
د. بيار الخوري، اكاديمي وخبير اقتصادي – خاص جديدنا الاخباري
بدأت اليوم مظاهر جدية لازمة محروقات معممة. فبعد ازمة الانقطاع المتنامي لمادة المازوت والتي فرضت التقنين الكهربائي في سوق الموتورات الموازي لشبكة توزيع وزارة الطاقة، وضعت محطات توزيع المحروقات سقوف تعبئة لمادة البنزين للسيارات.
“اقل من عشرين ليتر، لا تسليم للبنزين لان الشركات غير قادرة على فتح الاعتمادات” . هكذا يتحدث عامل التعبئة بكل طلاقة. ماذا لو توسعت هذه الازمة؟ ماذا لو بقيت عند هذا الحد؟ وماذا لو عادت الكميات متوفرة كما في السابق؟
في الحالات الثلاث سوف يصبح المستهلكين اكثر يقيناً من توقعاتهم المتشائمة التي طالما تخوفت من ازمة بنزين معممة.
الية الازمة سوف تتحول الى الية شبيهة بازمة شح الدولار، وربما نعتاد رويداً رويداً على تعبير شح البنزين. تلعب التوقعات المتشائمة دور محرك اضافي للازمة. حين يتوفر البنزين ستلجأ الشركات والافراد الى التخزين فوق الحاجة تجنباً لازمة مستقبلية او لارتفاع سعر الصحيفة اما كنتيجة للازمة او بسبب مخاوف من سياسة ضرائبية اكثر تشدداً تجاه المحروقات.
لنلاحظ ان احتمال رفع سعر المحروقات وارد اقله للتعامل مع التهريب، واحتمال تعطل قدرة الشركات على تأمين الدولارات اللازمة للاستيراد ايضاً وارد. وطالما ان هذين الاحتمالين واردان فان الجمهور سينزع الى خصم هذه المعطيات في محفظة السلبيات وسيتهافت بشكل اكثر تزايدا على التعبئة والتخزين. وظاهرة التخزين معروفة تماما لدى اللبنانيين في زمن الازمات.
النتيجة الممكنة في هذه الحالة، خاصة ما لم يرتفع سعر المحروقات الرسمي هو الاتجاه الى سوق غير رسمي نعرف شبيهه تماما في سوق القطع اسمه السوق السوداء.
السوق السوداء تعبر دائماً عن زيادة الطلب على العرض في بيئة سعرية غير حرة.
الحكومة لا تتجرأ على رفع السعر تماماً كما لاتتجرأ على مصارحة اللبنانيين بسعر الصرف “غير الرسمي” الحقيقي. ومخاوف المستهلكين تتوسع واحياناً تضخم الازمة بالوهم. هكذا تكتمل الشروط الموضوعية للاسواق الموازية. فهل يُدخل شح البنزين المحروقات الى نادي السوق السوداء؟
د. بيار الخوري، اكاديمي وخبير اقتصادي – خاص جديدنا الاخباري