The News Jadidouna

” ‏بالعلم نقفز فوق عقبة فقر الموارد ” – بقلم الدكتورة بسمان الموسوي

كتبت الدكتورة: بسمان الموسوي

العلم و التقدم ما هو الا تطوير منطقي لما هو كائن إلى الافضل . و أن ما تملكه في البداية هو العامل الرئيسي لما يمكن أن تحققه في النهاية .

‏أن العلم ليس نشاطا قاصرا على قاعات الدراسة والتحصيل و لكنه يشمل صعيدا أوسع من هذا كثيرا، بأن يكون منهاجا و صورة للحالة العقلية لكل من اﻷديب و المفكر السياسي و اﻻقتصادي و العسكري و المدرس و المزارع و العامل و الفني حيثما وجد و مهما كان مجال نشاطه العلمي أو اﻷدبي .

لقد أصبح اﻷسلوب العلمي في التفكير و أتخاذ القرار و التنفيذ هو أسلوب حياة و منهاج في سائر بقاع العالم المتقدم . غير أن النظرة السائدة للبحث العلمي في العديد من البلدان العربية أنه وسيلة كسب عيش و أن أثره محدود لا يتجاوز جدران المعامل التي يتم فيها .
‏لم يحقق البحث العلمي رسالته في العديد من الدول العربية بسبب عملية اﻻستنزاف و الاستقطاب للقدرات العلمية العربية الى المجتمعات المتقدمة سعيا للرزق .

‏أن الدول العظمى تمتص بشكل متعاظم على الدوام عددا كبيرا من العقول العلمية التي تشتريها من الدول الرأسمالية وتوظف الكثير من اﻷموال في استثمار هؤلاء العلماء ومن المؤكد أن المجتمعات الكفيلةبتهيئة أنسب الظروف لنشاط هؤلاء العلماء هي أغنى المجتمعات و أكثرها تطورا .

و من الجدير بالذكر أن في العديد من الدول العربية قدرات علمية و عقلية على مستوى عال ، و لكن مثل هذه القدرات لا تحقق نجاحا إلا حين تختط المؤسسات العلمية أساليب علمية في أنجاز أعمالها ، و الباحث أبن الظروف التي يعيشها .

‏البحث العلمي سمة العصر اﻷساسية لقد تغلغل في حياة اﻷفراد و الدول بشكل لم يسبق له مثيل بحيث أصبح القوة الرئيسية التي تقرر مصائر الشعوب .

‏الثورة في العلوم و التكنلوجيا قد فتحت أمام الدول العظمى و الرأسمالية المعاصرة آفاقا غير محسوبة لتجديد صناعتها و توسيع نطاق تطبيقها ، بنجاح اﻷنسان في غزو الفضاء ، و بأفتتاح مجالات جديدة لﻷنتاج الصناعي لم يسبق لها وجود مثل مجال الحاسبات اﻷلكترونية و غيرها .

‏الثورة العلمية المعاصرة يمكن وصفها بأنها في الجوهر حالة عقلية عامة بتجريد أو مثالية أو نوعا من اﻷبتكار العلمي و في الواقع أستطيع القول بأنها الناتج الفكري الطبيعي و اﻷثر اﻷكيد على التوجه العقلي و أسلوب التفكير الذي نتج عن أنعكاس أهمية العلم في كل مظاهر الحياة.

و من الواضح أن‏‎ البحوث العلمية المتقدمة تحتاج تمويلا كبيرا ، و خبرة تكنيكية في مساعدي البحوث و هي أمور غير متوفرة في عالمنا العربي و لذلك يتخلف البحث العلمي كثيرا عن الحركة العالمية .

‏الجامعات ترقى سنويا العديد ، و ملفات الجامعات متخمة بالتقارير الممتازة لبحوث تسمى ( قيمة رائعة.) و.لكن ما.هي النتيجة ؟ بماذا أستفاد المجتمع ككل؟ نكاد لا نغالي و بشيء من التشاؤم – و.نقول لا شيء، مجموعة جهود فردية ، محافظة على التنافس لكي تفاجأ اللجان العلمية و تنبهر .

أن ‏‎البحوث العلمية المتقدمة تحتاج تمويلا كبيرا ، و خبرة تكنيكية في مساعدي البحوث و هي أمور غير متوفرة في عالمنا العربي و لذلك يتخلف البحث العلمي كثيرا عن الحركة العالمية .

‏يوجد العديد من العوامل ساهمت في تعطيل نمو الحركة العلمية في بلادنا وفي الكثير من البلدان العربية ، و جعلتها تقصر عن أداء رسالتها ، و أصبح اﻵن أمامنا هوة سحيقة بيننا و بين الثورة العلمية و التكنولوجية .

‏أن نظاما أجتماعيا مثل نظام التعليم و البحث العلمي تتزايد لديه درجة التعقد و الميل نحو سوء التنظيم على مدار الزمن مما يستلزم نظاما اداريا مستمر التطور يستطيع باستمرار أن يرفع من كفاءة النظام في تحقيق أهدافه و بالتالي يزيد درجة تنظيمه .

أن ‏نظام التعليم الجاد يجب أن يكون هدفه الرئيسي أن يربي في المتعلم اﻷلتزام واﻷنضباط العلمي في النظر الى اﻷمور و ينمي لديه أمكانية أستخدام المنهج العلمي في تحليل الظواهر و اﻷتساق عند اﻷنتقال من النتائج إلى المقدمات كما يجب أن يعلمه كيفية العثور على حلول للمشكلات .‏

أن أنجازات العلم و التكنولوجيا يجب أن تقبل المحاسبة الدقيقة ، و تقبل الرد الى التحليل الكمي ، و يجب أن تخضع لضوابط و أختبارات ذات نتائج يقينية ، و لا يمكن تصوير اﻷمور فيها على غير حقيقتها . كما أن البحوث العلمية التطبيقية لا بد من ارتباطها بخطة محددة تنبع أساسا من أحتياحات المجتمع و تهدف إلى خدمة و أداء متطلباته من تطوير في اﻷنتاج وتحسين مستواه وخلافه .. نحن في حاجة إلى ربط العلم باﻷنتاح حتى لا يكون العلم في واد و اﻷنتاج في واد آخر .

من الملاحظ أن ‏حصيلة البحوث المنجزة في الجامعات و مراكز البحوث لا يستفاد منها في المجال الصناعي نظرا لأنشغال المصانع بمشاكلها و تخوفها من التجارب الجديدة حرصا على تحقيق أهداف الانتاج .

أن للعلماء و المفكرين دور كبير ثقافيا و اجتماعيا بخلق المناخ العلمي في التفكير و هو دور سيكون له تأثيره المباشر على الحياة السياسية .

ومن المؤكد أن اﻷفلاس الفكري سوف يؤدي إلى عزل الدول عن التطور العلمي و التكنلوجي و بالتالي عن مواكبة مسار الحضارة اﻷنسانية .

في رأيي يجب أن تمتد ‏أستراتيجية التنمية إلى ما وراء التقدم المادي لتشمل القيم الثقافية و الأجتماعية للمجتمع ، و يجب أن تفيد الكتلة اﻷساسية من السكان ، و لا تفيد فقط أقلية من أصحاب اﻷمتيازات ، و ذلك من خلال أجراء التغيرات الاجتماعية اﻻقتصادية المناسبة .

وفي الختام أود أن أقول أن اﻷستثمار بالعقول العلمية بات في الظروف الراهنة من الناحيتين النظرية و العملية مسألة ذات بعد دفاعي أستراتيجي .

بقلم دكتورة : بسمان الموسوي

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy