Jadidouna the News

الوفد اللبناني يملك الوثائق والخرائط الجازمة…

الديار

يبدأ الخميس المقبل الإجتماع الأول للتفاوض على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي برعاية الأمم المتحدة وتحت رايتها وبوساطة أميركية، انطلاقاً من «اتفاق الإطار» الذي أعلنه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على أنّه نتيجة 10 سنوات من العمل، ومؤكّداً أنّ دوره ينتهي هنا، وذلك من دون تحديد مهلة زمنية له. وسيقوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتولّي عملية المفاوضات عن الجانب اللبناني وفقاً لأحكام المادة 52 من الدستور، آملاً أن يستمر الطرف الأميركي في وساطته النزيهة، والمسهّلة و«غير المنحازة». وتتوقّع أوساط ديبلوماسية عليمة أن يتمّ خلال الأيام القليلة المقبلة التي تفصل لبنان عن اجتماع البدء بالتفاوض غير المباشر، الإعلان رسميّاً عن أسماء الوفد اللبناني العسكري المفاوِض. فكيف ستتمّ هذه المفاوضات، وماذا يأمل أن يُحقّقه لبنان بعد سنوات من تجميدها؟!

إذ ذكرت بعض المعلومات بأنّ الرئيس عون قد حَسَم أسماء الوفد العسكري- التقني الذي سيُمثّل لبنان على طاولة المفاوضات في الناقورة، أشارت الى أنّ الوفد المفاوِض لم ينتهِ تأليفه بعد حتى الساعة، ولكن سيضمّ بالطبع فريقاً متخصّصاً من المستشارين القانونيين والعسكريين والتقنيين والديبلوماسيين والخبراء الذين يملكون كلّ المعطيات والمستندات والوثائق ونصوص الإتفاقيات المعقودة، وخرائط الحدود اللبنانية الدولية المعترف بها والمقدّمة للأمم المتحدة. ولهذا فإنّ الوفد المفاوض اللبناني سيكون في موقع قوّة إذا عرف كيفية الإستفادة من كلّ المستندات والإتفاقيات التي تحصّل له حقوقه كاملة.

ولأنّ المفاوضات ستجري برعاية وحضور الأمم المتحدة، وستلعب الولايات المتحدة دور الوسيط المسهّل فيها، على ما يُفترض، فإنّ الوفد المُفاوض سيضع برنامج عمل ويُقدّمه للأمم المتحدة إذ لا يُمكن الإنطلاق في المفاوضات قبل الإتفاق على البرنامج. ولا بدّ وأن يتضمّن هذا البرنامج عناوين عدّة يتمسّك بها لبنان تضمن حقوقه كاملة في عملية التفاوض، لا سيما منها العودة الى النقطة ب1 التي عبث بها العدو الإسرائيلي ونقلها 25 متراً باتجاه الأراضي اللبنانية شمالاً. فضلاً عن النقاط ب2 وب3 وب4 التي شكّل منها زاوية سيستند عليها في التفاوض للمطالبة بجزء من الحقوق اللبنانية المكتسبة، على أنّها حقّ له.

وعمّا إذا كان لبنان قد قدّم تنازلات من خلال عدم تمسّكه بتلازم مساري ترسيم الحدود البحرية والبريّة سيما وأنّ التفاوض غير المباشر سيتمّ على الحدود البحرية دون البريّة، أوضحت الأوساط نفسها بأنّ الحدود البريّة بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلّة معترف بها دولياً، وهي لا تحتاج الى ترسيم، بل الى إزالة الإعتداء عن حدود نهائية ومعترف بها دولياً وينبغي تثبيتها. ولهذا فلا يُمكن اعتبار أنّ لبنان تنازل أو أنّه ينوي التنازل للعدو الإسرائيلي عن أي شبر من أرضه، كما أنّه لن يقوم بترسيم حدوده البريّة المرسّمة أساساً وفق اتفاقية بولي نيو كامب التي تُحدّد الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلّة. أمّا عكس ذلك فيعني أنّه سيعطي العدو فرصة لاقتطاع كيلومترات من الأراضي اللبنانية، ولهذا فإنّ الوفد المفاوِض سيسعى الى إزالة جميع الإعتداءات عنها. أمّا الخط الأزرق، فتقول الاوساط، أن لا صفة قانونية له، سيما وأنّه جرى رسمه للتثبّت من عملية إنسحاب «القوّات الإسرائيلية» من المنطقة الجنوبية، رغم بقاء قوّاتها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر حتى الآن، وعليها الإنسحاب منها وفق ما ينصّ عليه القرار الدولي 425، من دون الحاجة الى التفاوض حول هذا الأمر. أمّا بالنسبة للحدود البحريّة، فهي التي تحتاج الى الترسيم، وهذا ما سيعمل الوفد على التفاوض عليه وتحقيقه برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة.

وعن «اتفاق الإطار» الذي تمّ التوصّل اليه بعد سنوات عدّة، قالت بأنّه تفاهم للتفاوض وليس اتفاقاً دولياً حول الحدود أو ترسيمها، ما يجعل لبنان حرّاً في الخروج منه عندما يشعر بأنّ التفاوض لن يصبّ في مصلحته. كما أنّه لا بدّ وأن يبدأ من برنامج عمل مستنداً الى الإتفاقات السابقة، والى قانون البحار للعام 1982 والذي انضمّ اليه لبنان في العام 1994، فيما امتنع العدو الإسرائيلي عن التوقيع عليه، كمرتكز أساسي للإنطلاق في عملية التفاوض على ترسيم الحدود البحرية. علماً بأنّ تفاهم نيسان لا علاقة له بالحدود بل وُضع من أجل حماية المدنيين على جانب الحدود، كما أنّ القرار 1701 الذي نصّ عليه «اتفاق الإطار» لا ينصّ لا من قريب أو بعيد على مسألة ترسيم الحدود.

وتمنّت الأوساط نفسها أن تكون الولايات المتحدة وسيطاً مسهّلاً، لا أن تلعب دور الوسيط الذي يفرض شروطاً أو يضغط على الجانب اللبناني في محاولة للإنحياز الى العدو الإسرائيلي وإعطائه ما يُطالب به من حقوق لا يستحقّها في المساحة البحريّة المتنازع عليها والتي تبلغ مساحتها نحو 860 كلم2. فلا يقوم الوسيط الأميركي بالهيمنة على المفاوضات ويفرض على الوفد اللبناني مثلاً، أن يعطي العدو 40 % من هذه المساحة، ويستثمر في الـ 60% فقط منها، في حين أنّ المساحة بأكملها هي حقّ للبنان على ما تنصّ عليه اتفاقية بولي نيو كامب وإحداثياتها السداسية، والتي قامت إسرائيل بالعبث بمعالمها المحدّدة لا سيما النقطة ب1 .

وعن شكل المفاوضات غير المباشرة، ذكرت الاوساط، أنّها مهمّة جدّاً، ويبدو أنّه سوف يتمّ اعتماد الطريقة نفسها المتّبعة خلال اللقاءات الثلاثية التي تجري في الناقورة منذ العام 2007 بين الجيش اللبناني وقوّات «اليونيفيل» وجيش العدو الإسرائيلي. فالكلام لا يتمّ توجيهه بشكل مباشر بين أعضاء الوفدين المفاوضين، وإن جلسا في قاعة واحدة، إنّما عن طريق ممثلي الأمم المتحدة والوسيط الأميركي. وحذّرت الاوساط أن عكس ذلك سوف يفهمه العدو قبول بعملية التطبيع، أو الموافقة على عقد معاهدة سلام معه. وهذا ما على الوفد اللبناني التنبّه له، ومن الطبيعي أن يكون محتاطاً لكلّ الأفخاخ الإسرائيلية.

وإذا كان الهدف الأساسي لدى العدو الإسرائيلي منذ ترك المفاوضات لترسيم الحدود مع لبنان في العام 2013 هو تجميدها وتأجيلها الى أبعد وقت ممكن لمنع لبنان من التنقيب عن الغاز في بلوكات المنطقة الإقتصادية الخالصة ولا سيما منها البلوك 9 الذي ادّعى العدو الإسرائيلي في فترة سابقة، من وجه حقّ طبعاً، أنّه «ملك له»، ومنع بالتالي تصدير لبنان الغاز الطبيعي الى دول الخارج، إلاّ أنّه اليوم يجلس الى طاولة المفاوضات، على ما أكّدت الأوساط نفسها، من باب حاجته الماسّة الى الإتفاق مع لبنان.

زر الذهاب إلى الأعلى