اقتصاد

ضغوطات دولية لإستبدال الدعم بدعم نقدي مباشر للعائلات الأكثر فقرا

الديار

تشير المعلومات المتوافرة إلى ضغوطات من قبل المُجتمع الدولي لوقف الدعم بالطريقة التي يجري فيها واستبدال هذا الدعم، بدعم نقدي مباشر للعائلات الأكثر فقرا. هذا الأمر واجه معارضة في اللجان النيابية الأسبوع الماضي حيث من المُتوقّع أن تتمّ دراسته هذا الأسبوع. وقد اعتبر بعض النواب أن قرض البنك الدولي يعتبر خرقاً للسيادة الوطنية. بالطبع هذه المُعارضة نابعة من منطلق سياسي (مشروع في العمل السياسي)، وبغض النظر عن تبرير معارضة هذا القرض أو الموافقة عليه، هناك حقيقة مُرّة على الأرض تتمثّل بالآتي:

أولا – هناك مُشكلة توافر الدولارات في مصرف لبنان، وهو ما يفرض وقف الدعم. أما إذا كان البعض يقول ان هذا الدعم يُمكن أن يستمر بفضل الإحتياطي الإلزامي، فإن هذا الأمر يعني أن أموال المودعين سيتمّ صرفها على الدعم، وهو أمر من الصعب أن يمرّ أمام الرأي العام، ولكن أيضا من قبل المجلس المركزي.

ثانيا – مُشكلة التهريب ومخالفة قانون قيصر ستدفع الولايات المُتحدة الأميركية إلى وضع مصرف لبنان على لائحة العقوبات. وفي هذا الحالة، لن تنفع الدولارات في الاستيراد نظرا إلى استحالة قبول دول تصدير بضائع إلى لبنان إذا ما تمّ وضع مصرفه المركزي على لائحة العقوبات.

 

 

 

ثالثا – مافيات التجّار والمهربين تعمد إلى الاستفادة من الدعم على حساب المواطنين. وأرباح هؤلاء التجار هي بالدرجة الأولى من الدعم (أي تتراوح بين 200% إلى 500%). وبالتالي فإن المواطنين لا يستفيدون عمليا إلا من القليل القليل. بالطبع من الصعب على التجار (الى أي قطاع انتموا) أن يُدافعوا عن أنفسهم نظرا إلى الفضائح التي تناولتهم في الفترة الماضية.

رابعا – هناك تآكل سريع بمدّخرات المواطنين الذين يُنفقون هذه الأموال على شراء المواد الغذائية والأساسية (بالطبع هذه الأموال تذهب بالدرجة الأولى لتغذية أرباح التجّار). والأخطر في العملية تكمن في أن رفع الدعم من قبل مصرف لبنان من دون توزيع قرض البنك الدولي على المواطنين الأكثر حاجة، سيرفع من الفقر المُدقع الذي سيؤجّج بدوره الشارع اللبناني وينشر الفوضى في كل مكان وسيحّل قانون الغاب كشريعة أساسية في لبنان.

من هذا المُنطلق، نرى أن على اللجان النيابية إقرار هذا القرض في أسرع وقت ممكن، نظرا للمخاطر العالية الناتجة من وقف الدعم من دون قرض البنك الدولي أو الاستمرار في الدعم بالطريقة نفسها وهو ما سيؤدّي إلى النتيجة نفسها.

إلا أن الأمر لا يقف عند هذا الحدّ، فما كان يُسمّى بالطبقة الوسطى التي أصبحت بقسم كبير منها في الطبقة الفقيرة، ستُصبح فقيرة بالكامل مع تآكل مدّخراتها، نظرا إلى أن مداخيلها لا تكفي لتغطية الحاجات الأساسية، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الفقر (في حال توقف دعم مصرف لبنان) بشكل ملحوظ قد يصل إلى أكثر من 90%!

 

 

 

الأرقام الصادرة عن البنك الدولي، تؤكدّ التوجّه العام لنسبة الفقر. فتطوّر ديناميكية الفقر في ظرف عام واحد، يُثير الرعب، وهو ما يُبرّر تحرّك البنك الدولي وطلبه من وزارة الاقتصاد والتجارة تقديم اقتراح لتعديل آلية الدعم. هذا التعديل ينصّ على وقف الدعم عن كل شيء باستثناء بعض المواد الأولية (فيول، وبعض الأدوية#0236) على أن يتمّ استبدال هذا الدعم بدفع نقدي وإسمي للمواطنين اللبنانيين.

إن السياسات الاقتصادية والاجتماعية تضع أهدافاً سنوية لخفض نسبة الفقر في مجتمعاتها من 2 إلى 4بالمئة، في حين أنه في لبنان ارتفع الفقر المُدقع من 8 % في العام 2019، إلى أكثر من 23 % في العام 2020! فكم من الوقت سيلزم للعودة إلى ما قبل بدء الأزمة؟

من الواضح أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي خرج بالكامل عن سيطرة السلطات المحليّة، وهو ما يفرض دعماً خارجياً أصبح أكثر من ضروري: أولا للصمود أمام عنف الإعصار الذي يضرب لبنان، وثانيا للخروج من الأزمة الحالية.

زر الذهاب إلى الأعلى