The News Jadidouna

هل تنتهي معركة التدقيق الجنائي كما انتهت معركة الترسيم؟

سرقة اموال

جاء في “المركزية”:

منذ اشهر وبعيد انطلاق المفاوضات في الناقورة بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، برعاية اليونيفيل على اثر وساطة اميركية، باشر القصر الجمهوري ضغوطه لتعديل الخرائط التي على اساسها انطلقت محادثات ترسيم الحدود البحرية جنوبا. جهود بعبدا، حظيت بدعم عسكري – لا بل ان الجيش اللبناني كان الرافع الاول للواء تعديل الخط الذي تم تحديده- فنقل رئيس الوفد اللبناني العميد بسام ياسين وجهةَ النظر هذه، الى الناقورة، ما تسبّب بتوقّف المفاوضات… حسنا فعل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
فالاتفاق – الاطار، ظلم لبنان وسلبه نحو 1400 كيلومتر مربع من منطقته الاقتصادية الخالصة، هي حقّ له، مثبت بالمستندات والوثائق القانونية “التاريخية”،ما يعني ان لا يجوز التفريط بها وبما يمكن ان تحمله من ثروات نفطية وغازية. اثر انطلاق الرئيس عون في معركته، لم تعجب هذه التطورات رئيسَ مجلس النواب نبيه بري، عرّاب التفاهم الذي عمل عليه مع الاميركيين لسنوات، والذي اتاح انطلاق مفاوضات الترسيم.

في الاسابيع الماضية، تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، كثّف الفريق الرئاسي ضغوطه لتعديل مراسيم الترسيم: تحرّك على خط الوزراء المقرّبين منه وعلى رأسهم وزيرة الدفاع زينة عكر للدفع في هذا الاتجاه. طالب رئيسَ حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بالتصرّف وبتوقيع مراسيم التعديل. لم يكتف بذلك، بل ذهب عبر ذراعه النيابية اي تكتل لبنان القوي، وعبر مناصريه على وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر الاعلام الممانِع ايضا، الى حد تخوين مَن لا يوقّع على مرسوم تغيير الخرائط، مستهدفا بمواقفه هذه، الرئيس بري ووزيرَ الاشغال المحسوب على “المردة” ميشال نجار، معتبرا ان هؤلاء يفرّطون بحقوق لبنان وبمصالحه الوطنية العليا…

امام هذه الحملة، تتابع المصادر، قرّرت عين التينة السير بما تنادي به بعبدا، خصوصا وأن هدف رئيس “أمل” من الاتفاق-الاطار، كان صون “الجزء الاكبر” من الحقوق البحرية للبنان، لأن عدم التفاوض سيضيّعها كلّها. وبعد ان دقَق الوزراء المعنيون، من نجار الى عكر، بالقضية، قرّروا التوقيع على التعديل، قبل ان يوقّعه دياب ايضا، ليحال مساء الاثنين الى القصر الجمهوري.

لكن المفاجأة الكبرى كانت هنا! بعد كل المسار الذي سلكته بعبدا لتعديل المرسوم، لم توقّعه هي. فقد اصدرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بيانا جاء فيه: بناء لتوجيهات الرئيس أرسلت المديرية العامة كتابا للأمانة العامة لمجلس الوزراء تضمن مشروع مرسوم تعديل مرسوم6433 الذي يحتاج الى قرار الحكومة مجتمعة وفقا لراي هيئة التشريع والاستشارات حتى مع حكومة تصريف اعمال نظرا لاهميته وللنتائج المترتبة عليه…

هذه الفرملة المفاجئة، كما تقول الاوساط المعارضة، تقود الى اكثر من استنتاج ستبيّن الايام المقبلة ايا منها هو الادق: قد تكون بعبدا تريد ان تطالب الولايات المتحدة، عبر وكيل وزارة الخارجية الأميركية دايفيد هيل الذي وصل الى بيروت منذ ساعات، بثمنٍ ما، سياسي ربما، كرفع العقوبات عن النائب جبران باسيل، مقابل التراجع عن التعديل والعودة الى المفاوضات… يمكن ان يكون عون اراد فقط “كسر” بري وإبلاغه بأن لا يمكنه تجاوز بعبدا في اي ملف بعد ان عمل رئيس المجلس “سولو” على الاتفاق الاطار وحاول تصويره كـ”انجاز” لنفسه، فيما يرى عون ان توقيع المعاهدات الخارحية مِن صلاحياته هو، او قد يكون الرئيس لجم اندفاعته لقطع الطريق امام نيشان جديد سيعلّق على صدر قائد الجيش جوزيف عون، المبادِر الى المطالبة بالحقوق كاملة…

واخيرا قد يكون القصر خاض معركة تعزيز موقع لا اكثر، لتظهير نفسه ضنينا بالثروات التي يحتاج اليها لبنان اليوم اكثر من اي يوم، قبل ان يصطدم، عندما دقّت ساعة الحقيقة – بالوقائع والعوائق الدستورية التي نبّهه اليها المراقبون من سياسيين واعلاميين، منذ اسابيع، بعد ان كان راهن على الا يصل اليه المرسوم من مجلس الوزراء…

والخشية جدّية، من ان تكون معركة العهد في ميدان “التدقيق الجنائي” شبيهة جدا بمعركته لتعديل الترسيم: اما لتعزيز الوضعية، او للتفاوض مع الخارج او لإخضاع الخصوم في الداخل، تختم المصادر.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More

Privacy & Cookies Policy