
كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
“هجومٌ” من نوعٍ آخر تتعرَّض له الجامعة اللبنانيّة في ظلّ الوضع الاقتصادي والمعيشي الصّعب الذي يلقي بثقله على مختلف شرائح المجتمع. وفي وقتٍ ترفع فيه جامعات أقساط طلاّبها، يبقى التسجيل في الجامعة اللبنانيّة رمزيّاً، أما النزوح إليها فبدأ بشدّة منذ سنتين وتحوّل الى ما يُشبه الهجوم الطلابي بحثاً عن العلم وهرباً من الارقام الخياليّة في “الخاصّة”.
تُقابل هذه الهجمة على الصّرح التعليمي الاكبر في لبنان صرخات في صفوف الاساتذة والطلاّب فيها تعكس واقع الازمة المتدهور والمتفاقم فصولاً والذي زاد التحدّيات التعليميّة في لبنان خصوصاً في هذه المؤسّسة التي تُناضل في سبيل البقاء في ظلّ إهمالٍ كبيرٍ من قبل الدّولة لها ولقطاع التعليم برُمّته.
ومن جُملة التحدّيات التي يُجمع عليها الطلاّب والاساتذة في “اللبنانيّة” في حالتي التعليم الحضوري أو عن بُعد نُعدّد: هجرة بعض الاساتذة المُحاضرين خصوصاً المُتعاقدين منهم الى الخارج حيث الدّفع بالدولار، فضلاً عن تحدّي التنقّل مع غلاء أسعار المحروقات وشحّها، بالاضافة الى غلاء القرطاسيّة والطّبع، أضِف الى ذلك الاهمال اللاّحق ببعض الكليّات وعدم صيانتها لغياب الميزانيّات، كلّ هذه التحدّيات تُضاف إليها أزمة فيروس “كورونا” والمُتحوّرات الجديدة، ومُشكلة المازوت وانقطاع الكهرباء والانترنت.
رئيس الجامعة اللبنانيّة البروفيسور فؤاد أيّوب أكّد في حديث لموقع mtv أنّه “بعد اتّخاذ القرار بالذهاب نحو التّعليم المدمج، فإنّ الخطة التي سوف تُطبّق خلال العام الدراسي مُشابهة لخطّة العام الماضي، فالصفوف التطبيقيّة والسريرية ستكون حضوريّة والبعض الاخر سيكون عن بُعد مراعاةً لازمة المحروقات، فضلاً عن جهوزيّة تامّة للتعامل مع الفيروس”، مُعتبراً أنّ “مطالب الاساتذة مُحقّة، وتُعرض عليهم الكثير من الفرص في الخارج إلاّ أنهم لا يزالون في لبنان إيماناً منهم برسالة التعليم وبهذه الجامعة، ولشعورهم بالانتماء إليها تماماً كطلاّبنا، ولكن في المُقابل، المطلوب من الدّولة الالتفات الى هذه المؤسّسة وتأمين الاحتياجات المعيشية للاساتذةومراعاة غلاء المعيشة، ليتمكّنوا من القيام بدورهم، فنحن لا نحلُم بالتّرف ولكنّ المطلوب هو الاستمرار بأداء واجباتنا تجاه طلاّبنا”.
وعن الواقع المعيشي للطلاّب، إقترح أيّوب “أن تلعب البلديات دوراً في هذا الشّأن خصوصاً في المناطق البعيدة عن الكليّات، وذلك عبر تأمين قاعات مجهّزة بالكهرباء والانترنت على سبيل المثال، ليتمكّن الطُلاّب من مُتابعة دروسهم عن بُعد”، أمّا بالنسبة لتسجيل نزوحٍ كبيرٍ من الجامعات الخاصّة الى “اللبنانيّة”، فيكشف أيّوب أنّ “الجامعة تفتح أبوابها لكلّ طالبي العلم في لبنان في ظلّ هذه الاوضاع، وسيفوق عدد المسجّلين في السنة الدراسيّة الجديدة الـ93 ألف طالب بعدما كان العدد 87 ألفاً خلال السنة السابقة، و82 ألف في السنة التي سبقتها”.
وفي الختام، أشار أيوب الى أنّ الفرق بين الجامعات الخاصّة والجامعة اللبنانيّة هو أنّ “الخاصّة” تُقدّم لها المُساعدات عبر الجهات المانحة، ولكن في المُقابل، هناك تردُّدٌ في مساعدة “اللبنانيّة” لعدم الثقة بالدّولة، بالرغم من أنّ الجامعة مارست الاصلاح في السنوات الماضية عبر التعاضد وحرصها الاساسي هو على مُستقبل الطلاّب وعلى شهاداتهم التي يحملونها بفخرٍ في العالم أجمع”.
عامٌ دراسي وتعليميّ جديد ينطلقُ بخوفٍ وتردّد كبيرين، في وقتٍ تغيب فيه الدّولة عن قطاع هو الاساس في النهضة والاصلاح الحقيقيّن اللذين يُعوّل عليهما لبنان للخروج من أزماته. وفي حين تكفهرّ فيه الافاق أمام الشباب في لبنان، ويسود كابوس التسرُّب الجامعي والتعليمي في صفوفهم، تُعقد الامال على من بَقي من أساتذة وما بَقي من صروحٍ تعليميّة، تُدرَّس فيها المواد والاختصاصات من والى مُناضلين يسعوون لابقاء شُعلة العلم مُضاءة في زمن الظُّلم والظّلام…