The News Jadidouna

تعليم الفتيات والفتيان في لبنان… أرقام مقلقة

تصدّر الاضراب التربوي الأخير واجهة ما يعانيه قطاع التعليم، ولم يحجب واقع نسب الأطفال المسجلين في المدارس والتي تتفاوت بين الفتيان والفتيات بحسب تقرير لليونيسيف في عام 2022. أضف الى أن النسب في تراجع مقلق على ما ينتظر جيل كامل في المستقبل.

معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة أعدّ دراسة كشفت أسباب تراجع التعليم، وقد طالت تداعياته بشكل خاص الفئات الأكثر تهميشاً، من ضمنها الفتيات والنساء. واضعو الدراسة يقولون أنها وضعت في محاولة “لإنقاذ ما تبقى من القطاع التعليمي”، طارحة “حلولاً في طليعتها، موافقة لبنان على خطة صندوق النقد وإعادة الهيكلة الاقتصادية، فضلاً عن محاولة تطبيق اصلاحات في القطاع التعليمي والاجتماعي”.

استنسابية التعليم
أزمة التعليم تنحدر الى القاع، مع وجود أكثر من 135 ألف طفل لبناني لديهم حاجات تعليمية، بحسب تقرير اليونيسيف لعام 2022، ومن ضمن هذه النسبة أكثر من 52 في المئة هم فتيات، وهذه النسبة قد تتفاقم هذا العام في ظلّ اقفال المدارس الرسمية أبوابها خلال الإضراب.

(من تقرير اليونيسيف)

فبعد ثلاث سنوات من أزمة خانقة، أضحى التعليم ضحية سوء إدارة وتقاعس، في حين كان يُعتبر لبنان رائداً في جودة التعليم، اذ حصل ال#قطاع التربوي مؤخرًا على أحد أدنى التصنيفات من قبل برنامج لتقييم الطلاب الدوليين (PISA). علاوة على ذلك، سُجلت تفاوتات كبيرة في استنسابية التعليم.

وفي التقرير كُشفت الأسباب الأولية التي ساهمت بتفاقم هذه الظاهرة وتقسّم كالآتي:

• “تمويل القطاع الخاص على أنه امتياز للمؤسسات الخاصة بقيادة مختلف الجماعات الطائفية والجماعات الدينية.

• سوء إدارة مالية والإنفاق على أمور غير ضرورية (كتأجير المدارس)
• التكاليف التشغيلية المتضخمة التي تستنزف الموارد المالية للقطاع، فضلاً عن عدم وجود شفافية إنفاق أموال المانحين لدعم القطاع.

• أصبح التعليم الثانوي ضحية فساد، كما تم ترخيص العديد من المؤسسات الخاصة من دون أن تكون مطابقة مع معايير الجودة المطلوبة.
• تخصيص التعليم لطبقات اجتماعية معينة.”

وتؤكد في هذا السياق الباحثة في معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة سارا البوري أنّ “الدراسة لا تقلّص من أهمية تعليم الصبيان، بل تهدف الى ابراز سوء الوضع الحالي، ولكن من المهّم التركيز على مسألة معينة وهي “انو البنات دايمن بتاكلها”.

وفي رأيها، أن “هذه الظاهرة تعود الى عقلية المجتمع السائدة، اذ إن تفاقم الأزمات يؤثر على المجموعات الأكثر تهميشاً منها النساء والفتيات، والمشكلة الأساسية تكمن بعدم اتخاذ الدولة اللبنانية التدابير اللازمة والاجراءات للقطاع التربوي بشكل عام”.

وأضافت في حديث لـ”النهار”: “يوجد العديد من التحدّيات، أبرزها الحاجة الماسة الى إعادة الهيكلية المالية، وهذا الأمر يتحقّق من خلال تغيير الأولويات في موازنة الانفاق”، لافتةً إلى أنّ “الحكومة اللبنانية لم تخصّص برامج لدعم الفتيات أو محاولة محاربة التمييز “الجندري” التي تعاني منه شريحة واسعة من النساء، هذه الأمور ناهيك عن وطأة الأزمات وجائحة كورونا التي انهكت جميع القطاعات، أوّلهم القطاع التعليمي، تخدم حجة الأسرة اللبنانية في عدم تعليم الفتاة، اذ إنّها تفضّل تعليم الذكور، و”البنت بتضلّ بالبيت”، وذلك يؤشر الى تراجع فكر مجتمعنا”.

من جهة أخرى، لدى رئيس مختبر الديموغرافيا في مركز الابحاث في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتور شوقي عطيه رأي آخر في هذا الإطار، اذ يعتبر أنّ نسبة الفتيان خارج صفوف المدرسة، أعلى من نسبة الفتيات، ويقول “إنّ نسبة الشباب مرتفعة وذلك جراء مغادرتهم المدرسة والذهاب إلى سوق العمل لإعالة عائلتهم خاصةً في الوضع الراهن”.

وتتكبّد المؤسسات التابعة للدولة هذه التداعيات، لكن هل يمكن انقاذ الوضع قبل فوات الأوان؟

دور الحكومة وصندوق النقد الدولي
ليس بإمكان الحكومة اللبنانية انقاذ الوضع الراهن، فالدولة اللبنانية بحاجة ماسّة إلى دعم خارجي من جهات أبرزها صندوق النقد الدولي، والذي قد أعلن اتفاقاً مبدئياً على مساعدة للبنان بقيمة 3 مليارات دولار على 4 سنوات، بشرط تنفيذ حزمة إصلاحات معظم بنودها مدرجة بخطة التعافي.

وتشدّد البوري في هذا الإطار على أنّه ” لا يمكن للحكومة الوصول إلى التنمية المستدامة في حين أنّ الاهتمام يرتكز على القطاعات ذات مردود مادي، ولا يمكننا اعتبار اليوم أنّ التعليم أو التنمية الاجتماعية أمور ثانوية، فيوجد توصيات سياسية يجب اتخاذها من أجل تأمين التعليم شبه المجاني وخاصةً لحماية الفئات المهمشّة، ويقع تخصيص المبادرات على عاتق كلّ من وزارة المالية لتمويل المشاريع، وزارة التربية والتعليم العالي، ووزارة الشؤون الاجتماعية لتأمين التعليم للجميع، فالهدف من هذه الدراسة هو محاولة إنعاش القطاع الرسمي، وعرض تأثيرات الوضع الحالي على النساء والفتيات.”

وبحسب التقرير تندرج التوصيات كالتالي:

-إعادة الهيكلة المالية العامة مع تأمين الضمانات الاجتماعية هي الخطوة الأولى لتحقيق العدالة الاجتماعية الوطنية.

-تأمين الإصلاحات الأولوية لعمليات وممارسات الموازنة بغية ضمان استمرارية التعليم، وفي هذا السياق يجدر التركيز على تعليم الفتيات باعتباره الركيزة الأساسية لخطة التعليم العام التي وُضعت بين وزارة التربية والتعليم العالي و”اليونسكو” ضمن برنامج صندوق النقد الدولي.

-تعزيز مسألة الشفافية والمساءلة حتى يتم تمويل الفئات المستهدفة، من ضمنها الفتيات والنساء.

-التعاون مع الحكومة الوطنية والمجتمع المدني ومجتمع المانحين لتعزيز المساءلة والشفافية وتأمين حقوق المهمشين.

المصدر : رنا حيدر “النهار “

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy