The News Jadidouna

قصة يابانية خُطفت لتدريب الجواسيس في كوريا الشمالية!

نشرت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” تقريراً عن فتاة يابانية تدعى ميجومي يوكوتا، كانت اختفطتها كوريا الشمالية يوم 15 تشرين الثاني عام 1977.
ووفقاً للتقرير، فإن يوكوتا كانت تبلغُ من العمر 13 عاماً حينما خطفها عملاء من كوريا الشمالية. وبحسب الوثائق، فإن الفتاة اختفت بينما كانت في طريقها إلى المنزل من المدرسة، بعد ممارسة رياضة كرة الريشة في مقاطعة نيجاتا الواقعة على ساحل بحر اليابان.

وأثار اختفاء يوكوتا وعدم عودتها إلى المنزل خوفاً كبيراً لدى والدتها ساكي. وعندها، اندفعت الأخيرة باتجاه مدرسة ابنتها “Yorii Middle School”، متوقعة أن تقابلها على الطريق، لكن حارس المدرسة الليلي قال للأم: “لقد غادر الجميع منذ وقت طويل”.

حينها، كانت ساكي قد خافت أكثر من تعرض ابنتها لحادث اغتصاب أو سرقة، وراحت تجري في الشوارع تبحث عن يوكوتا في كل مكان، حتى أن الأم فحصت كل سيارة متوقفة، أملاً بالعثور على ابنتها.

كذلك، ذهبت الأم إلى أحد مواقع أضرحة شينتو المخيفة، ونور مصباحها يتنقل بين الأضرحة والتماثيل. وبعدها، وصلت ساكي إلى البحر حيث كانت الأمواج تتحطم على الشاطئ الصخري، لكنه لا أثر ليوكوتا في أي مكان. إثر ذلك، سارعت ساكي للمنزل واتصلت بوالد ميجومي، شيجيرو، الذي كان يعمل في فرع بنك اليابان في نيجاتا. وعلى وجه السرعة، سارع الأب إلى المنزل وانضم لجهود البحث.

وطوال الليل، انتشرت العائلة والشرطة في كل مكان وتحدثوا مع كل شخص يمكن الحصول منه ولو على معلومة، لكنهم لم يتوصلوا إلى أي نتيجة.

غير أن الحقيقة الكبرى، والتي كانت بعيدة عن أنظار عائلة يوكوتا هو أنّ قارباً يديره عملاء كوريون شماليون اتجه مسرعاً نحو شبه الجزيرة الكورية في البحر وعلى متنه التلميذة الخائفة. وفعلياً، فإن هؤلاء الخاطفين لم يتركوا أي دليلٍ خلفهم كانت الجريمة وقحة وغريبة. ووفقاً للوثائق، فإنّ عائلة يوكوتا علمت بأنه جرى اختطاف ابنتهم من جانب عملاء من كوريا الشمالية بعد مرو 20 عاماً على الحادثة.

ومع هذا، فإن “BBC” أشارت إلى أنه على مر السنين، فقد اتضح أن يوكوتا لم تكن الضحية الوحيدة، إذ أنه من العام 1977 وحتى العام 1983، اختطف عملاء كوريا الشمالية 17 مواطناً يابانياً، بحسب الحكومة اليابانية، لكن المحللين يقولون أن الرقم الحقيقي قد يكون أكثر من 100.

وفي العام 1993، انشقّ جاسوس كوري شمالي يدعى آهن ميونغ جين عن بلاده وفرّ إلى كوريا الجنوبية، وأخبر سيول بالتفصيل عن امرأة يابانية مخطوفة تتطابق مواصفاتها مع يوكوتا، ويقول: “أتذكرها بوضوح شديد. لقد كنت صغيراً وكانت جميلة”.

ومع هذا، فقد كشف الجاسوس المنشق أن أحد خاطفي يوكوتا أخبره قصتها عام 1988، وزعم أن عملية الخطف كانت خطأ فادحاً غير مخطط له، مشيراً إلى أنه “لم يقصد أحد أن يأخذ طفلاً”، وأضاف: “كان عميلان ينهيان مهمة تجسس إلى نيجاتا وينتظران على الشاطئ زورقاً صغيراً، وعندما أدركا أنه تم رصدهما من قبل أحد الأشخاص على الطريق، وخوفا من اكتشافهما، أمسكا بذاك الشخص. لقد كانت يوكوتا طويلة بالنسبة لعمرها، وفي الظلام لم يتمكنوا من معرفة أنها كانت طفلة”.

وبحسب ميونغ جين، فإنّ يوكوتا وصلت إلى كوريا الشمالية بعد 40 ساعة، وقد كانت أظافرها ممزقة بسبب محاولتها شق طريقها للخروج من غرفة تخزين شديدة السواد.

ووفقاً لتقرير “BBC”، فإنّ يوكوتا على والدتها ورفضت أن تأكل، الأمر الذي أثار أعصاب حراسها. ولتهدئتها، وعدوها بأنها إذا عملت بجد وتعلمت اللغة الكورية بطلاقة، فسيُسمح لها بالعودة إلى المنزل. وفعلياً، فإن هذا الأمر كان كذبة لخداع طفل منهار، ولم يكن لدى آسريها مثل هذه النية. وبدلاً من ذلك، فإن كوريا الشمالية أجبرت يوكوتا على العمل كمدرب تجسس، حيث تقوم بتدريس اللغة اليابانية والسلوك الياباني لعملاء كوريا الشمالية.

وأراد الزعيم المستقبلي للبلاد كيم جونغ إيل، الذي كان حينها رئيساً لأجهزة المخابرات، توسيع برنامج التجسس الخاص به. لم يكن المختطفون الأجانب ذات فائدة فقط كمعلمين، إذ أنه يمكن أن يكونوا جواسيس بأنفسهم، أو قد تسرق بيونغ يانغ هوياتهم للحصول على جوازات سفر مزورة، ويمكنهم الزواج من أجانب آخرين (وهو شيء ممنوع على الكوريين الشماليين)، وباستطاعة أطفالهم أيضاً خدمة النظام.

كانت شواطئ اليابان مليئة بالناس العاديين، الناضجين للاختطاف. وفي المدن الساحلية في أواخر السبعينيات، انتشرت الشائعات بكثرة، وتحدث السكان المحليون عن إشارات وأضواء راديو غريبة من سفن مجهولة، أو علب سجائر كورية ملقاة على الشاطئ. وفي آب 1978، قام 4 رجال بمحاولة اختطاف زوجين كانا على الشاطئ في محافظة توياما، إلا أنه تم التخلي عنهما على عجل عندما نبح أحد الكلاب الموجود في المكان، الأمر الذي أدى إلى خوف لدى المهاجمين.

ومع هذا، فقد برز اسم الجاسوسة كيم هيون-هوي عام 1987 التي زرعت قنبلة على متن طائرة مدنية لكوريا الجنوبية خلال دورة الألعاب الأولمبية السابقة في سيول، وقد أدى ذلك إلى مقتل جميع الموجودين على الطائرة والبالغ عددهم 15. وإثر ذلك، صدر حكم إعدام بحقها هيوي، وقالت بأنها عملية لكوريا الشمالية وتتصرف بناءً على أوامر من الدولة، كاشفة أنها تعلمت اللغة اليابانية حتى تتمكن من العمل بشكل مموّه، وقد أشرف على تعليمها امرأة يابانية مخطوفة عاشت معها لمدّة عامين تقريباً، وذلك في دلالة إلى يوكوتا.

لقد كانت الشهادة مقنعة، لكن حكومة اليابان لم تعترف رسمياً بأن كوريا الشمالية كانت تخطف الناس. لقج كان للبلدين تاريخ عدائي ولا علاقات دبلوماسية، وكان من الأسهل تجاهل الأدلة.

وعندما حاول المفاوضون اليابانيون إثارة القضية على انفراد، نفت كوريا الشمالية بغضب وجود أي مختطفين وأنهت المحادثات. إلا أنه في العام 1997، أي بعد 20 عاماً على اختطاف يوكوتا، وافقت بيونغ يانغ على التحقيق. في ذلك العام، جرى إبلاغ والد يوكوتا من قبل مسؤول ياباني يُدعى تاتسوكيتشي هيوموتو أنّ ابنته ما زالت على قيد الحياة في كوريا الشمالية. وحينها، أصبح الهم الأساس للعائلة هو كيفية إعادة ابنتها، إلا أنه ما تبين لاحقاً هو أن يوكوتا كانت توفيت.

وفي العام 2002، عندما التقى رئيس الوزراء جونيشيرو كويزومي بالزعيم الكوري الشمالي الراحل كيم جونغ إيل في بيونغ يانغ. وحينها، اعترفت كوريا الشمالية باختطاف 13 مواطناً يابانياً، لكن قيل أن 5 فقط على قيد الحياة، في حين أن الـ8 الآخرين توفوا لأسباب مختلفة.

وقال ديكتاتور بيونغ يانغ إن عمليات الاختطاف كانت تهدف إلى تزويد جواسيسها بمعلمين يابانيين أصليين وهويات مزيفة لمهمات في كوريا الجنوبية.

كذلك، تحدث جونغ إيل عن يوكوتا، قائلاً إن خاطفيها حوكموا وأدينوا في عام 1998، كما أن أحدهم جرى إعدامه، في حين أن الآخر توفي في السجن بعدما حكم عليه بالمكوث فيه لمدة 15 عاماً.

وادّعت كوريا الشمالية إن يوكوتا شنقت نفسها في غابة صنوبر في 13 نيسان 1994، على أرض مستشفى للأمراض العقلية في بيونغ يانغ حيث كانت تعالج من الاكتئاب. ووفقاً لـ”BBC”، فإن هذا تاريخ وفاة يوكوتا الثاني، إذ أنّ كوريا الشمالية زعمت أيضاً الفتاة توفيت يوم 13 آذار 1993، لكنها عادت وأعلنت أن هذا التاريخ خاطئ.

وكدليل على ذلك، قدمت بيونغ يانغ ما وصفته بـ”سجل الوفيات” بالمستشفى، لكن السلطات اليابانية شككت في صحة هذه الوثيقة واعتبرتها مشبوهة. ومع هذا، فقد كشفت امرأة يابانية أخرى مخطوفة وتدعى فوكي شيمورا في وقتٍ لاحق أنّ يوكوتا انتقلت إلى المنزل المجاور لها وزوجها في كوريا الشمالية في حزيران 1994 (بعد شهرين من وفاة ميجومي المفترض)، وعاشت هناك لعدة أشهر.

ولا تعتقد عائلة يوكوتا أن ابنتها قتلت نفسها. ومع ذلك، تجد ساكي (والدة يوكوتا) أن تفاصيل قصة بيونغ يانغ مخيفة.

وبعد عامين من إعلان وفاة يوكوتا، سلمت بيونغ يانغ ما قالت إنه رمادها الذي وصل في الذكرى الـ27 لاختطافها. ومع هذا، فإن والداها كانا احتفظا بالحبل السري لابنتهما عندما ولدت – وهو تقليد ياباني – وأجريت اختبارات الحمض النووي، لكن العينات بينه وبين الرماد لم تكن متطابقة. وقال العالم الذي اختبر الرماد في وقت لاحق إنه كان من الممكن أن يكون ملوثاً، مما يجعل النتيجة غير حاسمة.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy