا فستتحول المدينة إلى أنقاض (وهو ماحدث بالفعل). أما الرواية الثانية فهي تدور حول ساحر عشق الأميرة راتناواتي أميرة بانجاراه، وحين كانت الأميرة في السوق لشراء العطر، استبدل الساحر به زجاجة من إكسير الحب كي يسحر الأميرة وتقع في غرامه، لكن الأميرة كشفت خدعته وألقت بالزجاجة على صخرة ضخمة تدحرجت نحو الساحر وسحقته، وقبل أن يموت ألقى لعنته على بانجاراه.(1)

نيهاو.. الجزيرة المحرمة
جزيرة نيهاو واحدة من جزر هاواي، وهي جزيرة خاصة تقع على بُعد 18 ميلا من كاواي، ولا تزيد مساحتها على 19 ميلا، حيث لا يزيد عدد سكانها على 200 شخص. وتُعرف نيهاو باسم الجزيرة المحرمة، حيث منع مالكوها دخول الغرباء إليها حفاظا على خصوصية سكانها وأسلوب حياتهم التقليدي المميز. وتتميز الجزيرة بشعابها المرجانية الأسطورية، وهي موطن للعديد من الكائنات الحية المهددة بالانقراض.

اشترت السيدة إليزابيث سنكلير الجزيرة من الملك عام 1864 وظلت ملكية خاصة متوارثة لعائلتها، وطبقا لبروس روبنسون المالك الحالي للجزيرة مع شقيقته كيث، لم تتغير الجزيرة كثيرا منذ اشترتها جدته الكبرى السيدة إليزابيث سنكلير، وطبقا له: “لقد حاولنا الحفاظ على طلب الملك عندما سلمها الجزيرة بأن نحافظ عليها كما هي من أجل سكانها”. مؤخرا، ومنذ عدة سنوات، بدأ ملاك الجزيرة بالسماح برحلات صغيرة ينتقل فيها السائحون بالمروحية إلى أحد شواطئ الجزيرة حيث يمكنهم البقاء لفترة 3 ساعات ونصف هي مدة الرحلة للاستمتاع بالشاطئ البكر والطبيعة الرائعة المنعزلة للجزيرة، مع الحرص على ألا يختلطوا بسكانها.(2)

جزيرة سورتسي أيسلاندا
قبل عام 1963 لم يكن لتلك الجزيرة وجود، فقد انبثقت نتيجة لثورة بركانية ضخمة استمرت لنحو ثلاث سنوات، بداية من عام 1963 وحتى 1967. وقد أغلقها العلماء لمحاولة فهم كيفية تشكّل النظام البيئي من الصفر دون أي تأثير بشري، فشهدت الجزيرة اهتماما مكثفا من الباحثين البيولوجيين.(3)

كهف لاسكو “Grotte de Lascaux” بفرنسا.. فنون ما قبل التاريخ
يقع كهف لاسكو في محافظة دوردونيه في بريجور جنوب غرب فرنسا على ضفة نهر فيزير، ويبلغ طوله نحو 100 قدم. يعد الكهف واحدا من أهم الكهوف الأثرية التي تزخر بالنقوش والرسوم الجدارية الأكثر قدما في العالم، وقد أسهم في إثراء تاريخ الفن وتأسيس علم آثار ما قبل التاريخ. وقد اكتشف الكهف بالمصادفة عام 1940 عن طريق مجموعة من الفتية المراهقين. وطبقا لقياس الكربون-14 (عنصر مشع يستخدم لتحديد عمر الحفريات) فتاريخ هذه الرسوم يعود إلى 15000-13500 ق.م، العصر الحجري القديم الأعلى.

من بين الرسوم الموجودة على جدران الكهف: حصان جريح مصاب بسهام، وثور ضخم، وخيول تعدو، وبقر وحشي، ونقش لرجل مستلقٍ على الأرض برأس طائر. افتتح الكهف أمام الجماهير للزيارة عقب الحرب العالمية الثانية، ولاقى إقبالا جماهيريا كبيرا وصل إلى 1200 زيارة باليوم الواحد، مما أدى إلى تأثر ألوان النقوش والرسوم نتيجة للتغير في مستوى الإضاءة ودورة الهواء بالكهف، وهو ما دفع السلطات ﻹغلاقه في عام 1963 وتحديد عدد محدود من الزوار أسبوعيا. وفي عام 1983 أقيم كهف مماثل مفتوح للزوار يبعد 200 متر عن الكهف الأصلي ويحتوي على نسخ من الرسوم وصالة الثيران.

في عام 1998 ظهرت بعض الفطريات على الرسوم، وهو ما حاول العلماء مكافحته. وفي عام 2008 أغلقت السلطات الكهف لمدة 3 أشهر حتى أمام العلماء، مع السماح لشخص واحد فقط بالدخول لمدة 20 دقيقة كل أسبوع لتفحص التأثيرات المناخية على الكهف. وحاليا لا يسمح بدخول الكهف سوى للعمل به لأيام معدودة كل شهر.(4)

جزيرة طيور القطرس
جزيرة طيور القطرس هي محمية طبيعية في مضيق باس جنوب شرق أستراليا، وهي جزيرة مكونة من 18 هكتارا، وهي جزء من جزيرة تسمانيا وتقع بين شمال غرب تسمانيا وجزيرة الملك. تعتبر الجزيرة جنة لمراقبي الطيور، فهي موطن للعديد من الطيور النادرة ومن بينها طيور القطرس أو الباتروس والتي يبلغ عددها 5000 زوج ومنها اكتسبت الجزيرة تسميتها.

لكن نظرا لحساسية النظام الإيكولوجي، فقد تم إعلانها محمية طبيعية خاصة ومنع دخول السائحين إليها، فطبقا للدكتورة راشيل ألدرمان هذه الطيور حساسة للتكيف مع الظروف المتغيرة والمناخ المتغير، وهو ما أدى إلى انخفاض أعدادها بشكل كبير.(5)

جزيرة سينتينل.. لا تقترب
وهي إحدى جزر أندمان الهندية الواقعة على خليج البنغال، تغطي الغابات معظم أجزائها وتحيطها الشعاب المرجانية، وهي من أكثر المناطق انعزالا في العالم، حيث يرفض سكانها أي شكل من أشكال التواصل مع المدنية الحديثة والعالم الخارجي، حتى إنهم يقتلون من يحاول الاقتراب، ولذلك فقد أعلنت الحكومة الجزيرة والمياه المحيطة بها والممتدة نحو ثلاثة أميال منطقة محظورة.(6)

دييجو جارسيا.. جنة تحوّلت إلى قاعدة عسكرية
شواطئها الرملية البكر، وشعابها المرجانية، وطبيعتها الخلابة تؤهلها لتكون مقصدا سياحيا مهما، لكنها بدلا أن تكون قبلة للسائحين أصبحت قاعدة عسكرية أميركية. تقع جزيرة دييجو جارسيا المرجانية في وسط المحيط الهندي، وقد قامت الحكومة البريطانية بتأجيرها للولايات المتحدة الأميركية عام 1965 بعقد إيجار مدته 50 عاما لتحويلها إلى قاعدة عسكرية ضخمة بعد إجلاء جميع سكانها منها، وأُحيطت هذه القاعدة بالغموض وأُثيرت الكثير من التساؤلات حول وجود انتهاكات حدثت على أرضها ووجود معسكرات اعتقال وتعذيب سرية أميركية.(7)

جزيرة الأفاعي.. إيلا دي كيمادا جراندي بالبرازيل
تقع على مسافة 32 كم من سواحل سان باولو، وهي من الأماكن الفريدة والمميزة لكنها محظورة على السياح نظرا لخطورتها، وخطورة سكانها، فسكانها ليسوا من البشر، لكنهم من أخطر أنواع الأفاعي وأندر الفصائل وأكثرها سُمّية وبعضها مهدد بالانقراض، وقد أغلقت الحكومة الجزيرة خوفا من الثعابين على البشر، وأيضا خوفا من البشر والصيادين على الثعابين، ويصل تعدادها إلى ثعبان واحد لكل متر مربع وفقا لبعض التقديرات.(8)

