
د. بيار الخوري، اكاديمي وخبير اقتصادي – خاص جديدنا
مع عودة انتشار فيروس كورونا المستجد في لبنان وتسجيل ارقام قياسية للاصابات جاوزت ٢٠٠ إصابة يومياً في اخر احصاء، يعود السؤال عن علاقة هذه العودة بسعر صرف الدولار الاميركي تجاه الليرة اللبنانية.
يغدو السؤال مشروعاً خاصة عند المقارنة مع الموجة الاولى من انتشار الوباء وما رافقها من اغلاق طاول ٧٠٪ من الانشطة الاقتصادية في لبنان، وادى (ضمن اسباب اخرى) في ما ادى اليه الى تدهور كبير في سعر صرف الليرة اللبنانية.
يتوقف الجواب على منحى السياسات في التعامل مع الموجة الثانية. فاذا ذهبنا الى اقفال شبيه بالأقفال الأول وضمناً اقفال المطار َفي فصل الصيف فسيكون لذلك تداعيات سلبية واضحة على سعر الصرف وسيذهب البلد الى انفاق في ظل الشلل بما يعني مزيد من التضخم وتدهور سعر الصرف. لا يجب لن يغيب عن بالنا ان عناصر التدهور الاقتصادي، بكورونا وبدونها لا زالت جميعاً حاضرة بقوة وربما زادت تعقيداً.
الاحتمال الاخر هو استمرار تشغيل البلد والتسليم بمشيئة مناعة القطيع، وهذا حل مرجح ولكنه مؤذي جدا على الصعيد الاستشفائي حيث يمكن الانكشاف على احتمال انهيار القطاع الصحي مع تضاعف ارقام المصابين والحالات الحرجة.
ولكن بالمعنى الاقتصادي سوف يكون ذلك ابغض الحلال لإيجاد نقطة تعادل بين المخاطر الاستشفائية وتداعياتها والمخاطر الاقتصادية وتداعياتها.
اذا اتجه مصرف لبنان نحو اعادة تحرير التحويلات بالعملة الخضراء مع ابقاء المطار غير خاضع للاغلاق فهذا سيخفف من ازمة شح الدولار وسيوازن اكثر بين العرض والطلب على العملات الاجنبية.
لنلاحظ هنا ان الكتلة الحرجة من النقد في التداول ( وهي اساس الطلب على الدولار) قد انخفضت قدرتها على تحريك السوق السوداء. فهذه الكتلة المقدرة قيمتها ب ٢١ ترليون ليرة تعادل ٢،٦ مليار دولار بسعر السوق السوداء. الكتلة نفسها كانت تعادل ٦،٥ مليار دولار اول العام وهذا تغير اساسي في القدرة على تحريك السوق السوداء. لنلاحظ ايضاً ان ربع هذه القيم يتحرك في السوق َالباقي يخضع لحاجات التبادل بالليرة.
تغير اضافي طرأ على السوق السوداء هو تراجع توقعات المتعاملين والقطاع الاسري بانهيار اضافي (وهو الشعور الذي سيطر على السوق منذ بداية الازمة). فبعد المناورة الكبرى في السوق للسوداء والتي شهدت معدلات عالية لتذبذب للسعر احجم المواطنون عن السوق خوفا من حرق اصابعهم في سوق فاقد للاتجاه، وهذا ما هدأ الطلب في السوق السوداء ودفع سعر الصرف لشبه توازن عند سعر ٨٠٠٠ ليرة للدولار.
هذه العوامل (تحرير التحويلات، حجم الكتلة الحرجة وإحجام المتعاملين) يدفعان بقوة نحو توازن السوق رغم مساوئ كورونا) ولكن….
ماذا عن اثر الاضطراب السياسي؟ ماذا عن احتمال تأثر لبنان بالتوتر المصاحب للانتخابات الاميركية؟ ماذا عن نوايا اسرائيل؟ لننتظر ونرى