

يشكل مكب كفرتبنيت خطرًا بيئيًا كبيرًا يمثل قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، حيث ينبعث من باطنه غاز الميثان السام الذي تسبب في اندلاع حرائق داخل المكب خلال الأيام الماضية، ما يستدعي تدخلًا حكوميًا عاجلًا وفوريًا.
يمتد عمر المكب إلى أكثر من عشرين عامًا، ويغطي مساحة تزيد على عشرين دونمًا في خراج بلدة كفرتبنيت، ويصل عمق النفايات المدفونة فيه إلى أكثر من ثلاثين مترًا، حيث تم طمرها بشكل عشوائي، ما أدى إلى تهديد الأمن البيئي وصحة السكان في المناطق المحيطة.
في ظل انتخاب رئيس جديد لاتحاد بلديات الشقيف، الذي يعتمد مكب كفرتبنيت كموقع رئيسي لرمي نفايات 28 قرية وبلدة من النبطية، بالإضافة إلى نفايات عدة قرى في صور وجزين، يطرح تساؤل ملح حول جدية التحرك لمعالجة هذه الأزمة البيئية الحادة التي نشأت نتيجة سوء إدارة الطمر العشوائي وانتشار تجارة النفايات التي حققت أرباحًا غير مشروعة خلال السنوات الماضية.
ويصل دخان المكب إلى قرى مرجعيون ويمتد إلى ما وراء منطقة الجرمق، مصحوبًا بروائح كريهة وانتشار الذباب وانبعاث غازات سامة، فيما يقع المكب بالقرب من محمية الصنوبر التي كان من المفترض أن تكون محمية طبيعية وموردًا اقتصاديًا هامًا، لكنها باتت ملوثة بفعل هذه الانبعاثات الضارة.
ويعبر رئيس بلدية كفرتبنيت، الدكتور محمد فقيه، عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحريق الممتد في باطن الأرض والذي يصعب إخماده، مؤكدًا أن غياب المعالجة المستمرة على مدى سنوات طويلة والطمر العشوائي أدى إلى هذه الكارثة البيئية الخطيرة.
ويُفسر فقيه أن التفاعل البيولوجي للنفايات ينتج غاز الميثان القابل للاشتعال، والذي يسبب اشتعال الحريق وامتداده في المكب، ما يؤدي إلى ضخ السموم والغازات السامة باتجاه القرى المجاورة، وهذا ما يشكل الخطر الحقيقي على البيئة وصحة السكان.
ويناشد الدكتور فقيه كافة الجهات المعنية، ومن بينها اتحاد بلديات الشقيف، التدخل السريع والفوري لإخماد الحريق، مؤكدًا أن إعادة الجرف والردم للمكب يتطلب إمكانيات تفوق قدرة بلدية كفرتبنيت وحدها.
قبل يومين خرج أبناء القليعة ومرجعيون رافعين الصوت ضد سموم المكب التي تبث نحوهم، فدفعت محافظ النبطية الدكتورة هويدا الترك تحركهم نحو وزارة البيئة، التي أرسلت خبيرين بيئيين إلى المكب، وقاما بإجراء مسح وأعدّا تقريرًا لم يتسلمه فقيه بعد.
ما يخشاه فقيه هو تنصل الجميع من مسؤولياتهم، ما قد يؤدي إلى وقوع الكارثة. إذ إن إخماد نيران المكب السامة يحتاج إلى تدخل الدولة كما حصل مع مكب برج حمود.
بالطبع، لم ينتظر فقيه التحرك الحكومي، وقال إنه تواصل مع رئيس بلدية القليعة الذي أرسل حفارة وعملت مع جرافة البلدية، غير أن ذلك لم ينجح، فالمكب كبير ويحتاج إلى عشرات الآليات ومئات نقلات الردم، وهذا يفوق إمكانات أي بلدية.
يدفع أبناء قرى النبطية ومرجعيون ثمن تجارة النفايات التي ازدهرت في السنوات السابقة وطُمرت بشكل عشوائي في مكب كفرتبنيت، الذي أُغلق قبل سنتين تقريبًا بالشمع الأحمر، غير أن إغلاقه لم يحل الأزمة المتجذرة في باطن الأرض، بل قد ينفجر في أي لحظة نتيجة انبعاث غاز الميثان من باطن الأرض.
مكب كفرتبنيت هو نتيجة لسياسة الاتحاد الفاشلة طيلة السنوات السابقة، إذ عجز عن إعادة فتح معمل الفرز في وادي الكفور. كما يُعدّ نتيجة خطيرة لسوء تقدير المشاريع، إذ كان هناك مشروع مقدم من إحدى الجمعيات الأجنبية يقضي بتحويل النفايات إلى كهرباء، غير أن رئيس الاتحاد السابق رفض المشروع بحجة وجود معمل للفرز، الذي كان يشهد موجات رفض شعبية عارمة.
المكب تابع لاتحاد بلديات الشقيف، فهل سيعمل رئيسه الجديد خالد بدر الدين على التحرك لتطويق الخطر البيئي، أم سينتهج سياسة «سلفة غض الطرف عن الأزمة»؟ ويا دار ما دخلك شر.
ما يطلبه فقيه اليوم هو تدخل حكومي سريع قبل وقوع الكارثة، فالغازات المنبعثة لا تهدد البيئة فحسب، بل رفعت أعداد الإصابات بمرض السرطان. مكب كفرتبنيت ليس الوحيد الذي يحترق، بل كل المكبات العشوائية في منطقة النبطية تشتعل دون أن تجد البلديات حلاً لها.
فهل تفعلها وزارة البيئة هذه المرة وتفرض قرارًا صارمًا بالحل، أم كالعادة تفشل الأحزاب الحلول لصالح البزنس؟
رمال جوني – نداء الوطن