استحقاق كبير في آذار ولا دولارات…هندسة جديدة والكلفة الأكبر ستدفع من الرواتب والمدّخرات
كتب محمد وهبة في صحيفة “الأخبار” تحت عنوان “هندسة مالية جديدة ومكلفة لشراء الوقت”: “السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، كما ورد في النسخة المسرّبة من البيان الوزاري، يكمن في “اتخاذ خطوات مؤلمة” تنفذ عبر الاستدانة من الخارج والقيام بعمليات خصخصة تحت مسمّى: الشراكة بين القطاعين العام والخاص. أما هدف هذه الخطوات فهو الاستمرار في تسديد الديون، من دون تقديم أي تصوّر يتعلق بمن سيتحمّل كلفة الخسائر المتحقّقة وبآلية توزيعها. الثابت إبعاد “توزيع الخسائر” عن المصارف والدائنين. فالبيان يشير إلى “رسملة القطاع المصرفي”، أي انتشالها من الإفلاس وتعويم مساهميها الذين أثروا في السنوات الماضية من المال العام، ويشير إلى وجوب خفض الدين العام عبر “تشركة بعض القطاعات العامة ذات الطابع التجاري”، ما يعني أن لبنان سيدفع استحقاق آذار 2020، وخصوصاً أن سلامة يعدّ هندسة جديدة لهذا الأمر خصيصاً، ما يعني أن الكلفة الأكبر سيدفعها الناس من رواتبهم ومدّخراتهم.
هندسة مالية جديدة
لمن سندفع؟ بأي دولارات؟ ضمن أي خطّة وأي أهداف؟
إذا أرادت الحكومة أن تواصل دفع ديونها بالدولار فعليها أن تملك سيولة بالدولار. وفي ظل القيود التي تمارسها المصارف حالياً على عمليات السحب والتحويل، توقفت التدفقات من الخارج إلا في الإطار الضيّق (المغتربون يواصلون إرسال الأموال إلى أسرهم في لبنان على نطاق ضيق جداً)، لم تعد هناك سيولة بالدولار إلا ما يملكه مصرف لبنان. وهذه الاحتياطات لا يجب التفريط بها لأنها الذخيرة الوحيدة المتاحة لتمويل استيراد المواد الأساسية من غذاء ومحروقات وأدوية وقمح ومواد أولية لزوم الصناعة المحلية.
ومع اقتراب استحقاق سندات اليوروبوندز في 9 آذار المقبل، ارتفعت وتيرة الحديث عن مسألة سداد الدين وتداعياتها. الرأي المنسوب إلى سلامة والذي أبلغه إلى دياب، أنه توجد لدى مصرف لبنان قدرة على تسديد الديون بالدولار طالما أن لبنان يلتزم بالورقة الإصلاحية التي أعلنها الرئيس السابق سعد الحريري بعد انتفاضة 17 تشرين الأول، وهي نسخة طبق الأصل عن التزامات لبنان في مؤتمر “سيدر” التي أقرّت بإشراف صندوق النقد الدولي. تسويق سلامة لهذا الأمر استند إلى أن تسديد الديون يسهم في استعادة بعض من الثقة المفقودة، مبدياً جهوزيته لتنفيذ هندسة جديدة في سبيل تأمين تسديد الدين تنصّ على الآتي:
يدفع مصرف لبنان للأجانب الذين يحملون سندات اليوروبوندز التي تستحق في آذار 2020 كامل المبالغ المستحقة، فيما يعرض على حملة السندات المحليين (المصارف) استبدال ما يحملونه من سندات آذار بسندات تستحق في عام 2037 على أن يكون تسعير السندات وفق السعر السوقي: في النتيجة يصبح كل سند من استحقاق آذار 2020 مساوياً لسندين وربما أكثر من استحقاقات 2037. ولإغراء المصارف في المشاركة بهذه العملية، سيقوم مصرف لبنان بإقراض المصارف مبالغ بالليرة اللبنانية بفائدة متدنية مقابل توظيفها في مصرف لبنان بفائدة مرتفعة. ويتوقع بعض المتابعين أن تكون إضافات على هذه الهندسات من النوع الذي يسمح للمصارف بتسجيل أرباح فورية على هذه العمليات من أجل تعزيز رساميلها”.
وأضاف: “إذاً، ما هي خطّة سلامة؟ بحسب المطّلعين، فإن خطّة سلامة تنصّ على الآتي: بما أن رئيس الحكومة يريد أن يدفع الديون، وبما أن الديون ستُدفع من احتياطات مصرف لبنان، وبما أن الدولارات شبه متوقفة عن التدفق نحو لبنان، فإن الحاجة ستكون ملّحة أكثر للاستعانة بالدول المانحة لإقراض لبنان ما يحتاج إليه لتسديد ديونه وتمويل استيراد السلع الأساسية. وبما أن الثقة بلبنان باتت مفقودة، فإنه لا يمكن استعادة ثقة المانحين الدوليين إلا عبر اللجوء إلى صندوق النقد الدولي. هو الجهة الوحيدة التي يمكنها الإشراف على “إصلاحات” مقابل تسهيل حصول لبنان على القروض، وهذه الجهة لديها برنامج واضح ومحدّد وهو أن يعمل لبنان على الآتي:
إعادة هيكلة القطاع العام من أجل إصلاح النفقات العامة، وزيادة الضرائب لإصلاح الإيرادات العامة، والخصخصة لتحقيق إيرادات إضافية وتحفيز عمل القطاع الخاص.
هو عبارة عن برنامج بسيط نتائجه الاجتماعية كارثية في ظل الأزمة التي أدّت إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر. فإلى جانب تقشّف الدولة (يتردّد أن دياب حدّد للإدارات نسب الإنفاق من موازناتها)، انتشرت ظاهرة إقفال المؤسسات وصرف العمال ونقص الوظائف وارتفاع منسوب الرغبة في الهجرة…”.