The News Jadidouna

ما نتيجة المهمة الروسية في لبنان؟

جاء في “المركزية”:

على رغم حجم الاهتمام المسبق الذي لقيه الوفد الروسي الرفيع المستوى الذي جال في دول المنطقة ومن بينها لبنان، لم تلق زيارته بعد انتهائها اي اهتمام يذكر. فعبر وكأنه وفد من تانزانيا او من الكاميرون في مهمة تقليدية وربما سياحية. وهو امر توقفت امامه مصادر دبلوماسية عربية وغربية في حديثها الى “المركزية” سعيا الى فهم النتائج التي خلص اليها الوفد ومصير المهمة الكبيرة التي حملها الى المنطقة، اذ كان يحمل تصورا اوليا للاستعدادات الروسية لرعاية وضمان انعقاد مؤتمر خاص بالنازحين السوريين دعت اليه الحكومة السورية على اراضيها بدفع روسي، في ظل غياب ما يضمن اي رعاية او اهتمام ايراني ام تركي او صيني، ان اعتقد البعض ان مجموعة هذه الدول في محور واحد في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية وما تبقى من الحلف الدولي على الارهاب.

قد يقول قائل ان الوفود الدولية التي تزور لبنان تسعى الى استطلاع اوضاع المنطقة والأزمة اللبنانية واستشراف مصير ومستقبل الوضع في لبنان والأزمة السورية وأحداث المنطقة وانعكاساتها شبه الموحدة. ففي اعتقاد “البراغماتيين” منهم ان ساحات العراق وسوريا ولبنان باتت ساحة واحدة تتفاعل بكل جديد امني او سياسي او عسكري ولم يعد الفصل في ما بينها امرا سهلا، ولو كانت اليمن قريبة جغرافيا من حدودنا لضمها محور الممانعة الى مجموع الساحات الموحدة.
لذلك يعتقد دبلوماسيون تابعوا الزيارة من الكواليس الدبلوماسية والسياسية والأمنية ان مجرد غياب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قيادة الوفد، قلص من مساحة الاهتمام به. ولما غاب لدواع لم توضحها الخارجية الروسية بداية، اضطرت قبل ساعات قليلة على الموعد، ان توضح ان لافروف حجر نفسه بقرار طوعي بعد مخالطته لمصابين بجائحة الكورونا مخافة ان يكون قد اصيب بها. ولكن ذلك لم يمس تركيبة الوفد العسكرية – الدبلوماسية فبقيت على حالها. فالوفد لا يحتاج لمن يزوده بالثوابت التي تحكم الموقف الروسي من مختلف الجوانب، وهو بكامل أعضائه من مستويات عالية، وهم المكلفون برسم “خريطة الطريق” للازمة السورية منذ اندلاعها ومن انضم الى الوفد في السنوات الأخيرة كان على صلة بهذه الأزمة بشكل من الأشكال.

وعليه، قالت المصادر الدبلوماسية التي رافقت الوفد ان رئيسه المبعوث الخاص للرئيس الروسي للشؤون السورية السيد الكسندر لافرنتييف من ابرز الممسكين بالملف السوري ومعه، رئيس المركز القومي لادارة الدفاع لروسيا الاتحادية الجنرال ميخائيل ميزنتسيف الذي تولى مهمة الناطق الرسمي طيلة الفترة التي جرت فيها العمليات العسكرية الروسية على الاراضي السورية منذ دخولها مباشرة في الحرب الى جانب النظام السوري في الأول من تشرين الأول عام 2016 لانقاذ الساحل السوري من سقوطه بايدي مجموعات “داعش” وحلفائه، كما بالنسبة الى المبعوث الخاص لوزير الخارجية الروسي للشؤون السورية الكسندر كنيشاك عدا عن مجموعة الضباط الروس المعاونين لهم فهم في مواقع حساسة ودقيقة للغاية.
اما بالنسبة الى التفاصيل وحصيلة الزيارة، فلم تتوفر اي معلومات دقيقة كونها بقيت محصورة بالعناوين الرئيسية التي قالت بصعوبة المهمة، خصوصا في ظل الاصرار على عقد المؤتمر الخاص بالنازحين السوريين قبل نهاية الخريف في دمشق. فلا لبنان ولا مجموعة الدول التي تواصلت موسكو معها على استعداد لزيارة العاصمة السورية والمشاركة في مثل هذا المؤتمر وهو ما كان يفقهه الوفد الروسي قبل زيارته الى المنطقة ودمشق. لكنه اصر على تصميمه للبحث في بعض الجوانب المبدئية التي تلامس الملف في ظل الاهتمامات الكبرى الدولية والإقليمية التي وضعت ملفهم في آخر سلم الأولويات فالنظام في سوريا لا يسمح بعودة ما بين 6 أو سبعة ملايين سوري اليها لألف سبب وسبب سياسي واقتصادي وامني. والأخطر ان من من بينهم حوالى مليون و100 الف ما زالوا في لبنان ولم يعودوا قادرين على التحرك بحرية كما من قبل بين البلدين لدواع اقتصادية وامنية وما تركته جائحة الكورونا من اغلاق وفتح منظم للحدود بين البلدين عدا عن ضريبة “المئة دولار” التي على اي سوري ان يصرفها على الحدود بالسعر الرسمي لليرة السورية فاحتجب كثر عن الزيارة ولو لفترة تفقدية والعودة الى العمل في لبنان والذي بات امرا صعبا لفقدان الفرص التي كانت قائمة قبل الأزمة النقدية والمالية في لبنان.

والى العناصر الاقتصادية والأمنية والصحية التي تحول دون تسهيل الحركة بين لبنان وسوريا فقد تيقن الوفد ان لبنان ليس بمقدوره المشاركة في مثل هذا المؤتمر وهو ما شكل موقفا إضافيا انضم الى مواقف الدول الأخرى عربية وغربية من اجل تأجيل المؤتمر او نقله الى عاصمة أخرى وسيطة قد تكون عاصمة كازاخستان الجديدة “نور سلطان” التي استضافت مباحثات مختلفة لجوانب متعددة من الملف السوري اضيفت الى ملف النازحين بما فيها مفاوضات الدستور السوري الجديد.
وعليه ختمت المصادر ان هناك مخاوف جدية من ان يكون مصير برامج عودة النازحين بالصيغيتن السورية والروسية متعثر الى حدود استحالة التجاوب الدولي معها. وهي في كل حال لن تكون افضل من مصير المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة لوضع الدستور السوري الجديد الذي بات ورقة في ملف استعادة النظام السوري لسيطرته ، ما ينهي الكثير من التعديلات المقترحة عندما كان للمعارضة السورية دورها ووهجها. فالنظام يعوق اي تقدم باتجاه الدستور الجديد ولن يعطي كما نقل عن المبعوث الأممي الى الأزمة السورية غير بيدرسون سوى امور شكلية لا تمس الجوهر تعيد إحياء الكثير مما كان يتمتع به النظام من قوة طالما ان موسكو ومعها الامم المتحدة لم ينجحا في اصداره رغم الإصرار الروسي والتنسيق القائم مع الأمم المتحدة وهو ما يعني بالنتيجة الصريحة ان سوريا لن تعرف قريبا عودة للنازحين ولا دستورا جديدا حلم به البعض في مرحلة معينة..

 

 

 

 

 

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy