The News Jadidouna

الأهم في العالم.. قصة مصنع تايواني قد تندلع بسببه حرب بين أميركا والصين

تُعَدّ شركة “TSMC” التايوانية أهمّ وأقوى الشركات العالمية العاملة بمجال التكنولوجيا، والمسيطر الفعلي على عقول الأجهزة الإلكترونية في الوقت الحالي وذلك من خلال سيطرتها على أكثر من 56% من أسواق الرقائق الإلكترونية العالمية.

وفي هذا الاطار، ازداد الحديث في الأشهر الاخيرة عن شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC)‏ المختصة بصناعة الرقائق الإلكترونية وهي التي قد تتسبب باندلاع مواجهة بين الصين والولايات المتحدة بسبب جزيرة تايوان، والتي تعتبر بحسب الخبراء أحد أبرز الأسباب التي قد تدفع بكين إلى الذهاب باتجاه الخيار العسكري من أجل ضمّها إلى الأراضي الصينية.

ولأن صناعة أشباه الموصلات تُعتبر أساس التقنية في عصرنا الحديث، ولكون الشركة التايوانية تُعتبر الأقوى والأكثر تطوراً عالمياً، فضلاً عن سيطرتها على أكثر من 56% من الحصة السوقية للرقائق الإلكترونية، بات الحفاظ على استقرارها ومنع قطع خطوط امتداداتها أمراً غاية في الأهمية لعمالقة صناعة الأجهزة الإلكترونية مثل “أبل” و”إنتل” و”انفديا” وغيرها كثير.

ولأن شركة TSMC تصنّع الرقائق الإلكترونية التي تُعتبر العقول الإلكترونية لمعظم أسلحة الترسانة العسكرية الأمريكية، ومن أهمها رقائق تخصّ الطائرة الشبحية الأمريكية من الجيل الخامس “F-35” فقد تمس هذه المشكلة بالأمن القومي الأمريكي.

بداية الحكاية

في عام 1985 نجح رئيس الوزراء التايواني في إقناع المهندس موريس تشانغ بالعودة إلى بلده تايوان من أجل ترؤُّس معهد البحوث التكنولوجية الصناعية التايواني (ITRI)، الذي أنشأته الحكومة عام 1973 بهدف وضع الخطط اللازمة للتحول من الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد الصناعي، والتركيز على تطوير صناعة أشباه الموصلات الناشئة.

بعد مرور عامين على ترؤُّسه المعهد، تمكن تشانغ من تأسيس شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة في عام 1987 كمشروع مشترك بين حكومة تايوان بنسبة 21% وعملاق الإلكترونيات الهولندي متعدد الجنسيات Philips بنسبة 28%، بالإضافة إلى مستثمرين آخرين من القطاع الخاصّ، فيما بلغت التكلفة الإجمالية لتأسيس الشركة وقتها نحو 220 مليون دولار.

وفي السنوات التي أعقبت تأسيسها، تمكنت الشركة من الاستحواذ على صناعة أشباه الموصلات العالمية تدريجياً، من خلال اتّباع نهج تسويقي وتصنيعي مبتكَر، مختلف تماماً عن الأسلوب الذي كانت تعمل به شركات التصنيع الأمريكية واليابانية في منتصف الثمانينيات. فإلى جانب اعتمادها على نظام تسعير يعتمد على التكلفة والتضحية في الأرباح السريعة مقابل الحصول على حصة من السوق وتوليد أرباح طويلة الأجل، لم تشترط TSMC على زبائنها أخذ تصاميمهم وبدء تصنيعها وبيعها تحت اسم علامتها التجارية كحال المصنعّين المنافسين.

الهيمنة على سوق الرقائق

خلال سنوات قليلة فقط تمكنت الشركة من أن تصبح الأقوى في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، فضلاً عن السيطرة على أكثر من 56% من سوق توريدات هذه المنتجات عالمياً، محققةً معدل نموّ هائل بلغ في المتوسط 17% سنوياً منذ عام 1994. واليوم، تُعَدّ شركة TSMC إحدى أكبر الشركات التايوانية وأول شركة تايوانية تتيح أسهمها للتداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية منذ عام 1997، كما أنها تُعتبر أعلى شركات أشباه الموصلات قيمة في العالم، بواقع 550 مليار دولار.

وتعد الشركة التايوانية عنصراً استراتيجياً مهمّاً للغاية في ما يخصّ الابتكارات التكنولوجية حول العالم، فبجانب تصنيعها رقائق الأجهزة الذكية، تُنتج الشركة منتجات مهمة للغاية لقطاعات شبكات اتصالات الجيل الخامس والذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء والمركبات ذاتية القيادة، بالإضافة إلى عديد من المنتجات العسكرية الحديثة كالروبوتات والمسيّرات المسلحة والأقمار الصناعية وغيرها كثير.

وفي الوقت الذي يزداد فيه احتكار الشركة التايوانية لسوق صناعة الرقائق الأكثر حداثة وتطوراً، وتزامناً مع النقص العالمي في الرقائق الذي أدّى إلى تباطؤ أو حتى تعليق إنتاج السيارات من اليابان إلى أوروبا وأمريكا، لم يكتفِ البنتاغون في الاجتماع مع مصنعي الرقائق الأمريكان بالبحث عن خيارات محلية، بل أجبر الشركة التايوانية على بناء مصنع خاصّ بها على الأراضي الأمريكية.

الصين من جانبها تحاول اجتذاب المهندسين من الشركة التايوانية من أجل النهوض بهذه الصناعة محلياً، خصوصاً بعد الصعوبات التي واجهتها وتواجهها شركة Huawei الصينية في سوق الهواتف الذكية بعد قطع TSMC التايوانية تعاملها معها.

قدراتها التصنيعية

تبلغ قدرة TSMC العالمية نحو 13 مليون رقاقة سنوياً اعتباراً من عام 2020، كما تسبق شركة “إنتل” الأمريكية بجيل واحد على الأقلّ، والشركات الصينية بجيلين أو ثلاثة، في تكنولوجيا تصنيع الرقائق.

وفي الوقت الذي تعتزم فيه “إنتل” تصنيع رقائق الـ7 نانومتر في عام 2023، تصنّع الشركة التايوانية حالياً رقائق الـ5 نانومتر الأكثر تقدماً في وقتنا الحالي، وتبني مصنعاً على مساحة 160 ألف متر مربع، من أجل تصنيع رقائق الـ3 نانومتر، التي بمجرد الانتهاء من تصنيعها ستكون أسرع بـ70% من أحدث الرقائق الموجودة حالياً.

وحسب آخر الإحصائيات والتقييمات، وصل عدد موظفي الشركة إلى 50 ألف موظف داخل منشآتها الـ18 الموجود معظمها في تايوان، وبينما بلغت قيمة الشركة السوقية قرابة 550 مليار دولار، أعلنت إدارة الشركة نيتها صرف نحو 100 مليار دولار خلال السنوات الـ3 القادمة على عمليات البحث والتطوير.

المصدر

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy