The News Jadidouna

هل ينهي كورونا ما ورثناه؟ هل يكمل ما بدأه تشرين ؟ بقلم جان زغيب

جان جورج زغيب- موقع جديدنا

فيروس كورونا لم يبقِ حجرا على حجر في كافة القطاعات. وتأثيره الكبير والذي سيستمر لسنوات لا يزال منذ أكثر من عام يسجن البشرية ويقيّدها ولو كانت بتخطيط منها.

هنا، سأبتعد عن الدراسة الاقتصادية طالما ان الدراسات ستطوف لاحقا لانتشال الكرة الارضية من الغرق في وحل رجال الاعمال. وما أريد مناقشته هو الأثر الاجتماعي وخصوصا الجزء الايجابي رغم تفاقم السلبي منه بشكل أكبر. بالطبع يختلف الفيروس وتأثيره بحسب البلدان لان انماط العيش مختلفة كما العادات والتقاليد وصولا الى الكيان.

لا شك ان التربية والاخلاق والتنشئة الحقيقية للاطفال التي تجعلهم قادرين على التفاعل والاندماج بسهولة مع أفراد المجتمع، مدخل أساسي لبناء العائلة، المجتمع والاوطان. وفي السنوات الاخيرة، بات لكل فرد في الاسرة هدفه الخاص ما جعل التفكك سيد الموقف وبروز عدم استقرار بالعلاقة فيما بينهم ما انعكس على قطاع التعليم حيث اتجه الطلاب نحو الحصول على الشهادات بشكل سهل دون اكتساب العلم والمعرفة اللازمة ما ادى الى اصطدامهم بحائط مسدود عند دخولهم معترك الحياة من أجل تأمين لقمة العيش. بالطبع، لم تكن الشهادة الا “باسبور” ولكن الروتين، الصف، الملعب، رهبة الامتحان، الصداقات ، العلاقات بين الطلاب والاساتذة، كلها مراحل مهمة كي يصل الطالب الى العمل المناسب بما اكتسبه اولا ولما سيصل اليه بالخبرة لاحقا.

لا يحب اللبناني الوحدة وهو بنى حياته على السهرات والرحلات والاجتماعات العملية والعائلية مناقضا صفات الاوروبيين والاميركيين ومعظم البلدان. وقد عاش فرحه الذي لم يستمر طويلا إما بسبب الحكام الذي اختارهم بحيث تسببوا بانهيار اقتصادي او فيروس كورونا الذي ضرب العالم كله. في البداية، لم يرتوِ اللبناني من تجارب الاخرين، وانقسم الى فرق عديدة، بينهم من اختار عدم الحجر لتأمين لقمة العيش ومنهم من قرر الاستمرار بالرفاهية والسهر حتى الثمالة والبعض القليل اختار الاحتماء لانه في الاصل واقعي يعرف كيف يتلاعب بايقاع الحياة.
جاء الفيروس ليسجن الجميع. يعيدنا الى الوحدة التي نستحقها. لنستعيد ما فقدناه من حياتنا التي كانت سباقا لا ينتهي وهموما لا تنضب وحياة لا قيمة لأنفسنا في سباقها. الكثيرون جددوا معاني التعاضد العائلي وتمضية الوقت المناسب بين جميع افرادها. الكثيرون تأكدوا ان المال سبب للاستمرار ولكنه ليس سببا للبعد والاقتراب من المكابرة والمظاهر البائسة.
ولكن هذا الخمول لن يكون الا بداية لانطلاقة جديدة نحو عالم جديد رغم الخوف والتحديات. فالموت الذي سرق منا من نحب، يؤكد اننا زائلون وبناء القصور والاوهام لا ينفع. هناك من رحل من هذه الدنيا لان مكانه الحقيقي في حضن خالقه. لانه انهى رسالته الحقيقية ونجح. الموت لن يكون الا قيامة في الاخرة والابد.

لبنان يحتاجنا جميعا اليوم. يدعونا الى شبك الايادي والانتماء فقط لهذه الارض دون سواها.ماذا ستقولون لاولادكم عن الجبن الذي اعتراكم او التبعية التي اعمتكم حتى أمنتم سبل راحة الزعيم واحفاده وبقيتم من اهل الانتفاع المقيت الذي هو فتات من استخدمكم لاهدافه. ماذا ستقولون للرب الذي ائتمنكم على ارضه؟ انكم شركاء بالفساد والقتل؟

سيأتي اليوم الذي تتحطم فيه عربات الباعة في الهيكل حيث غضب الله. سيأتي يوم يكون للثورات قائد حقيقي يجمع بالفكر والايمان كل الذين يطمحون لرؤية وطن حقيقي يحترم الانسان ويستحق تضحية اللبناني. فهل يساهم كورونا بإكمال ما بدأه تشرين؟

جان جورج زغيب- موقع جديدنا

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy