اخبار لبنان - Lebanon News

لبنان وإبعاد الطوفان… مهمة “الثنائي” والحكومة والبرلمان

دخل لبنان مرحلة حاسمة مع اقتراب الحسم في الملفات العالقة، ويتصدّر ملفّ سلاح «حزب الله» قائمة الأولويات. وتشهد البلاد سباقًا مع الوقت بين التوصل إلى توافق داخلي حول مقاربة هذا الملف، وعودة الموفد الأميركي توم برّاك إلى بيروت.

كانت زيارة برّاك الأخيرة إلى لبنان خاطفة ومفصليّة. أسلوبه يختلف عن سلفه الموفدة مورغان أورتاغوس التي ستحفر مواقفها العالية النبرة في ذاكرة اللبنانيين. ولا تختلف في الجوهر عن مواقف برّاك، لكن الأخير جاء للحسم ووضع الدولة اللبنانية أمام مسؤولياتها.

من المتوقّع أن يعود برّاك في النصف الثاني من تموز، وعلى الدولة اللبنانية عندئذ إقرار خطة واضحة لنزع السلاح. وتُطرح ثلاثة ملفات أساسية في صلب الزيارة الأميركية المرتقبة: أولها ملف سلاح «حزب الله» والسلاح غير الشرعي، وثانيها الإصلاحات الداخلية، أما الثالث، فيتعلق بالعلاقات اللبنانية – السورية، خصوصًا أن برّاك يتولى ملفّي لبنان وسوريا.

ويدخل لبنان مرحلة مصيريّة، وتتحمّل الحكومة المسؤولية الأكبر في هذه المرحلة. يوم الجمعة الماضي زار رئيس الحكومة نواف سلام قصر بعبدا والتقى الرئيس جوزاف عون للانطلاق بالورقة الموحّدة التي ستبحث في مجلس الوزراء، واستكمل جولته السبت على رئيس مجلس النواب نبيه برّي لمحاولة الاتفاق، ويتوجّب على مجلس الوزراء إقرار الورقة قبل وصول الموفد الأميركي.

يستطيع برّي بالتنسيق مع «حزب الله» خربطة الورقة وعدم الوصول إلى اتفاق، وعدم السماح لمجلس الوزراء إقرار أي ورقة تتعلّق بالمهلة الزمنية لسحب السلاح، عندها يتمّ وضع البلاد في وجه أميركا والمجتمع الدولي، وربما تندلع الحرب مجددًا.

وتفتح هذه العملية الباب للإضاءة على طريقة اتخاذ القرار في الدولة اللبنانية ومن الجهة المسؤولة، ففي وقت تُحمّل المسؤولية بأكملها لرئيس الجمهورية، يتمّ التغاضي عن أن نظام الحكم في لبنان ليس رئاسيًا، بل برلمانيًا، وتمّ سلخ معظم الصلاحيات المهمّة من رئيس الجمهورية في «اتفاق الطائف» ووضعت في يد مجلس الوزراء مجتمعًا. وبما أنّ النظام برلماني ومجلس النواب مصدر كل السلطات، فيتحمّل أيضًا هذا المجلس جزءًا كبيرًا من المسؤولية.

يُوضع مجلس الوزراء والبرلمان أمام الاختبار الأكبر، فإما يكونان على قدر المرحلة وينقذان لبنان من مخططات «حزب الله»، وارتباطاته بإيران وتمترسه خلف تمسّكه بالسلاح، أو إن الطوفان قد يأتي وتتجدّد الحرب المدمّرة، وهذا الدمار سيصيب بشكل رئيسي البيئة الخاضنة لـ «الثنائي الشيعي»، والتي لم تشف حتى هذه اللحظة من آثار حرب «الإسناد» وتبعاتها.

ينظر الشعب اللبناني بعين الأمل إلى دور الحكومة، فاذا أراد وزراء «الثنائي الشيعي» العرقلة وعدم السماح بإقرار الورقة الموحّدة والتي يتمّ التداول بها بين رئيس الجمهورية وبرّي وسلام، فهذا يعني اختيار تجدّد الحرب. وقد يستعمل «الثنائي» ورقة الميثاقية للعرقلة إذا لم يوافق برّي على الورقة، وتمّ طرحها على مجلس الوزراء.

يملك رئيس الجمهورية وسلام الأصوات الكافية في مجلس الوزراء لإقرار أي ورقة، لكن هذا يعني ترك الأمور تذهب إلى التصويت، والأخطر هو منع التطبيق بعد الإقرار بالتصويت. تستطيع الحكومة وضع جدول زمني من دون موافقة «الحزب» و»الحركة»، لكن عند التطبيق سيخلقان مشروع حرب أهلية ويواجهان الجيش والقوى الأمنية، وهذا الأمر لا يريده رئيس الجمهورية.

ومن جهة ثانية، لا يرضى عون بفتح المهلة لأمد غير مسمى، بل يتابع الحوار مع «حزب الله» ويراهن على الإيجابية التي يبديها «الحزب»، والتي لا تتطابق مع تصاريحه العلنية التي يطلقها لشدّ عصب جمهوره.

أمام «الثنائي الشيعي» ساعات حاسمة: إما الذهاب نحو حلّ شامل للسلاح ومشاكل البلاد، أو فتح أبواب جهنم على مصراعيها. والأهم الالتزام، إذ لا تكفي موافقة برّي على الورقة ووزراء «الثنائي» في مجلس الوزراء، ثمّ التنصّل لاحقًا من القرار، لذلك يجب ارتفاع منسوب الضغط في الأيام المقبلة من قِبل الحكومة ومجلس النواب، فالجميع معني بالأمر لا رئيس الجمهورية لوحده.

ألان سركيس – نداء الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى