اخبار لبنان - Lebanon News

تخوّف من “أحداث مفتعلة تستهدف المخيّمات”

على رغم استعار الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فإن الأنظار تتجه الى ما بعد العدوان على لناحية الآلية التي سيُحكم عبرها القطاع وهوية السلطة الحاكمة. والحال ان الأمر يرتبط بترتيبات خارجية تتعلق بالسلطة الوطنية الفلسطينية التي ستكون في الواجهة مع خطة لتهميش دور حركة «حماس» مع افتراض أنها تلقّت ضربة كبرى شاملة.

والواقع ان السلطة تقارب المرحلة من ناحيتي التحضير لتولية حسين الشيخ خليفة للرئيس الحالي محمود عباس، من ناحية، وترسيخ حكمها المهزوز اليوم، مستفيدة من اخطاء «حماس» وضرب محورها بزعامة إيران. لكن الأمور ليست بهذه البساطة.

صحيح ان «حماس» تلقّت ضربة كبيرة، وأنها ارتكبت أخطاء عزّزت نقمة شعبية تتصاعد ضدها مع كل يوم جديد بسبب تشدّدها، إلّا أنها لا تزال تحتفظ بحيثية شعبية وعسكرية، تجعلها تستطيع تحصيل ما يمكن من انجازات في المفاوضات من دون قدرة على تجاوزها.

والحال ان مفاوضات معقّدة تدور حول مصير الحركة بعد الحرب. هي ارتضت التراجع الى الخلف في تقية قد تمتد لمرحلة طويلة، لكنها لن ترضى الهزيمة ودفع ثمنها. هنا المعضلة. فالعالم يتصرف على أساس أن الزمن تجاوز الحركة وان المنطقة تتجه نحو السلام من باب حل الدولتين الذي يفتح الطريق نحو التطبيع الإسرائيلي مع العرب. والعمل جارٍ على ترويض «حماس»، قطريا وإيرانيا، والمضي في مسار تسوية وربما سلام سترضى به طهران في مقابل حفظ رأسها وتحصيل مكتسبات شبيهة الى حد ما بما حصّلته مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.

من ناحيتها، ترفض إسرائيل كل ذلك وتصرّ على عبثية حربها وعلى توجيه ضربة لإيران، لكنها مروّضة أميركيا وتتعرض لضغوطات ويعلم رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، انه مثلما العالم يستعدّ لما بعد الحرب، فإن الجميع أيضا يترقّب الانتهاء منه والشروع في الترتيبات المنتظرة للمنطقة.
أما السلطة الفلسطينية، فنهضت من ركودها وحصلت على ضوء أخضر إقليمي دولي للاستعداد لما بعد الحرب، والحضور في الواجهة حتى عبر آلية تتفق عبرها مع «حماس» والفصائل الأخرى تمهّد لإعادة الإعمار.

يأتي في إطار كل ذلك مسعى السلطة لتفاهمات مع دول الطوق على موضوع اللاجئين لضبطه ولعدم خرقه تلك الترتيبات التي يقودها باستعجال الرئيس الأميركي دونالد ترامب (من دون أن يعني ذلك نجاحها اليوم).
يمكن وضع زيارة عباس اللبنانية في هذا الإطار.
والحال انها كانت زيارة استطلاعية، إلّا انها كانت أيضا للتحضير لرفع الغطاء عن الفصائل الأخرى والعمل على خطوات ولو شكلية لحصر السلاح، مستفيدة من الأجواء المستجدة في لبنان من قرار لوقف النار وعهد جديد بل مناخ إقليمي وعربي مؤيد.

يعلم الجميع صعوبة الأمر وربما استحالته في حال رفض «حماس» والحركات الممانِعة الأخرى، وخاصة في حال رفض «حزب االله» الذي يرى ان نزع السلاح الفلسطيني هو خطوة ما قبل استهدافه.
لكن الخطوة الأولى الشكلية هي التي تهمّ السلطة الفلسطينية ولبنان.
قد يبدأ الموضوع بمخيمات هامشية وقد يعتمد على التنظير أكثر من الفعل نفسه كون حركة «فتح»، عماد السلطة، أعجز من حصر السلاح الفلسطيني وحتى ضبطه جنوبا، لكنه الموضوع سيفعل في تكريس زعامة السلطة وتظهيرها بمظهر إيجابي للخارج، ما سيسمح لها بتقديم نفسها كضابط للأمن الفلسطيني في الداخل والخارج، وكعامل لا غنى عنه للتسوية مع الإسرائيليين، طبعا بعد الخلاص من حكومة نتنياهو.
لذا لم يكترث عباس لرؤية بعض من في «منظمة التحرير الفلسطينية» لضبط المخيمات عبر آليات معينة تلحظ شرطة وأمن واجراءات ترتبط بالجيش اللبناني، ومضى في رؤيته التي استبعد منها بعض من في «فتح» نفسها.

على ان البعض الآخر من داخل وخارج المنظمة، ومنهم في «التحالف الوطني الفلسطيني»، يخشى من أحداث مفتعلة تؤدي الى اشتباك داخلي يدفع برأي عام لبناني ضد الفلسطينيين في وقت ليس لمصلحتهم، ما يفتح الطريق لاستهداف المخيمات.

ويشدّد كثيرون على ضرورة وضع آلية جديّة تلحظ العامل الإنساني والحياتي لطمأنة الفلسطينيين، كخطوة لا مناص منها للتعامل مع موضوع المخيمات. ويحذّر هؤلاء من أن استبعاد الشأن الاقتصادي والاجتماعي والتشديد على العاملين العسكري والأمني، سيؤدّيان الى فتنة لا يريدها من سيرفض تصفية المخيمات وحق اللجوء برمّته.

عمار نعمة – اللواء

زر الذهاب إلى الأعلى