فاروشا.. لؤلؤة قبرص التي صارت مدينة للأشباح
تقع فاروشا في مدينة فاماغوستا في جمهورية شمال قبرص التركية على البحر الأبيض المتوسط، فيما مضى كان منتجع فاروشا مقصدا سياحيا مهما لمشاهير العالم مثل بريجيت باردو وإليزابيث تايلور وصوفيا لورين، أطلق عليه لؤلؤة قبرص. لكنه هجر تماما عام 1974 عقب الغزو التركي لقبرص وصارت تُعرف بمدينة الأشباح، حيث فر سكانها منها، وفي وقت لاحق قام الجيش التركي بتسييجها وحظر الدخول إليها، حيث نمت فيها النباتات البرية، وسكنتها الجرذان والطيور والسلاحف، فلم يبق بها سوى فنادق خاوية وبيوت منهوبة، ويحكي من استطاعوا التسلل عبر السياج الشائك عن رؤيتهم لطعام فاسد ما زال موجودا على طاولات المطاعم، وملابس بالية على حبال الغسيل، ولافتات تحمل أسعارا تعود لعام 1974 وكأن الزمن توقف هناك.(9)(10)

برافتشيكا برانا.. التشيك
وهو أكبر قوس من الحجر الرملي الطبيعي في أوروبا، حيث يبلغ 85 قدما طولا، و62 قدما ارتفاعا، وقد ظل مفتوحا للسائحين والزوار الذين اعتادوا أن يلتقطوا الصور الخلابة، إلى أن أدّت المخاوف من تآكله إلى إغلاقه عام 1982.(11)

ضريح تشين شي هوانج.. الصين.. جيش من الجنود
يقع في مدينة شيان شمال غرب الصين، حيث أمر إمبراطور الصين الأول تشين شي هوانج ببناء جيش من المحاربين ليُدفن معه بعد الموت، على ألا يوجد في هذا الجيش جنديان متشابهان، شارك نحو 700 ألف شخص في بناء نحو ثمانية آلاف تمثال من الطين لجنود بملامح دقيقة لدرجة مدهشة، بالإضافة إلى الخيول والعربات الحربية بالحكم الطبيعي، ووضعها في أفران مخصصة ثم تلوينها، وكان اكتشافها عام 1974 حدثا مذهلا لعلماء الآثار. وبينما يُسمح للسائحين بمشاهدة الجيش الطيني وبعض العناصر الموجودة في الضريح، فإن الدخول إلى المقبرة الرئيسية ممنوع تماما احتراما لحرمة الدفن، ويبدو أن الجيش الطيني ما زال يؤدي واجبه في حماية الإمبراطور.(12)

نادي 33
حسنا، هذا ليس مكانا سريا وليس “ممنوعا من الدخول” بالمعنى الحرفي، فهو يقع في مدينة ديزني لاند، لكنك تحتاج إلى أن تكون مليونيرا على الأقل لتتمكن من الانضمام له، يقع النادي في 33 شارع رويال ميدان نيو أورليانز، وهو المكان الوحيد الذي يسمح فيه بتقديم المشروبات الكحولية في قلب ديزني لاند، للانضمام إلى نادي 33 تحتاج إلى التسجيل في قائمة انتظار تمتد لـ 14 عاما! وحين يأتي دورك أخيرا كن مستعدا لسداد الرسوم، حيث تبلغ رسوم الالتحاق 25 ألف دولار أميركي، ثم 5,925 دولارا أميركيا سنويا للشركات، أما للأفراد فرسوم الالتحاق تبلغ 9500 دولار أميركي، و3.175 دولارا أميركيا سنويا. صفقة مذهلة أليس كذلك؟(13) على ما يبدو، سيظل العالم مليئا بالأسرار المحرمة المحاطة بسياج يحميها من الإنسان أو يحمي الإنسان منها.

المصدر : الجزيرة