اخبار لبنان - Lebanon News

ما جديد تهريب الأسلحة بين سوريا ولبنان؟

تتصاعد الهواجس الأمنية في لبنان من باب تكثيف عمليات تهريب السلاح عبر الحدود. ففي حادثة لافتة، أعلنت السلطات السورية في الأيام الأخيرة عن ضبط شحنة أسلحة كانت في طريقها إلى الأراضي اللبنانية، شملت ذخائر خفيفة وصواريخ موجهة من طراز “كورنيت”، مخبأة داخل شاحنة تنقل عبوات خضار.

تكرار هذه العمليات يكشف عن وجود شبكات تهريب متشعبة تعمل في الخفاء، ما يثير تساؤلات حول الجهات التي تشغّلها والمسارات التي تسلكها. في المقابل، يبقى عدد الشحنات، التي تنجح في العبور من دون كشف، مجهولاً، ما يزيد من مخاطر الانفلات الأمني داخل لبنان.

وكانت مديرية الأمن الداخلي السوري في منطقة القصير بريف حمص قد أعلنت عن توقيف سائق الشاحنة وإحالته إلى القضاء المختص، في مؤشر إضافي على حجم التحديات المتصاعدة عند المعابر غير الشرعية بين البلدين.

وكشفت مصادر سورية مطلعة لـ”نداء الوطن” أن العملية الأخيرة تميزت بنوعية الأسلحة المضبوطة، والتي تبيّن أنها إيرانية المنشأ، وأشارت المصادر إلى أن التحقيقات أظهرت وجود شبكة تهريب معقّدة تقف وراء الشحنة، يقودها عناصر من فلول النظام السوري، وتعمل بتنسيق وثيق مع ضباط في جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني.

وبحسب المعلومات، تدير هذه الشبكة ما يُعرف بـ”الممر الآمن”، وهو مسار تهريب خاص يمتد من الداخل السوري إلى الأراضي اللبنانية، عبر مناطق خارجة عن سيطرة الدولة المركزية، ويجري تشغيله بالتعاون مع عصابات تهريب لبنانية تنشط على جانبي الحدود. وتؤمّن هذه الشبكة نقل شحنات دقيقة إلى وجهاتها في لبنان.

شبكات التهريب وتعزيز النفوذ الإيراني

تفيد المصادر بأن المجموعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني كثّفت تحركاتها عبر المعابر غير الشرعية على الحدود السورية-اللبنانية، وتعمل تحت إشراف مباشر من ضباط إيرانيين، وبقيادة شخصيات من فلول النظام السوري السابق المطلوبين لدى الإدارة السورية الجديدة، أبرزهم جميل الحسن المدير الأسبق للمخابرات الجوية وسيم الأسد ابن عم رئيس النظام السابق بشار الاسد، ومقداد فتيحة قائد لواء درع الساحل.

تعقيد الوضع الأمني في القصير ودور “حزب الله”

رغم استعادة السيطرة على مدينة القصير الواقعة قرب الحدود اللبنانية وعلى الطريق الاستراتيجي بين حمص وبيروت، لا يزال الوضع الأمني في المنطقة معقداً وهشاً. تعتبر القصير نقطة عبور رئيسية لشبكات التهريب المتجهة إلى منطقة البقاع اللبناني، مدعومة سابقاً من “حزب الله” والميليشيات المتحالفة معه.

وتشير مصادر لبنانية مطلعة إلى أن نشاط هذه الميليشيات قد شهد تراجعاً ظاهرياً، إلا أنها تحافظ على علاقات وثيقة مع الوسطاء المحليين ضمن شبكات التهريب، مستفيدة من ضعف التنسيق الأمني بين لبنان وسوريا. هذا الواقع يتيح استمرار تدفق الأسلحة دون عوائق تذكر.

وأضافت المصادر أن السلطات اللبنانية تلقت تحذيرات أميركية صارمة بضرورة وقف عمليات التهريب والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 ، إلا أن التحديات الميدانية تتطلب جهوداً أكبر وأكثر تنسيقاً لمواجهة هذه الظاهرة.

خطر التصاعد الأمني وحاجة لبنان إلى تحرك جدي

إن استمرار هذا الوضع يعزز مخاطر انفجار أمني محتمل، خصوصاً إذا تحولت الشحنات الإيرانية إلى أدوات في صراع إقليمي لا يعير لبنان واستقراره أي اهتمام. وإذا لم تتحرك الدولة اللبنانية بشكل جدي لضبط حدودها ومواجهة هذا التهديد، فإن “شاحنة الخيار” الأخيرة لن تكون سوى بداية جبل جليد أمني كبير، في ظل استمرار الصمت الرسمي تجاه تدهور الأوضاع الأمنية.

على السلطات اللبنانية أن تدرك أن التساهل مع هذه الظاهرة سيزيد من حدة التوتر وعدم الاستقرار، ما يستلزم وضع خطة أمنية متكاملة وبلورة استراتيجية وطنية فعالة لمحاربة التهريب وحماية الحدود، بعيداً عن أي تقاعس أو تغاضٍ.

طارق أبو زينب – نداء الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى